آخر الأخبار

(الحلقة السادسة) الفتوة في القرآن


(الحلقة السادسة) الفتوة في القرآن
دراسة مقارنة لمعاني الفتوة ومشتقاتها
في ضوء القرآن الكريم





صبيح البخاتي


الآيات (٤١) و (٤٣) و(٤٦) من سورة يوسف

١. ((قضي الأمر الذي تستفيان ))
٢.(( ياأيها الملأ أفتوني في رؤياي ..))
٣.(( يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات .. ))
اشتركت الآيات الثلاث في معاني الإفناء والفتوى والمراد بها بيان الحكم .

ففي المنجد في اللغة : أفتى إفتاء فلانا في المسالة : اَي إبان له الحكم واخرج له الفتوى .

وقال الراغب الأصفهاني في مفرداته : والفتوى : الجواب عما يشكل من الأحكام .

وقد يتبادر سؤال هنا في الأذهان
ماهي علاقة بين معنى الفتى والفتوى وهو صحيح لأول وهلة وهي نظرة أولية ولكن مع التأمل والإمعان نجد إنهما يشتركان في الأصل كما يذهب الى ذلك ابن منظور في لسانه : وفتى وفتوى اسمان يوضعان موضع الإفتاء .

والفتيا والفُتوى والفَتوى : بضم الفاء وفتحها : ما أفتى به الفقيه ، فالفتوة الواو فيها أصل لا من الياء والفتيان فواوه منقلبة والفتي كالفتى والأنثى فتية وقد يقال ذلك للجمل والناقة ويقال البكرة من الإبل فتية كما يقال للجارية كذلك فتاة والغلام فتى وقيل هو الشاب من كل شيء
والجمع : فتاء ومنه قول الشاعر :
يحسب الناظرون مالم يُفروا
أنها جلّة وهنّ فتاء

والاسم من جميع ذلك : الفتوة
وهذا موجود في الترابط عند أهل اللغة وسنبين تفصيل ذلك في ملحق البحث ان شاء الله تعالى
يقول الطبطبائي في ميزانه في تفسير (( أفتوني في رؤياي )) والإفتاء إفعال من الفتوى والفتيا

ويقول سيد قطب في ظلاله
قضي الأمر الذي فيه تستفيان اَي انتهى فهو كائن كما قضاه الله
ثم بعد طلب الملك تأويل رؤياه فعجز الملأ من حاشيته والكهنة عن تأويله او احسوا انها تشير الى سوء لم يريدوا ان يواجهوا به الملك على طريقة رجال الحاشية في إظهار ما يسر الحكام وإخفاء ما يزعجهم .

مرت بنا رؤى ثلاث (رؤيا يوسف)و ( رؤيا صاحبي السجن ) و ( رؤيا الملك ) وطلب تأويلها والاهتمام بها في كل مرة يعطينا صورة واضحة من جو العصر كله داخل مصر وخارجها وان الهبة اللدنية عند يوسف كانت من روح العصر وجوه على ما نعهده في معجزات الأنبياء كل ذلك يشير بعناية انها معجزة يوسف هي تأويل الرؤيا
وبعد رؤيا الملك تذكر صاحبه الذي نجى من السجن (( انا أنبئكم بتأويله فأرسلون )).

وقد سمى يوسف صديقا وهو كثير الصدق لما رأى من صدقه وقد أمضى الله سبحانه كونه صديقا بنقله من غير رد .
(( أفتنا )) وهو سؤال الحكم الذي يؤدي اليه نظره وكان معهود بينه وبين يوسف تأويل الرؤيا.

وبعد نقل ألفاظ الملك بدقة عالية وينقلها السياق القرآني وكان دقيقا في نقلها ليبين هذه الدقة ، ولكن كان جواب يوسف وكلامه ليس تأويلا مباشرا مجردا إنما جاء بتأويل والنصح بمواجهة العواقب ( وضع حلول ) وهذا أكمل واشرف وهو درس لأدب الإفتاء .

في حين نجد يوسف السجين الذي طال عليه السجن لا يستعجل الخروج حتى يتحقق من قضيته وتعلن براءته فلم يعد عجولا ، فان أثر التربية الربانية شديد الوضوح في الفارق بين الموقفين الموقف الذي قال فيه اذكرني عند ربك والموقف الذي قال فيه ارجع الى ربك فالفارق بعيد.

وهنا تنتهي محنة السجن والاتهام وتاتي محنة الرخاء والقصور وهي اشد من سابقاتها .

انتظروني في حلقة قادمة








إرسال تعليق

0 تعليقات