آخر الأخبار

الفقه الإسلامى فى عهد الصحابة (الحلقة الثالثة)










الفقه الإسلامى فى عهد الصحابة (الحلقة الثالثة)


المصدر لمعرفة الأحكام الشرعية في عهد الصحابة:


والمصدر لمعرفة الأحكام الفقهية الإسلامية عند الصحابة هى :


الأول الكتاب.
الثاني السنة.
الثالث الإجماع.
الرابع رأى الصحابة وأهل البصيرة في الحكم،.
الخامس الرأي بأن يستنبط الحكم الشرعي بفكره وتأمله فيما تقتضيه المصلحة ودفع المفسدة أو بالقياس والمقارنة.


والحاصل انهم إذا نزلت بهم حادثة أو وقعت واقعة رجعوا إلى كتاب الله في معرفة حكمها بحسب فهمهم فان لم يجدوا حكمها فيه رجعوا للسنة وسألوا من الصحابة عمن يحفظ في هذه الحادثة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فان لم يجدوا ذلك استشاروا فان أجمعوا على حكمها بما تستوحيه عقولهم أخذوا به وان اختلفوا اجتهد خليفة المسلمين فعمل بالقياس وبما تقتضيه المصلحة، ففي كتاب عمر إلى شريح، إذا حضرك أمر لا بد منه فانظر في كتاب الله فاقض به, فان لم يكن ففيما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فان لم يكن ففيما قضى به الصالحون وأئمة العدل فان لم يكن فان شئت ان تجتهد برأيك فاجتهد وإن شئت أن تؤامرني ولا أرى مؤامرتك إياي إلا خيراً لك .


وفي كتاب أعلام الموقعين ج1 ص243 أن أبا عبيدة ذكر في كتاب القضاء قال (حدثنا كثير بن هاشم عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر إذا ورد عليه حكم نظر في كتاب الله فان وجد فيه ما يقضي به قضى به وان لم يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فان وجد فيها ما يقضي به قضى به فان أعياه ذلك سأل الناس: هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى فيه بقضاء فربما قام إليه القوم فيقولون: قضى بكذا وكذا، فان لم يجد سنة سنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع رؤساء الناس فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به وكان عمر يفعل ذلك فإذا أعياه أن يجد ذلك في الكتاب والسنة سأل: هل كان أبو بكر قد قضى فيه بقضاء فان كان لأبي بكر فيه قضاء قضى به وإلا جمع علماء الناس واستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به.


وروي عن ميمون بن مهران أن أبا بكر وعمر إذا لم يجدا في كتاب الله ولا في سنة رسوله حكماً للواقعة يجمعان الناس للاستشارة في استنباط حكمها بالاجتهاد والرأي فان اتفق المستشارون في الرأي اخذوا به.


وروي أن عمر أمر شريحاً أن يعمل في الكوفة كذلك ويبني على ذلك قضاءه وكان بعضهم يحترم اجتهاد صاحبه فقد روي أن عمر بن الخطاب لقي رجلاً له قضية نظرها الإمام علي عليه السلام فعرضها الرجل على عمر حين لقيه في الطريق فقال: لو كنت أنا لقضيت بكذا فقال الرجل فما يمنعك والأمر إليك فقال عمر: لو كنت أردك إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لفعلت ولكن أردك إلى رأي والرأي مشترك ولست ادري أي الرأيين أحق وفي هذا الدور عمل بالقياس وكـان أول مـن بذر ذلك وأمر بالعـمل به هو عـمر بن الخطاب ففي كتابه لأبي موسى الأشعري (اْعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور عند ذلك على نظائرها) ، وفي هذا الدور نشأ الخلاف بين الشيعة والسنة في الخلافة فالأولون يقولون بخلافة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنص من الله تعالى والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعده أولاده، وأما أهل السنة فيقولون بأن الخليفة بعد الرسول هو أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ولذا كان الشيعة في هذا الدور يرجعون لأمير المؤمنين علي عليه السلام وأولاده الإمام الحسنعليه السلام والإمام الحسين عليه السلام وأمهم فاطمة الزهراء I والصحابة العدول الثقاة كسلمان والمقداد وأبي ذر ونحوهم في معرفة أحكامهم الشرعية لاعتقادهم بعصمتهعليه السلام وعصمة أولاده الأحد عشر وانهم عندهم علم ما كان ويكون حتى ارش الخدش ولحصول الوثوق بالصحابة العدول.


شروط قبول الخبر الواحد عند الخلفاء:
وينقل ان أبا بكر لم يقبل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا إذا جاء بشاهد على صدقه وأن عمر كان يطلب البينة ممن روى له الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن علياً عليه السلام يحلف الراوي على انه سمع الحديث من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .


