شعب مالوش حل
د.
محمد ابراهيم بسيوني
الشعب المصري دائما ما يجد
طريقة للعيش والتأقلم فأمام ضيق الحياة في الريف هاجر للحضر، ومع أزمة الإسكان في
المدن صنع العشوائيات، ومع فشل الحكومة في تقديم وسيلة مواصلات إبتكر الميكروباص
والتوكتوك، وعندما ساء التعليم تعلم في الكتاتيب والمعاهد الأزهرية المدعومة
بأموال آل سعود. وبعد أن أصبحت الدروس الخصوصية حكرا علي أبناء القادرين وتمثل
عبئا علي ميزانية العائلة المتوسطة أو الفقيرة إبتكر الغش الجماعي أو الالكتروني
أو بواسطة ميكرفون خارج لجنة الامتحان.
شعب عندما أغلقت المستشفيات
الحكومية في وجهه ذهب للعلاج في مستوصفات تابعة للمساجد. ولان مصاريف التقاضي لا
يقدر عليها إلا الاثرياء لجأ إلي جلسات التحكيم العرفية. وخرج للطرق الرئيسية يبيع
منتجات الحقل بعد عرض تجار الجملة اسعارا مخفضة للفاكهة والخضروات. وإخترق الطبقات
العليوى بلعبة كرة القدم وترك لابناء الباشوات السباحة والتنس والاسكواتش والرقص
التوقيعي.
وناسب الحكومة عن طريق نفوذ
أمناء الشرطة وصف ضباط الجيش. وفرض فنه وذوقه علي الاغنية والفيلم والمسلسل بما في
ذلك إرتداء الحجاب والنقاب الحل السحرى لعدم إستخدام مستحضرات التجميل وشامبوهات
النظافة وشراء الملابس.
شعب بكل طبقاته يرمي النفايات
في شوارع الحكومة ولا يحترم قوانينها ولوائحها لانها لا تضعه في إعتبارها وهي
تصدرها أو تنفذها بتعليمات مستفزة قاسية صعب تطبيقها الي آلية قابلة للتحقيق. وها
هو قد ملأ الطرقات المستجده بالرتش والقمامة ثم ترك الحكومة حائرة في حمايتها رغم
عنف الجزاءات في القوانين التي أصدرتها لمواجهة هذه الظاهرة.
شعب يتحرك بعرباته عكس الاتجاة
ولا يربط حزام الامان ولا يبالي بغرامات القانون، وقد يسير في القرى والكفور
بسيارة نقل او موتسيكل بدون نمر. وهو يسرق الكهرباء من أعمدة إنارة الشوارع
ويتحايل علي الارسال التلفزيوني المشفر فيشاهد ماتشات كأس العالم وكأس افريقيا بدون
إشتراك. ويسخر من مسرحيات الديموقراطية فلا يذهب لصندوق الاقتراع إلا عندما يدفع
الباشا المعلوم حتي لو كان الباشا تاجر مخدرات معتمد في الحي.
إنه شعب تدرب منذ الازل علي
الحياة في ظل الظروف الصعبة وكيف ينقل أزماته لتعكير مزاج الحكام والحكومة ثم يطل
علينا من ركام المهملين المهمشين (سنبل) وقد أصبح مليونيرا.
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات