آخر الأخبار

إطلالة على كتاب ( القيادة الدينية الواعية المنهج والتحديات)







إطلالة على كتاب ( القيادة الدينية الواعية  المنهج والتحديات)



بقلم / ستار النعماني

ربما تجد في بعض الأحيان صعوبة في ان تقوم بعرض أو تقديم لكتاب فلا يمكن بسطور قليلة أن تختزل مواضيع الكتاب أو إيصال الفكرة الكاملة للقارئ وهي مهمة لا يجيدها في بعض الأحيان إلا المؤلف نفسه ولا بد لأي شخص يقدم قراءة أو عرض لكتاب أن يكون على مستوى عالي من الدقة والموضوعية فهي أمانة علمية لا تقل أهمية عن الأمانة في ذكر المصادر والمراجع في التأليف والكتابة وعملية إيصال الفكرة لأي قراءة يجب أن تكون متوازية مع سياق الأفكار المطروحة من قبل المؤلف أو الكاتب حتى لا يكون هناك أي تعارض في مسالة تنظيم الأفكار التي اتبعها المؤلف في كتابه خصوصا وان بعض مواضيع الكتاب الذي بين أيدينا لا يقتصر على جانب تاريخي أو اجتماعي وإنما ذات بعد عقائدي يشرح فيه نوع العلاقة بين القيادة الدينية والإتباع وما تستلزمه من معرفة وثقافة ووعي يمكن الفرد من فهم صحيح بعيد عن الشكوك نتيجته انقياد واعي لقيادة واعية تسير به نحو السمو والكمال فهناك دروس وعبر في حياة المعصومين (عليهم السلام) في تعاملهم مع الأحدث والأشخاص القريب والبعيد منهم يجب ان تترجم عمليا على ارض الواقع .

وبالعودة الى موضوع المقال قراءة في كتاب ( القيادة الدينية الواعية المنهج والتحديات) الجزء الأول
تأليف: الشيخ عبد الهادي الزيدي
عدد الصفحات: 360 صفحة
وصف الكتاب: الكتاب كما يقول عنه المؤلف يناقش ويحلل لدور القيادة الواعية في بناء الأمة وما واجهته من تحديات وهو محاولة لتسليط الضوء على جانب مهم من جوانب سيرة المعصومين (عليهم السلام ) والقيادة الدينية الواعية بشكل عام . وهو جانب طالما اغفل نقاشه لأسباب عدة .هذا الجانب هو تعامل المعصومين (عليهم السلام ) مع الأمة لبنائها بشكل صحيح يضمن سلامتها وسيرها الحثيث نحو الكمال.

الجوانب التي يتناولها الكتاب :

أولا - القيادات الكلاسيكية وعملية الفصل بين القيادة المعصومة والقيادة النائبة في زمن الغيبة على مستوى الوظائف وليس على مستوى الرتب والمقامات .

ثانيا - قضية بناء الذات فكريا وعقائديا وتكوين وعي يمكن المؤمنين من فهم أهداف القيادة الواعية والسير بركابها .

ثالثا – دور الحلقة الوسطية في إيضاح أهداف القيادة الواعية وشرح نوع التحديات التي تواجهها حتى يتسنى لإتباع القيادة الواعية فهم المشروع .

الكتاب يقع في ثمانية فصول فالمؤلف يتناول في الفصل الأول والمعنون الأسس العامة للمنظومة الحركية كيف تمكنت كتابات ساهمت بشكل كبير في تجديد فهم سيرة المعصومين (عليهم السلام ) ومن أهمها كتاب دور الأئمة في الحياة الإسلامية للسيد محمد باقر الصدر(قدس سره) وعلق وأضاف عليها السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره)وعمقها ووسعها المرجع الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) وكيف ساهم هذا الموضوع في تجديد الفكر الإسلامي وإيصاله إلى المجتمع بشكل عملي في مختلف المجالات بعد ما كان بعد قضية تاريخية وأحداث ماضية .كما يتطرق المؤلف الى بعض التساؤلات التي تثار هنا وهناك من قبيل الفرق بين قيادة واعية وأخرى غير واعية فالقيادة الواعية في زمن الغيبة كما يرى الكاتب يجب ان تكون منسجمة مع منظومة أهل البيت (عليهم السلام) الحركية المتكاملة في كل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية ومن أهم ركائز هذه المنظومة النصوص القرآنية التي تؤكد على ولاية أهل البيت (عليهم السلام ) والطاعة والتسليم لهم والركيزة الثانية سيرة الرسول (صلى الله عليه واله) والركيزة الثالثة العلم بالزمان وبما يجري حوله والركيزة الرابعة الدفاع عن المشروع الإسلامي نظريا وعمليا.

