القوة التدميرية للغباء
د. محمد ابراهيم بسيوني
الرجال أربعة: رجل يدري ولا يدري أنه يدري، فذلك غافل فنبهوه. ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري، فذلك جاهل فعلموه. ورجل يدري ويدري أنه يدري، فذلك عاقل فاتبعوه. ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فذلك أحمق فاحذروه. الإمام على بن أبى طالب..
عالم الاقتصاد الإيطالي كارلو سيبولا (١٩٢٢ - ٢٠٠٠)
كان يقول أن الأغبياء أخطر على الوجود الإنساني من اللصوص وقُطّاع الطرق لأن قاطع
الطريق يحصل على منفعة محددة من إيذاء الآخرين لكن الغبي لا يستفيد شيئا بل قد
يضرّ نفسه، ويقول أن الاستهانة بخطر الأغبياء هو السبب في انهيار الأمم والدول.
ويقول أن الغباء جوهر مستقل بذاته بغض النظر عن مستوى تعليم الفرد ودخله الاقتصادي
ونفوذه الاجتماعي وانتمائه العرقي والديني، الأغبياء منتشرون في كل ثقافة وحضارة
مهما بلغت عظمتها، ويشير إلى أن تعمّقه في الموضوع جعله يقع على أدلة تُفيد بوجود
علماء أغبياء (بعضهم حصل على جائزة نوبل). القوة التدميرية للغباء تكمن في صعوبة
التنبؤ بما سيُقدم عليه الغبي لعدم وجود أساس منطقي لأفعاله حيث يهاجمك بلا سبب
ودون سبق إصرار وترصد وبشكل غير متوقع في أي زمان ومكان، مما يُصعّب وضع إستراتيجية
دفاع لمواجهته، هنا يستشهد سيبولا بمقولةٍ لشيلر: الآلهة تحارب الغباء منذ زمن دون
جدوى.
سواء كانوا ساسة، علماء، نخب مثقفة، فنانين، عامة.
فسيفاء معتادة تشكل غالب المجتمعات البشرية، إلا أنه ثمة قوة ما تخالط هذا التجانس
، بقدر تفاهتها وبساطتها، وبقدر ما يكون الحديث عنها ضربًا من ضروب الهزل والفكاهة
تصاحبه البسمات والقهقاهات،فهي قادرة عن تدمير المجتمعات ومسؤولة عن البؤس والدمار
الذي يحل عليها.
الأغبياء :”المجموعة الأشد والأعتى قوة من المافيا،
ومن مجمع صناعي عسكري، ومن الشيوعية الدولية. وأظلم القوى التي تقيد نمو الرخاء
البشري وسعادته”، كما رآها المؤرخ الاقتصادي وصاحب المساهمات الغنية في حقول تاريخ
النقد وتاريخ الطب والتاريخ الاجتماعي، الإيطالي:كارلو م.سيبولا.
من منطلق تخصصه في الاقتصاد والاجتماع،أعاد كارلو
تعريف الغباء، في كتابه الذي اسماه “القوانين الجوهرية للغباء البشري” وحصرها بخمس
قوانين،سأورد في السطور التالية،خلاصتها :
1- القانون الأول: “دائما وحتمًا يقلل الجميع من
تقدير عدد الأفراد الأغبياء المنتشرين”.
2- القانون الثاني: “إن احتمالية أن يكون فرد ما
غبيًا،مستقل عن أي صفة أخرى لذلك للفرد”.
3- القانون الثالث: “المرء الغبي هو امرؤ يسبب
الخسارات لإمرئ آخر أو لمجموعة من الناس،بينما هو نفسه لا يكسب وربما يعاني
خسارات”.
4- القانون الرابع: “يقلل الناس غير الأغبياء دائمًا
من القوة المخربة التي لدى الأفراد الأغبياء. بالتحديد يستمر الناس غير الأغبياء
في نسيان حقيقة أن التعامل مع بشر أغبياء ينقلب دائما إلى خطأ مكلف في كل الأوقات
والأمكنة وتحت أية ظروف”.
5- القانون الخامس والأخير، وفيه خلاصة هذا المبحث:
“الإنسان الغبي هو أخطر أنواع الإنسان”.
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات