صناعة الموت
د.
محمد إبراهيم بسيوني
في
عام 1975 اجتمع كبار السادة والمفكرين في هيئة أو مؤتمر أطلق عليه اسم (نادي روما).
منظمة
نادي روما مركز أبحاث غير حكومي غير ربحي في زيورخ بسويسرا يضم اقتصاديين وعلماء
وسياسيين من دول مختلفة لديهم اهتمامات مشتركة حول التحديات العالمية مثل الزيادة
السكانية والاحتباس الحراري. وضع خلاله هذا المؤتمر معادلة تتألف من ثلاثة محاور
لتقسيم الواقع وهي : - السكان - توزيع الثروة - الموارد الطبيعية ...
انتهت
إلى خلاصة مفادها أن عدد السكان في تزايد كبير بينما الموارد الطبيعية على
اختلافها في تناقص لذلك فالصراع الحقيقي سيكون على توزيع الثروة أي النفوذ لأن من
يمتلك الثروة سيمتلك النفوذ بمختلف الأحوال وبالتالي الحل كان هو الحد من زيادة
عدد سكان الأرض عبر وسائل عديدة أهمها :
أولا:
صناعة الحروب بمختلف أشكالها الدينية والإثنية والطائفية والعسكرية الأمنية عبر
اللعب على الاختلافات العرقية والدينية والمذهبية والجيوسياسية وتحويلها إلى
خلافات. أي صناعة الأيديولوجيات التي تمهد لظهور بوادر الحرب والخراب في كل مكان
من على سطح الأرض. وبالتالي هذا يتطلب وجود عدو دائم لكل أمة ومجتمع تتوفر فيه
الشروط والظروف الموضوعية المؤهلة لبوادر التناحر والاقتتال عبر تغذية وخلق هذا
العدو في كل زمان ومكان من عمر البشرية لذلك ظهرت في العصر الحديث مفاهيم ومصطلحات
عريضة كعنوان صراع الحضارات والقوميات مروراً بالعقائد الدينية وكان آخرها عنوان
أو مصطلح الإسلام هو العدو القادم إلى هذا العالم عبر الإسلام السياسي والمنظمات
الإرهابية والتكفيرية التي هي صناعة رأسمالية بامتياز وللعمل على هذا الجانب كان
لا بد من إتباع الوسائل والآليات التالية :
إتباع
سياسات اقتصادية استعمارية عبر استغلال ونهب ثروات الشعوب والبلدان الغنية
بالموارد والثروات الطبيعية ولكنها ضعيفة عسكرياً وأمنياً وهذا بعد أن تكون
أنهكتها الصراعات والحروب الداخلية أو الخارجية فتأتي الحلول الجاهزة والمعلبة
لتكمل عملية النهب عبر تقديم وصفات اقتصادية يكون لبوثها المساعدات والقروض
والتسهيلات الائتمانية من البنوك الدولية والهيئات الإغاثية التي هي في الأصل
أدوات بأيدي أولئك الشياطين الحقيقيين.
ثانيا السيطرة
الإعلامية وتتم عبر السيطرة على صناعة الخبر والمعلومة وتعليبها ومن ثمَ تقديمها
الى الناس بمفاهيم جديدة وعصرية تناسب مخططاتهم وتلعب على الوتر العاطفي والغرائزي
للإنسان والمجتمع ككل فتروج لمفاهيم مثل إن الحق والعيش والبقاء هو للإنسان المنتج
والفعّال وهو من يستحق العيش والبقاء مع الأخذ بالعلم إن تلك المجتمعات البشرية هي
ضحية ونتيجة للاستغلال والنهب الممنهج عبر التاريخ قامت به تلك الفئات القليلة
التي لطالما إعتاشت على امتصاص دماء البشر كما كان للسيطرة والنهب الممنهج عبر
العقود الطويلة أن أدى لتطور تلك الدول عبر امتلاكها للثروات من أن يؤدي الى
لاحتكارها للتفوق التقني والتكنولوجي لوسائل وأدوات الصناعة والإنتاج بمختلف
أشكالها مما أتاح لها وبشكل كبير عبر منظماتها وهيئاتها وشركاتها العابرة للقارات
من زيادة السيطرة على باقي شعوب المناطق الفقيرة وإقاعها بمآزق وحروب دائمة عبر
إيهامها بوجود ذلك العدو الخفي والدائم الحاضر في كل لحظة للانقضاض على ثروات
وتاريخ وثقافة ومستقبل تلك الشعوب المغلوب على أمرها.
لذلك
فتفاقم الحروب والأزمات وإستمراريتها هو صناعة بشرية شيطانية بإمتياز تمت بدراسة
متأنية وبعقل بارد لخلق أزمات عالمية اقتصادية وعسكرية وأمنية في كل منطقة من هذا
العالم بهدف بيع وإستهلاك أدوات ومنتجات الحرب ألا وهي الأسلحة العسكرية لإستنزاف
خيرات الشعوب والبلدان ليتم لهم الهدف الحقيقي والبعيد ألا وهو تجميع الثروة
واحتكارها بيد قلة قليلة لا يتجاوز عددها المئات في هذا العالم وبذلك تدوم لهم
السيطرة والنفوذ المالي المرعب مدعومين بأدوات مرتهنة لهم من هيئات ومؤسسات وشركات
تعمل في الظاهر على أن هدفها إنساني بحت لكن في الحقيقة هي تنفذ مخططات مدروسة
وممنهجة وبرامج محددة في كل زمان ومكان لخدمة الأسياد حكّام العالم وسادته الخفيين.
وفي
المحصلة إن التحدي كبير والهدف أكبر على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي
لمحاربة تلك المخططات الشيطانية وبالتالي على الدول والمجتمعات التي تود النهوض
والتقدم الى ركب الحضارة من الاعتماد أولا على المخزون البشري الذاتي والموارد
الطبيعية في أي بلد وأٌمة وإتباع سياسات واضحة المعالم هدفها إعادة بناء الفكر
الإنساني وتكريس مفاهيم الوطن والمواطنة وتشجيع روح الإبداع والابتكار وتحمل
المسؤوليات إضافة الى المحاسبة الجادة في محاربة الفساد والمفسدين وخاصة المرتبطين
بسياسات عابرة للقارات هدفها هو خدمة المشروع العالمي الكبير في تفتيت الإنسان
أولاً والمجتمع ثانياً عبر صناعتها لثقافة الموت والحرب.
عميد
طب المنيا السابق
0 تعليقات