أما في الفصل الثاني (الطاعة والتسليم) في هذا الفصل يتناول الكاتب مسالة الطاعة والانقياد والتمييز بين موارد الطاعة الصحيحة وموارد الطاعة أو الانقياد الغير صحيح والكلام في هذا الفصل حول عصيان الأمة وعدم طاعة الرسول صلى الله عليه واله وأهل بيته من بعده والقيادة الدينية الواعية وما ترتب من أثار نتيجة عدم فهم مشروع القيادة ومن أهم دوافع عدم الطاعة هي المصالح الشخصية وحب الرئاسة والسذاجة والسكون وضعف القلب كل هذا شكل عوامل بات معها من الصعب ان يستطيع الفرد مواكبة قيادته في مواجهة الأعداء والتحديات .

في الفصل الثالث (التعامل مع الروايات ) يشرح المؤلف الأسلوب الذي اتبعه الأئمة الأطهار (عليهم السلام ) في تعليم أصحابهم على نمط خاص للتعامل مع الأخبار والروايات الواردة عنهم (عليهم السلام) فيجب معرفة نمط الحديث الملائم الظروف الزمانية والمكانية أيضا بسبب الضغوط الحكومية أو الاجتماعية والتمييز بين الكلام الخاص والعام وفي بعض الأحيان يكون الكلام تبعا للمستوى الفكري وقد أراد الأئمة (عليهم السلام) من هذا الأسلوب تعليم أتباعهم على الأخلاق وخلق مجتمع خال من الأمراض الاجتماعية إضافة الى بعض الأخبار هي رسالة معينة لفئة معينة يراد منها موقف معين وكذلك الحفاظ على أتباعهم من جور السلطات الظالمة ويراد أيضا من بعض الأخبار هي مراجعتهم (عليهم السلام) لمعرفة المنهج الصحيح في التعامل مع الواقع الموجود .


وفي فصل الكتاب الرابع (الفرج الحقيقي هو معرفة القيادة الحقيقية) يحاول الشيخ الزيدي ان يقترب كثيرا من مفهوم الفرج واستعمالات هذه الكلمة وأراد ان يعطي معنى أخر لهذا المفهوم مستندا على روايات أهل البيت (عليهم السلام) وأقوال الشهيد الصدر(قدس سره ) والمرجع اليعقوبي فمعرفة الإمام (عليه السلام ) هي الفرج الحقيقي فالاهتمام بتهذيب النفس ومراقبتها وزيادة الوعي كل هذه عوامل تساعد على الفرج .

وفي عنوان الفصل الخامس(منهجية القيادة الدينية في حماية أتباعها) يعرج المؤلف الى وظيفة القيادة الدينية بشكل عام الدفاع عن الإسلام على المستوى العملى والنظري من اي اعتداء خارجي. أما على المستوى الخاص نعني حماية الأتباع فهناك عدة أساليب للحماية منها العام مثل حمايتهم من السلطات وأسلوب خاص لحماية الشخصيات الفاعلة والمؤثرة من أتباعهم وأصحابهم وهذا منهج استخدمه المعصومين (عليهم السلام) وهناك كثير من الدلائل والأخبار تشير الى هذا الأسلوب وهذا ما فعلته القيادة الواعية . وفي هذا الفصل يثير الكاتب هذا التساؤل لماذا تحمي القيادة الواعية أتباعها ؟ ويجيب ان مقتضى الرحمة والرأفة بالمؤمنين هي حمايتهم من كافة أنواع المخاطر وهناك سبب ثاني ان القيادة الواعية لها حراك ومشروعها ممتد على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية و لا بد من أشخاص يعملون ضمن هذا المشروع ولاستمرارية العمل لا بد من حمايتهم ويشير الكاتب الى بعض الشواهد في زمن المعصومين(عليهم السلام)على هذا الأمر.


وتحت عنوان(الأتباع يعرضون قيادتهم الواعية للإحراج) يأتي الفصل السادس يشرح فيه أشكال متعددة لمواقف متنوعة يكون لبعض الأتباع فيها سببا في إحراج القيادة وانحسار خياراتها وذكر بعض المواقف في التاريخ الإسلامي تشير الى هذا الشيء منها ان الأمة استهوت الركون ولم يكن لها موقف في المواجهة بجانب قيادتهم (الإمام الحسن عليه السلام ) حتى وصل معهم الى مفترق طرق وأشار الكاتب بهذا الصدد الى استحداث المرجع اليعقوبي موضوعا فقهيا تحت عنوان (يجب على الأمة تمكين الفقيه من إقامة المعروف وإزالة المنكر) فالأمة يقع على عاتقها جزء من المسؤولية ويتناول الكاتب أسبابا متعددة منها عدم وضوح الرؤيا لدي الأتباع والتعرض للإغراءات إضافة الى أسباب أخرى حتى يصل الأمر في بعض الأحيان الى إدخال القيادة في مواجهة سابقة لأوانها تكون فيها الظروف غير مناسبة بسبب عدم الفهم الصحيح للقيادة ومشروعها .


ويبحث المؤلف في فصل الكتاب السابع(القيادة الواعية والتعامل مع السلطة) مسالة مهمة عند المذهب الامامي وهو التعامل مع السلطة حيث يتعرض الى موقف الفقهاء في زمن الغيبة فمنهم من يرى ضرورة تأسيس الحكومة الإسلامية بقيادة الولي الفقيه وبعض الفقهاء لا يراها ضرورية وهذا الاختلاف ناتج عن فهم العلماء لسيرة أهل البيت (عليهم السلام ) وتناول عدة محاور في هذا الموضوع منها التجربة العلوية في الحكم وايجابيات هذه التجربة والمؤسسات التي انشأها الإمام علي (عليه السلام) في سبيل بسط العدالة ومحاربة الفساد الموجود وإيجاد الثلة الصالحة وتربيتها وفق أسس ومعايير علوية غير قابلة للمجاملة . ويناقش الكاتب في نفس الفصل مسالة المشاركة في الحكم وكيف ان بعض الأئمة (عليهم السلام) زجوا ببعض الأصحاب ممن له القدرة والكفاءة والإخلاص على القيام ببعض الواجبات في حكومة بني العباس ويذكر الكاتب بعض الشواهد على هذا الأمر والثمار التي ترتبت على هذه المشاركة ويجب الأخذ بنظر الاعتبار ان هذه المشاركة بأذن الإمام عليه السلام ولأشخاص معينين وليس الأمر للكل .


وفي فصل الكتاب الثامن( القيادة الواعية تتخذ من الأدعية منهجا حركيا) يعرج الشيخ الزيدي الى مسالة مهمة ركز عليها الأنبياء والرسل (صلوات الله عليهم أجمعين) والأئمة المعصومين(عليهم السلام) وهو الدعاء وترسيخ ثقافة الدعاء في المجتمع المؤمن فالدعاء كما يقول الكاتب أصبح منظومة فكرية وعقائدية حتى ان بعض أدعية المعصومين (عليهم السلام) جاءت لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة في العقيدة الإسلامية وكيف تمكنت قيادة واعية مثل المرجع اليعقوبي الى ترجمة بعض فقرات الأدعية الى منهاج تربوي وحركي .












إرسال تعليق

0 تعليقات