من يدعم
فكر ابن تيمية بيننا؟!!
د. محمد إبراهيم بسيوني
قال عالم الأحياء البريطاني ريتشارد دوكنز "لم
يسجل التاريخ حادثة واحدة قام فيها ملحد أو متشكك أو لا أدري .. إلخ بوضع عَبوة
ناسفة قرب مسجد أو كنيسة أو أي بيت من بيوت الله من أي نوع. المفارقة المرعبة هنا،
أن أشد المؤمنين بالله تطرفاً، هم الذين يفخخون ويفجرون ويعتدون على بيوته
المقدسة".
منذ عام ونصف اقترفت داعش أكبر جرائمها الإرهابية فى
مصر عندما فجَّرت مسجد الروضة بمدينة بئر العبد بسيناء والتى أَسفرت عن وفاة ٣٠٥
شهيداً وإصابة ١٢٨. والمؤسف أن فكر ابن تيمية لازال سائداً، رغم انه لا يسمح
بإعمال العقل، ولهذا السبب أن أتابعه يسلمون لآراء غيرهم بكل سهولة مغيبين عقولهم،
لرجل عاش في القرن السابع الهجري .
من البديهي أن محاكمة شخص، مات منذ مئات السنين، وفق معاييرنا
وعلومنا المعاصرة، أمرٌ خاطئ، والخطأ يأتي من بداهة غياب ما يكفي من معلومات
موثوقة.
ومن البديهي أيضًا أن ابن تيمية ليس نبيًا ولا
قدّيسًا معصومًا، فهو نتاج عصره، عصرٌ سادته المآسي والحروب والمظالم والخيبات
الكبرى، فقد كان عصر انهيار الخلافة الإسلامية العباسية برمزيتها وقوتها المعنوية،
وبداية تهاوي الحضارة الإسلامية من منارة علمية وفكرية، إلى عصر ممالك وسلطنات وطوائف
ومذاهب وأعراق مُسيّرة ليقاتل بعضها بعضًا، ضمن مستنقع حروب داخلية وخارجية دموية.
ومن البديهي أن ابن تيمية أو أيّ عالم أو فقيه دين لا
يمثلون الإسلام بفكرهم وكتاباتهم، فمن الناحية الإسلامية والمنطقية من حق المسلمين
رمي كل ما أفتى به أو استنتجه رجال الدين المسلمين بكل طوائفهم، والإتيان بفهم
وتفسير مغاير؛ وأقول من حقهم ليس بمعنى الوجوب بل بمعنى الإمكان، لذلك من يثور
غاضبًا، من باب أن نقدَ أو الهجوم على ابن تيمية أو غيره، هو هجوم على الإسلام أو
السنة، عليه أن يعالج مشكلته بنفسه، فهو من يقزِّم الإسلام لمنتج بضعة عشرات أو
مئات من الشيوخ ورجال الدين.
إذا لم يكن منتج ابن تيمية أهمّ ما يستند إليه
الإسلام السياسي المعاصر، والقراءة الإسلامية المتطرفة عند السنة، فهو أحد أهم
الأسماء المؤثرة في تقوية هذا النهج المتطرف لقراءة الإسلام وعكسه على الواقع؛
فنقد وتحليل منتجه ومنتج كثيرين غيره من كل الطوائف، هو من أحد الواجبات الأساسية
لمواجهة التطرف الإسلامي تحت كل الرايات المذهبية والطائفية، سعيًا لإنقاذ
المسلمين والإسلام ودولهم، من أن يبقى إسلامهم أداة سهلة الاستخدام لصناع الحروب
والصراعات.
هذه المنهجية تهدد مستقبل الإسلام والدول التي تسيطر
عليها هذه المنهجية، فابن تيمية هو مجرد تمثيل لها، لأنه يُعدّ مع تلميذه ابن
القيم من الأعلى مكانة بين مراجع هذه المنهجية، وهي منهجية تتشابه مع ما تحاوله
السلطة الإيرانية مع طبقة من رجال الدين المتحالفين معها ترسيخه ما بين المسلمين.
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات