اغتيال والي مصر عباس باشا الأول..
سامح جمال
في مثل هذا اليوم13 يوليو 1854م..
إغتيال والي مصر عباس باشا
الأول..
عباس باشا الأول (1813 - 1854)
ثالث حكام مصر من الأسرة العلوية. وهو عباس بن طوسون بن محمد علي وتولى حكم مصر
بين عامي(1848 – 1854). ويصح اعتبار عصر عباس باشا الأول عهد رجعية، ففيه وقفت
حركة التقدم و النهضة التي ظهرت في عهد محمد علي.
ولى عباس الحكم بعد وفاة
إبراهيم باشا ، وفي حياة محمد على باشا ، وهو ابن طوسون بن محمد علي، لم يرث عن
جده مواهبه و عبقريته، و لم يشبه عمه إبراهيم في عظمته و بطولته ، بل كان قبل
ولايته الحكم و بعد أن تولاه خلوا من المزايا و الصفات التي تجعل منه ملكا عظيما
يضطلع بأعباء الحكم و يسلك البلاد سبيل التقدم و النهضة.
بذل محمد على شيئا من العناية
في تعويد عباس ولاية الحكم إذ كان اكبر أفراد الأسرة العلوية سنا، و بالتالي أحقهم
بولاية الحكم بعد إبراهيم باشا، فعهد إليه بالمناصب الإدارية و الحربية. فتقلد من
المناصب الإدارية منصب مدير الغربية . ثم منصب الكتخدائية التي كانت بمنزلة رئاسة
الناظر . و لم يكن في إدارته مثلا للحاكم البار, بل كان له من التصرفات ما ينم عن
القسوة, و كان يبلغ جده نبأ بعض هذه التصرفات, فينهاه عنها, و يحذره من عواقبها, و
لكن طبيعته كانت تتغلب على نصائح جده و أوامره.
إدارته لمديرية الغربية:
عباس باشا حلمى هو احد حكام
مدينة المحلة ومديريه الغربية في عهد جده محمد باشا على واصبح فيما بعد عباس باشا
حلمى الذى حكم مصر ترك عباس باشا كثير من العلامات في مدينة المحلة ومنها
مبنى المديرية
قصر الاقامة (بنك مصر)
ترميم عدد من المساجد والقباب
محطة السكك الحديدية القديمة (
ثمان أرصفة)
مبنى العموديه للمدينة بصندفا
تغير اسم مديرية الغربية إلى
اسم مديرية روضة البحرين بعد ضم مديرية المنوفية للغربية
نقل عاصمة الغربية من المحلة
إلى طنطا بعد حكم دام قرون عديدة
إدخاله السكك الحديدية:
في عهد عباس باشا
الأول تم توقيع اتفاق مع الحكومة الإنجليزية لإنشاء خط للسكك
الحديدية بين القاهرة والإسكندرية وخط آخر بين القاهرة والسويس.
تم إنجاز الجزء الأول من الخط الأول عام 1854 قبل وفاة عباس
الأول، واكتمل الخط الثاني عام 1858، هو ما استدعي إنشاء محطة
السكة الحديد الرئيسية في ذلك المكان (ميدان باب الحديد/ميدان رمسيس)
عام 1856، لتبدأ الأهمية الحقيقة للميدان كبوابة للقاهرة جذبت
حولها الفنادق الكبري المقامة بميدان الأزبكية وشارع الجمهورية
(شارع إبراهيم باشا سابقاً).
الخبرة العسكرية:
ومن الوجهة الحربية فقد اشترك
مع إبراهيم باشا في الحرب السورية، و قاد فيها أحدى الفيالق، و لكنه لم يتميز فيها
بعمل يدل على البطولة أو الكفاءة الممتازة.
و بالجملة فلم تكن له ميزة
تلفت النظر، سوى أنه حفيد رجل عظيم أسس ملكا كبيرا. فصار إليه هذا الملك، دون أن
تؤول إليه مواهب مؤسسة، فكان شأنه شأن الوارث لتركة ضخمة جمعها مورثه بكفاءته و
حسن تدبيره و تركها لمن هو خلو من المواهب و المزايا. وكان إبراهيم باشا لا يرضيه
من عباس سلوكه و ميله إلى القسوة و كثيرا ما نقم عليه نزعته إلى إرهاق الآهلين،
حتى أضطره إلى الهجرة للحجاز، وبقى هناك إلى أن داهم الموت عمه العظيم.