رجوع الشيعة للأئمة هو رجوع للسنة النبوية:
هذا ولا يخفى أن الرجوع للأئمة عليه السلام عند الشيعة من الرجوع للسنة النبوية لقول الصادق عليه السلام كما في الشافي وفي أصول الكافي في كتاب فضل العلم ص103 ان (حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله وحديث رسول الله قول الله) وقد ذكرنا في كتابنا باب مدينة الفقه في مبحث واضع الفقه ان عند الإمام علي عليه السلام الجامعة سبعون ذراعاً كلها من إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبخط الإمام علي عليه السلام وفيها حتى ارش الخدش وقد ذكرناه أيضاً في مبحث إيداع الرسول لبيان بعض الأحكام للأئمة الأطهار عليه السلام ويرشدك إلى أن الرجوع إليهم عليه السلام رجوع للسنة النبوية أن فقهاء الشيعة عندما تجيء الرواية عن الأئمة عليه السلام إذا قال فيها الإمام عليه السلام: وأنا اصنع كذا لم يتبعوه في عمله وإنما يحملون ذلك على الاستحباب والأولوية كما انهم يعملون بالأخبار النبوية وان كانت مروية من غير طرق أصحابهم إذا كان رواتها موثوقين أو حصل لهم الثقة بصدورها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكتب الشيعة مشحونة بذلك.


الاختلاف بين الصحابة :


الاختلاف في تدوين الحديث:
منها الاختلاف في تدوين السنة فكان علي وابنه الحسن عليهما السلام مما يرى كتابتها كما نص على ذلك السيوطي في تدريب الراوي ، وعن ابن شهر اْشوب انه قال: أول من صنف في الإسلام علي عليه السلام ثم سلمان الفارسي ثم أبو ذر، ونقل الكثير من الفريقين ان عليَّ ابن أبي طالب عليه السلام كتب الجامعة من إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت تبلغ سبعين ذراعاً وكتب العهد لمالك الأشتر والوصية لاْبنه محمد بن الحنفية . وهذا أبو رافع المولى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والذي أهداه له العباس بن عبد المطلب وسماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إبراهيم وكان ملازماً للإمام علي عليه السلام وخرج معه إلى الجمل وهو ابن خمس وثمانين سنة وقيم الإمام علي عليه السلام على بيت ماله في الكوفة وكان يقول بايعت البيعتين وصليت القبلتين وهاجرت الهجر الثلاث فقيل وما الهجر الثلاث؟ فقال: الأولى إلى الحبشة والثانية؟


المدينة وهذه الثالثة الكوفة مع أمير المؤمنين، قد كتب السنن والأحكام والقضايا وكان ولداه عبيد الله وعلي كاتبي أمير المؤمنين علي عليه السلام وقد كتب الأول منهما كتاباً في الوضوء والصلاة وسائر الأبواب وكتب الثاني منهما كتاباً في فنون الفقه والوضوء والصلاة وسائر الأبواب وكان أهل البيت يعظمون كتاب علي بن أبي رافع ويطلبون من شيعتهم الرجوع إليه، وكان لسلمان مدونة في الحديث ، وألف الأصبغ بن نباته كتابين: مقتل الحسين وعجائب أحكام أمير المؤمنين علي عليه السلام وألف سليم بن قيس كتابه في الإمامة وألف ميثم صاحب أمير المؤمنين كتاباً في الحديث يروي عنه الكثير من المحدثين وغيرهم من المؤلفين وكان عمر بن الخطاب ممن يمنع من كتابة الحديث وتدوينه وقد سبب ذلك ضياع أعظم ثروة علمية والتفريط بأعظم مرجع بعد القرآن الكريم ويا حبذا لو أمر بجمع الأحاديث مع التحفظ على صحتها كما صنع الخليفة الأول في جمع القرآن الكريم لما استطاع أهل الأغراض الافتراء والكذب والدس في السنة كما لم يستطيعوا ذلك في القرآن الكريم.


الاختلاف في خروج الفقهاء من المدينة:


ومنها الاختلاف في خروج الفقهاء من المدينة فان عمر كان يمنع خروج الفقهاء لسائر الأمصار إلا ما أخرجه للقيام بالوظيفة كالولاية والقضاء وقيادة الجيوش بخلاف الإمام علي عليه السلام.


الاختلاف في الرجوع إلـى الرأي:


ومنها الاختلاف في الرجوع إلى الرأي فكان الإمام علي عليه السلام يمنع منه ويقول (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل القدم أولى بالمسح) كما في المحلى لاْبن حزم, وكان على ذلك طريقة الأئمة الأحد عشر من بعده حتى قال الإمام جعفر الصادق لأبان بن تغلب المتوفى سنة 141هـ (أخذتني بالقياس, والسنة إذا قيست محق الدين)وكان أكثر أهل الحجاز على هذه الطريقة, ويؤكد صحتها قوله تعالى [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ] فان الرجوع إلى الرأي في المسألة معناه أما الإهمال للدين فيها أو الالتزام بنقصان الدين وعدم كماله بالنسبة إليها، وفي جامع بيان العلم ج2 ص76 عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أعظم فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور بآرائهم فيحللون الحرام ويحرمون الحلال.

وللحديث بقية انشالله
يتابع



إرسال تعليق

0 تعليقات