آخر الأخبار

علبة الكبريت وحبة الرمل



علبة الكبريت وحبة الرمل

د . محمد إبراهيم بسيونى

أدركت قطر أن كل الطرق في الشرق الأوسط تمر من خلال تل أبيب وكانت أكثر حرية من السعودية في الإعلان الرسمي عن ذلك، ولخوفها من جارتها السعودية أولا فقد اختصرت الزمن والمسافة فلم تكتفي بقاعدة العديد الأمريكية بل بنت لها قصورا أميرية في تل أبيب لكي يكون التفاهم بينها وبين تل أبيب مباشرا ولا يمر عبر الهواتف الخاضعة للمراقبة.

 ثم فتحت أحضانها لتتبني حركة الأخوان المسلمين والشيخ القرضاوي وهم الأكثر قدرة على التنفس برئة غير الرئة الوهابية والسلفية، فاستطاعت أن تعطل في يد السلطة السعودية سلاحها الديني.

 وإذا بنا نرى قطر، علبة الكبريت العاجزة، عن سد حاجتها من الشرطة وملئ غرفة واحدة من غرف وزارة الخارجية بكوادر محلية، وقد استطاعت أن تقضي على القذافي وزين العابدين بن علي، وأن تخبط الماء وتسمم الهواء على السوريين، وأن تجعل حماس شوكة في خاصرة السلطة الفلسطينية، وأن تمد نفوذها إلى أنقرة التي تشاركها تحريك بيادق وبنادق الأخوان وحشوها مرة بحبر الاعتدال في تونس، ومرة بجعب الرصاص الداعشي، ثم تصل إلى طهران لكي يتناوبا معا افتراسهما الغرماء، ثم إذا بها تُخَّرب على ترامب تسريحة شعره الألفيس برسيالية وتحرمه من نشوة التلذذ بكأس غزوته للرياض بالكثير الكثير من الميكافيلية، مع التصفير الكامل لمفهوم الأخلاق في عالم السياسة، استطاعت علبة الكبريت القطرية إشعال حرائق لم يعد من السهولة إطفائها.

وبصيحة واحدة على طريقة واقطراه فقد جاءتها النجدة حتى من موريسيوش.

 إن الدور أيها السادة هو الذي يصنع القرار قبل ان تصنعها الحجوم الجغرافية والتعداد البشري، وبإمكان حبة رمل واحدة أن تكون قاتلة إذا عرفت كيف تحسن التعامل مع الريح. أما الصخور العملاقة فقد لا يكون في مقدرتها إلا أن تكون جزءا من الطبيعة الصامتة. ففي المحيط الدولي أو الإقليمي فإن الدور وليس حجم الدولة هو الذي يحدد أهميتها ومكانتها وقوتها. لقد كنا دائما نهزأ من دولة قطر ونصفها بالدولة المجهرية لكن هذه الدولة التي قال عنها الرئيس حسني مبارك أن لها طنينا كالذبابة رغم أن حجمها مثل علبة الكبريت، سرعان ما أكدت لمحترفي السياسة قبل هواتها، أن الحجارة التي لا تعجبهم قد تدميهم. ففي الطبيعة يمكن لحبة من الرمل أن تفقأ عينك، وقد لا يكون بوسع صخرة عملاقة إلا أن تكون جزءا من الطبيعة الصامتة.
عميد طب المنيا السابق

إرسال تعليق

0 تعليقات