ولايته الحكم:
كان عباس باشا متغيبا بالحجاز
لما عاجلت المنية إبراهيم باشا، فاستدعي إلى مصر ليخلفه على دست الحكم تنفيذا
لنظام التوارث القديم الذي يجعل ولاية الحكم للأرشد فالأرشد من نسل محمد علي، و
تولى الحكم في 24 نوفمبر سنة 1848 ( 27 ذي الحجة سنة 1264 هـ ).
بقي عباس في الحكم خمس سنوات و
نصفا، و كان يبدو في خلالها غريب الأطوار، شاذا في حياته, كثير التطير، فيه ميل
إلي القسوة، سئ الظن بالناس، ولهذا كان كثير ما يأوي إلى العزلة، و يحتجب بين
جدران قصوره. وكان يتخير لبنائها الجهات الموغلة في الصحراء أو البعيدة عن الأنس،
ففيما عدا سراي الخرنفش، وسراي الحلمية بالقاهرة، وقد بنى قصرا فخما بصحراء
الريدانية التي تحولت إلى العباسية أحد أشهر احياء القاهرة سميت من ذلك الحين
باسمه، و كانت إذ ذاك في جوف الصحراء, وقد شاهد الميسو فردينان دلسبس هذا القصر
سنة 1855، فراعته ضخامته، و ذكر أن نوافذه بلغت 2000 نافذة، وهذا وحده يعطينا فكرة
عن عظمة القصر و أتساعه، فكأنه بني لنفسه مدينة في الصحراء، و بنى قصرا أخر نائيا
في الدار البيضاء, الواقعة بالجبل على طريق السويس المقفر, ولا تزال أثاره باقية
إلي اليوم، وقصر بالعطوف ( ذكره على باشا مبارك في الخطط ج 7 ص 63 ). و قصرا في
بنها على ضفاف النيل, بعيدا عن المدينة. وهو الذي قتل فيه.
و قد أساء الظن بأفراد أسرته,
و بكثير من رجالات محمد على و إبراهيم, و خيل له الوهم أنهم يأتمرون به, فأساء
معاملتهم, و خشي الكثير منهم على حياتهم, فرحل بعضهم الي الأستانة, و البعض إلى
أوربا. خوفا من بطشه, و اشتد العداء بين الفريقين طول مدة حكمه, وبلغ به حقده على
من يستهدفون لغضبه انه حاول قتل عمته الأميرة نازلي هانم، و اشتدت العداوة بسنهما
حتى هاجرت إلى الأستانة خوفا من بطشه.
و سعى في أن يغير نظام وراثة
العرش ليجعل ابنه إلهامي باشا خليفة للحكم, بدلا من سعيد باشا, و لكنه لم يفلح في
مسعاه, و نقم على سعيد الذي كان بحكم سنه ولى العهد. واتهمه بالتآمر عليه، و اشتدت
بينهم العداوة حتى أضطره إن يلزم الإسكندرية، و أقام هناك بسراي ( ألق بارى ).
و انتشرت الجاسوسية في عهده
انتشارا مخيفا, فصار الرجل لا بأمن على نفسه من صاحبه و صديقه, و من يغضب عليه ينفيه
إلى السودان و يصادر أملاكه. وكان نفى المغضوب عليهم إلي أقصى السودان من الأمور
المألوفة في ذلك العصر.
و كان عباس مولعا بركوبة الخيل
و الهجن, يقطع بها المسافات البعيدة في الصحراء، و له ولع شديد باقتناء الجياد
الكريمة, يجلبها من مختلف البلاد، و يعني بتربيتها عناية كبرى، و بنى لها
الاصطبلات الضخمة، و أنفق عليها بسخاء، شأن هواة الخيل.
سياسته العامة
يختلف عهد عباس عن عصر محمد
علي، فان حركة النهضة و التقدم و النشاط التي امتاز بها هذا العصر قد تراجعت كما
قلنا في عهد عباس, و هناك ظاهرة أخرى للفرق بين العهدين، ذلك أن محمد على كان
يستعين بذوي العلم و الخبرة من الفرنسيين في معظم مشاريع الإصلاح, لكن ( عباس )
لكونه لم يفكر في تعهد هذه الإصلاحات أقصى معظم هؤلاء الخبراء و أستغني عنهم, و قد
تضائل النفوذ الفرنسي في عهده, و لم يعد إلى الظهور إلا في عهد سعيد باشا, و من هنا
نعرف سببا لتحامل كثير من المؤرخين و المؤلفين الفرنسيين على عباس, فانه وان كانت
أعماله لا تدعو إلي الإطراء, لكنا نعتقد أن إحكام الفرنسيين عليه لا تخلو من
التحامل, لتأثرهم من تضاؤل النفوذ الفرنسي في عهده, من أجل ذلك نراهم يكيلون المدح
جزافا لسعيد باشا, و نعتقد أن هذا راجح إلى ميوله الفرنسية و عودة النفوذ الفرنسي
إلى مصر في عهده, علي يد المسيو فيردنان دلسبس و أمثاله ممن اتخذهم سعيد بطانته و
أولياءه.
فعباس إذن قد أقصى عنه الخبراء
من كبار رجال الموظفين الفرنسيين فلم يعد لهم نفوذ لديه, بل لم يكن يعاملهم معاملة
عطف و احترام, و أستغني عن خدمة بعضهم.
وعلي العكس, بدأ النفوذ
الإنجليزي في عهده علي يد المستر ( مري ) القنصل البريطاني في مصر و وقتئذ، فقد
كان له عليه تأثير كبير, و له عنده كلمة مسموعة.
ولا يعرف السبب الحقيقي لهذه
المنزلة، سوي أنه نتيجة المصادفة، فان المملوك و الأمراء المستبدين ليس لهم قاعدة
مستقرة، و لا تصدر أعمالهم عن برنامج أو تفكير، بل يتبعون الهوى في كثير من
أعمالهم، و قد يكون لكفاءة المستر مري دخل فيما ناله عند عباس من النفوذ، و قيل
أنه كان يستعين به في السعي لدى حكومة الاستعانة بواسطة سفير إنكلترا لتغيير نظام
وراثته العرش, كي يؤول إلى ابنه إلهامي، و في رواية أخري انه كان يستعين به و
بالحكومة الإنجليزية ليمنع تدخل الاستانة في شئون مصر إذ كانت تبغي تطبيق القانون
الأساسي المعروف بالتنظيمات على مصر.
وبعد حوالي ثلاثة سنين من حكمه
تمرّد حاكم الإسكندرية شيركو باشا عليه بسبب بطشه المفرط تجاه المصريين وأعلن
الثورة عليه وأيده الكثير من أهل الإسكندريةولكن سرعان ما أرسل عباس باشا قواته
التي بلغت 30 ألف إلى أطراف الإسكندرية وحاصرتها وبدأت بقصفها بالمدفعية وبقيت
الإسكندرية محاصرة لمدة شهر ومن ثم استسلم شيركو باشا لحقن الدماء التي سفكت في
المدينة على أيدي جيش عباس باشا والتي بلغت 300 قتيل مدني وثائر مسلح ومجرد أن سلم
نفسه قام الجند بأمر من عباس باشا بفصل رأس شيركو عن جسده وتحريكها بمدينة
الإسكندرية وإنتقاماً من أهالي الإسكندرية وضع عباس باشا الأول عدة قوانين تضيق
الخناق على الإسكندريين واستمرت حتى وفاته.
وفاته
كان مصرعه اغتيالاً على يد
اثنين من عبيده في قصره في بنها. وقد خلفه عمه سعيد باشا الذي كان أصغر سناً منه...
وقالت الدكتورة عفاف لطفي
السيد-مارسو - جريدة الأخبار 23 ديسمبر 2008م السنة 57 العدد 17685 عن خبر بعنوان
نظرة إلي المستقبل ويسألونك عن التخلف: مصر
وأسرة محمد علي :
"لم يكن إسماعيل وحده
السفاح. ظهر سفاح آخر في أولاد محمد
علي هو حفيده عباس، من ابنه
طوسون، الذي كان أيضاً
شاذاً جنسياً. وقد
اصبح هذا السفاح الشاذ خديوي لمصر. وعندما
مات جده مؤسس العائلة الحاكمة ،
باني مصر الحديثة، في
عهده رتب لجثته جنازة وضيعة علي حد وصف الدكتورة عفاف."
زوجاته وأبنائه
ماهوش قادين
أنجب منها : الأمير إبراهيم إلهامي
باشا.
شازدل قادين الجركسية
أنجب منها : الأمير مصطفى -
الأميرة حواء.
هواية قادين
أنجب منها : الأمير محمد صديق
- الأميرة عائشة.
همدم قادين
پرلنته هانم
-كان عباس حلمي باشا يكره
الأجانب وبخاصة الفرنسيين، كما كان يحتقر المصريين ولا يأمنهم.
- كان لعباس باشا زوجتان و3
مستولدات وهن، وفقا لما ذكره المؤرخ عزيز بك خانكي في كتابه «نفحات تاريخية»،
الصفحة 48، الأميرة ماهوش قادين ورزقت منه بالأمير إبراهيم باشا، والأميرة شاز دل
قادين الجركسية ورزقت منه بالأمير مصطفي والأميرة حواء، وكان للأميرة شاز دل قادين
وقف خيري كبير في البحيرة، كما كان لها وقف أهلي على عتقائها من الجواري والعبيد
بلغت مساحته 250 فدان، وتوفيت في 22 ديسمبر 1897، والأميرة هواية قادين ورزقت منه
بالأمير محمد على صديق الذي توفي في الحجاز، والأميرة عائشة صديقة التي توفيت
صغيرة السن عام 1854، ودفنت بالإمام الشافعي، والأميرة همادم التي توفيت بالقاهرة
عام 1851، ودفنت بالأمام الشافعي ولم ترزق منه بأولاد، والأميرة برلانته التي
توفيت في القاهرة عام 1892، ودفنت بالمغاوري.
عندما توفي الأمير طوسون باشا،
نجل محمد على باشا، والأميرة أمينة هانم حزنت عليه الأميرة حزنًا شديدًا، وتعلقت
بحفيدها عباس باشا بحب رهيب، وكانت شديدة الغيرة عليه ودللته بطريقة مسرفة، لدرجة
أنها أمرت الخدم بعدم معارضته أو مضايقته أو توبيخه تحت أي ظرف من الظروف وإلا
تعرض الفاعل لعقاب شديد، وفقا لما ذكرته إحدى أحفاد الأسرة المالكة نيفين يسري في
كتابها «قسمة»، ص 160.
-. كان «عباس» ذكيًا وسريع
البديهة ولماحًا يلتقط ما لم يكن ينبغي أن يعرفه، ومنذ صغره فهم كيف يمكنه استغلال
تعلق جدته به إثر وفاة ولده طوسون، وعندئذ قرر الاستفادة من ذلك الوضع فكان يجمع
كل المعلومات التي يمكنه الحصول عليها ليستغلها للحصول على ما كان يريد، كما ذكرته
نيفين يسري في كتابها «قسمة»، ص 175.
- كان لنشأة عباس باشا في جو
الحرملك المليء بالغموض والمكايد سببًا في كونه شب شكاكًا وكتومًا، حيث كان محاطا
بكثير من الخدم الذين يؤمنون بالسحر والشعوذة أثر كبير في تصرفاته وانعدام الثقة
في كل المحيطين به بما فيهم أفراد أسرته، وفقا لما ذكرته نيفين يسري في كتابها.
- من بين العادات والتقاليد
الهامة التي اتبعها عباس باشا عندما يبلغ أحد أنجاله سن البلوغ يأمر إدارة الخزينة
دار الباشا بأن يباشر ولده أداء الصلوات الخمس المفروضة في أوقاتها، وأمرهم
بتشويقه وترغيبه في أداء الصلوات ولا يتركوا له السبيل للإهمال كما فعل مع نجله
الأمير إلهامي باشا، وفقا لما ذكره الأمير محمد على توفيق في كتابه «مجموعة
الخطابات والأوامر الخاصة بالمغفور له عباس الأول»، ص 83.
-. يذكر نوبار باشا في مذاكرته
قيام عباس باشا بإصدار أوامره بحياكة شفتي إحدى نسائه لأنها مارست التدخين في جناح
الحريم مما يعني أنها خالفت تعاليمه، وفقا لما ذكره المؤرخ نوبار باشا في مذكراته،
ص 59.
-. كان عباس باشا مؤيدًا
للشيخ محمد بن عبدالوهاب، مؤسس الدولة السعودية، وقام بتهريب أحد أبنائه أثناء
وجوده في السجون المصرية بعد أسره في المعركة التي خاضها عمه إبراهيم باشا، والي
مصر ضد الدولة السعودية الأولى، كما قام بإحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر في مصر.
- في عام 1849 قام عباس باشا
بتشكيل المجلس الخصوصي وعدل اسمه إلى ديوان محافظة مصر، وفي العام نفسه قام عباس
باشا بتشكيل مجلس الأحكام، وكان يشارك المجلس الخصوصي في السلطة التشريعية، كما
كان يشرف على السلطة القضائية، وفقا لما ذكره المؤرخ زين العابدين شمس الدين في
كتابه «مصر في عهدي عباس وسعيد»، ص 47.
- في عهده تم اكتشاف مقبرة
مدفن العجول بسقارة عام 1850، ومن هنا بدأت دار التحف تزداد أهمية، وفقا لما ذكره
عثمان كارولين في كتابه «خصوصيات عائلة ملكية»، ص 31.
- اهتم عباس باشا بإعداد الطرق
ووسائل النقل لتوسيع حركة التجارة الداخلية والخارجية، فأصلح طريق القاهرة السويس
عام 1849 لسرعة حركة التجارة مع البحر الأحمر.
-. عام 1852 شرع عباس باشا في
مد السكة الحديدية من الإسكندرية إلى القاهرة، وكانت هذه السكة الحديدية أول خط
حديدي أنشأ في مصر بل في الشرق، فخلال زيارة السلطان عبدالعزيز مصر في عهد إسماعيل
باشا عام 1863 ركب القطار من الإسكندرية إلى القاهرة تملكه العجب، لأنه لم يكن رأي
القطارات البخارية في حياته، وفقا لما ذكره المؤرخ زين العابدين في كتابه «مصر في
عهدي عباس وسعيد»، ص 30.
- كان عباس باشا مولعًا بركوب
الخيل والهجن، ويقطع بها المسافات البعيدة في الصحراء، وكان له ولع شديد باقتناء
الجياد الكريمة حيث كان يجلبها من مختلف البلاد ويعني بتربيتها عناية كبرى، وبنى
لها الإسطبلات الضخمة وأنفق عليها بسخاء شأنه شأن هواة الخيل.
-. ترك عباس باشا بعد وفاته
خيول عربية لابنه إلهامي باشا، لكنه انصرف عنها وباع حوالي 200 رأس من صفوة الخيل،
اشترى أكثرها على باشا شريف، رئيس مجلس شورى القوانين، فاستمر في تربيتها وأسس
إسطبلات في الشارع الذي يعرف بالهدارة الذي يؤدي إلى شارع عبدالعزيز في القاهرة،
كما ذكر المؤرخ عادل ثابت في كتابه «قبل الطوفان».
-. من أهم أعماله الخيرية أنه
قام عام 1849 بتجديد جامع ومدرسة القاضي عبدالحفيظ بدار الخرنفش، وأنشأ جامع
العشماوي، وكان في البداية زاوية صغيرة يقيم بها الشيخ درويش العشماوي، وقام
بتجديد جامع السيدة سكينة عام 1850، وفقا لما ذكره المؤرخ على مبارك في كتابه
«الخطط التوفيقية».
-. أصدر عباس باشا أمرًا عام
1851 بإنشاء مصنع الثلج بالأزبكية طبقا لتصميم وضعه القنصل الإنجليزي، بالإضافة
إلى كونه قام بتجديد زاوية الفناجيلي للشيخ حسن الفناجليلي الذي بشره بأنه سيصبح
واليا على مصر بعد وفاة عمه إبراهيم باشا، وحدث بالفعل ذلك فقربه إليه عباس باشا
وأمر بمرتب شهري له دائم، كما قام بتجديد تكية النقشبندية للشيخ محمد عاشق أفندي
عام 1851، وفقا لما ذكره المؤرخ على مبارك باشا في كتابه «الخطط التوفيقية».
-قام بوضع الحجر الأول لمسجد
السيدة زينب بيده، وكان لذلك احتفال عظيم حضره كثير من الأعيان ورجال الدولة،
وذبحت فيه الذبائح، وفرقت الصدقات الكثيرة على الفقراء والمساكين، وفي عام 1852
قام بوضع حجر الأساس للمسجد الأحمدي بطنطا ومدحه الأديب على الدرويش بقصيدة شعرية
لهذا العمل الجليل، وفي عام 1853 قام عباس باشا بوضع أساس المسجد الزينبي ومدحه
الأديب على الدرويش بقصيدة، وفقا لما ذكره الأمير محمد على توفيق في كتابه «مجموعة
الخطابات والأوامر الخاصة بعباس الأول»، ص 92.
-. كما فتح عباس باشا بابا
جديدا لتجنيد العبيد لم يطرقه محمد على باشا، حيث أصدر قانونا جديدا للقرعة
العسكرية، أو البدل الشخصي، حيث كان الأمور ميسورا بالنسبة للأغنياء وأهل الصنعة،
فإذا طلب أحد من أفراد الطبقة العليا أو المتوسطة بادر بتقديم عبدبدلا عنه بشرط أن
يكون العبيد بلغ سن التجنيد.
-. كما قامت والدة عباس باشا،
الأميرة بمبا قادين، بشراء خاتم من الياقوت بمعرفة أرباب الخبرة وقدر ثمنه بخمسة
عشر كيس دينار، كما أمرت أيضا بخاتم آخر مثله، وفقا لما ذكره الأمير محمد على
توفيق في كتابه «مجموعة خطابات والأوامر الخاصة بالمغفور له عباس باشا الأول»، ص
126.
. -عندما تولى عباس باشا الحكم
أغدق حوالي 11500 فدان من أجود الأراضي الزراعية على زوجات محمد على باشا وزوجات
إبراهيم باشا وبعض من أنجالهم وكريماتهم حتى يكون معه في صراعه مع باقي أفراد
الأسرة الذين رفضوا أن يأخذوا جزء من حقهم في ميراث أبيهم محمد على باشا، وفقا لما
ذكره المؤرخ عماد هلال في كتاب «الرقيق في مصر».
-عمل «عباس» على التوسع في
الري الدائم والاهتمام بمنشآت ري الحياض، وفي عام 1849 بتطهير ترعه الخطاطبة، وفي
العام نفسه إنشاء محطة طلمبات عند المنعطف لرفع مياه النيل على ترعه المحمودية
التي نتجت عنها زيادة مساحة الأراضي الزراعية، وفي عام 1850 بلغت مساحة الأراضي 4
مليون و200 ألف فدان بعد أن كانت مليون و856 ألف عام 1840، وفقا لما ذكره المؤرخ
زين العابدين شمس.
-. في نفس الوقت كان عباس باشا
يقسو على الفلاحين ويرهقهم، وكان عطوفا على الأعراب البدو وكان يتغاضى عن نشاطهم
في السطو والنهب والتخريب، بل ويغدق عليهم بالأموال ويشجعهم على فرض الإتاوات على
الفلاحين ويستخدمهم في إذلال المصريين، وفقا لما ذكره المؤرخ جمال بدوي في كتابه
«محمد على وأولاده»، ص 119.
-. كان عباس باشا يفضل الجهل
والظلام والرعب ولكنه لم يفتح أبواب مصر للتدخل الأجنبي فيه، ولا للدولة
العثمانية، ولكنه ترك خزانة مصر حرة من أثقال الديون الأجنبية، حيث تؤكد الوثائق أن
عباس باشا حين قتل ترك مالية الدولية مدينة بما يقارب مائة مليون فرنك .
- في عهده انتشرت الجاسوسية
بشكل مخيف، وكانت أبسط العقوبات لديه النفي إلى أقصي السودان ومصادرة أملاكهم إذ
وجدت.
-. أساء الظن بأفراد أسرته
وخيل له الوهم أنهم يتآمرون عليه فأساء معاملتهم وخشي الكثير منهم على حياتهم فرحل
بعضهم إلى الأستانة والبعض إلى أوروبا خوفًا من بطشه، واشتد العداء بين الفريقين
طول مدة حكمه، وبلغ به حقده على من يستهدفون غضبه إنه حاول قتل عمته الأميرة نازلي
هانم، واشتدت العداوة بينهما حتى هاجرت إلى الأستانة خوفًا من بطشه، التي تأمرت
عليه هي وشقيقتها الأميرة زينب هانم للتخلص منه حيث كان لكل منهما دوافعها التي
أدت في النهاية إلى اغتياله عام 1854، وفقا لما ورد في دار الوثائق القومية: محافظ
الأبحاث، ملف الأميرة فاطمة الزهراء.
-قام عباس باشا بطرد الأقباط
من وظائفهم ونقل كثيرين منهم إلى السودان.
- يذكر الدكتور عادل ثابت في
كتابه «قبل الطوفان» أن عباس باشا بلغ سوء الإدارة في عهده حدًا ليس له مثيل، فكان
موظفو الحكومة يقبضون مرتباتهم على هيئة تذاكر، أي اعتراف رسمي بالمبلغ المستحق
وليس نقدًا، وكان الموظفون الحكوميون مجبرين على بيع هذه التذاكر لليهود بخسارة
تصل إلى 15 أو 20 وأحيانا 30% من قيمتها.
- كان لعدم إشراف عباس باشا
على إدارة الأقاليم عن قرب أثر في فساد أجهزة الإدارة بها، فانتشرت الرشوة وأساء
مشايخ القرى استغلال سلطاتهم في جمع الأنفار للأشغال العامة.
-. في أغسطس 1851 أصدر «عباس»
أمرًا بعدم تجاوز معاقبة الأشخاص بالضرب أكثر من 200 جلدة للجرائم الكبرى وأقل من
ذلك للجرائم الصغرى مع ضرورة الكشف الطبي على من يتم عقابهم لمعرفة مدى تحملهم،
وفقل لما ذكره زين العابدين شمس في كتابه «مصر في عهدي عباس وسعيد».
بحسب كتاب "البحث فى الأوراق القديمة" للكاتب مصطفى نصر، فأن مقتل عباس يحوى روايتان، إحدهما ذكرها إسماعيل باشا سرهنك فى كتابه "حقائق الأخبار عن دول البحار الجزء2" وتقول: إن عباس كانت له حاشية من المماليك يقربهم إليه ويصطفيهم، ويتخذ منهم خواص خدمه، ولهم عنده من المنزلة ما جعله يغدق عليهم الرتب العسكرية العالية، على غير كفاءة يستحقونها، وكان لهم كبير من غلمانه، يسمى خليل درويش بك، وقد أساء معاملة أولئك المماليك، فاستطاعوا عليه بالغمز واللمز، وخاصة لأنه صغير السن، فسخط عليهم وسكاهم إلى مولاه، فأمر بجلدهم، فجلدوا وجردوا من ثيابهم العسكرية، وألبسهم الخشن، وأرسلهم إلى الإسطبلات لخدمة الخيل، لكن مصطفى باشا أمين خزانة الوالى، أشفق عليهم، فطلب العفو عنهم، فاستجاب عباس وعفا عنهم، وردهم إلى مناصبهم، فجاءوا إلى بنها ليرفعوا واجب الشكر للوالى، ولكنهم أضمروا الفتك به انتقاما لما أوقع بهم، فائتمروا عليه مع غلامين من خدمة السراوى يدعى أحدهما عمر وصفى، والآخر شاكر حسين، واتفق الجميع على قتله، حيث كان من عادة عباس عند نومه أن يقوم على حراسته غلامان من مماليكه، وفى هذه الليلة كان الغلامان المذكوران يتوليان حراسته، فجاء المؤتمرون وهو نائم، قتلوا ثم أوعزوا إلى الغلامين بالهرب فهربا.
أما الرواية الثانية عن مقتل
عباس الأول ترويها مدام أولمب إدوار فى كتابها "كشف الستار عن أسرار
مصر" وخلاصتها: إن الأميرة نازلى هانم عمه عباس كانت فى الأستانة وأرسلت
مملوكين من أتباعها لقتله، واتفقت وإياهما على أن يعرضا أنفسهما فى سوق الرقيق
بالقاهرة كى يشتريهما عباس ويدخلهما فى خدمته، وكان المملوكان على جانب كبير من
الجمال، مما يرغب وكيل الوالى فى شرائهما، فقد كانت الأوامر أن يختار الوكيل أشد
الغلمان جمالا.
فجاء الغلمان إلى القاهرة
ونزلا سوق الرقيق ورآهما مندوب الوالى، فرقه جمالهما، فاشتراهما وأدخلهما سراى
مولاه ببنها، فأعجب عباس بهما، وعهد إليهما بحراسته ليلا، فما أن استغرق فى النوم،
حتى انقضا عليه وقتلاه، وهربا إلى القاهرة ثم منها إلى الأستانة، حيث تنتظرهم
مكافأة سخية من نازلى هانم على تنفيذ المؤامرة.!!
0 تعليقات