سيكولوجية الإشاعة
د. محمد إبراهيم بسيوني
الإشاعة هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في
المجتمع بشكل سريع وتُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها. ودائماً ما تكون هذه الأخبار
شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين وتفتقر هذه الإشاعات عادةً إلى المصدر
الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار. تعتمد سيكولوجية الخبر الكاذب عموما على
أن التأثير الأولي للخبر لا يزول من العقل الباطن للقارئ أو للمشاهد حتى بعد اتضاح
الحقيقة.
فالمطلوب من
هذه الأخبار المزيفة والشائعات هو التأثير النفسي السلبي.
المشاعر السلبية لها تأثير كبير على جموع من الناس،
فمشاعر الحزن والإحباط في الحالات الجماعية تتحول إلى احتقان ثم غضب.
يبقى فقط
توجيه هذا الغضب في الاتجاه المطلوب وهو اتجاه معروف في حالة الحملات الدعائية
الموجهة ضد أنظمة الحكم. حملات تقودها دول ضد دول ومنظمات معارضة ضد السلطة، وفي
كل الأحوال للاستخبارات اليد الطولي.
هذه الحملات الممنهجة تعتمد على التحرك بطريقة تبدو
عفوية عند وقوع ما يمكن أن يلهب مشاعر الناس.
فالعواطف المتأججة لا تعرف المنطق ولا تدقق في
المعلومة أو تحسب نتائج ردود أفعالها الغاضبة. مثل هذه الحملات تكلفتها كبيرة فهي
تحتاج فرقا تنتشر في وسائل الإعلام وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي وتحتاج دعما من الإعلام
التقليدي بالإضافة لبعض المواقف السياسية. عملية التنسيق هذه مكلفة لكنها بالتأكيد
أقل تكلفة بكثير من الحروب التقليدية والنتيجة أفضل لأنها بلا خسائر.
وهذه النوعية
من الحملات الإعلامية تظل مرتبطة بأحداث بعينها فهي قصيرة المدى لكن هناك نوعية
أخرى تكمل دورها وهي حملات متوسطة الأجل تعتمد على خلق الصورة الذهنية السلبية
وترسيخها في وجدان الناس.
ويتم ذلك بأسلوب الذبذبات المعلوماتية وهي عملية
تكرار معلومة ما بشكل مكثف ومن مصادر مختلفة. يؤدي تكرار المعلومة بشكل مكثف مع
تعدد مصادرها إلى خلق نوع من "الذبذبات المعلوماتية" القادرة على اختراق
الوجدان وتثبيت صورة ذهنية ما عن شخص أو نظام أو دولة كاملة. وبهذه الصورة الذهنية
الراسخة يسهل الحملات قصيرة المدى أن تؤدي دورها.
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات