آخر الأخبار

المسكوت عنه فى الاقتصاد المصري



المسكوت عنه فى الاقتصاد المصري


د. محمد إبراهيم بسيوني
عميد طب المنيا السابق




بالتأكيد نحن نريد إن الأنشطة الاقتصادية في مصر تزيد وإنتاجيتها تعلو، حتي نستفيد نحن كمواطنين من ضرائب وموارد أكثر وتوفير فرص عمل. ولذلك كما ذكرت سيادتكم في المقالة نحن مهتمين بإن معايير الإدارة الجيدة للاقتصاد تتطبق، لإن هذا يضمن تطور وتقدم أي بلد.

من عشرين عاما تقريبا، بدأ قطاع الأسمنت في مصر ينمو بشكل كبير وكان قطاع ربحيته عالية، ويدخل فيه استثمارات أجنبية كبيرة بسبب مخاطرة البيئية، التي جعلت كثير من الشركات الأوروبية تنقل مصانعها لدول مثل تركيا ومصر والإمارات مثل لافارج للأسمنت الفرنسية مثلا بشراءها مصنع الأسمنت الخاص بأوراسكوم في ٢٠٠٨.


قطاع الأسمنت كان قادرا ان يتكيف مع متغيرات كبيرة في السوق، مثل زيادات في أسعار الطاقة. وكانت معظم الشركات فيه تحقق مبيعات جيدة، خاصة في ظل نمو الطلب المحلي على الأسمنت في الفترة من 2014 – 2018، بسبب المشاريع العقارية والطرق والكباري الكثير التي تنفذها الدولة أو القطاع الخاص أو الجيش.
في 2018 كان حجم الطلب على الأسمنت في مصر يقدر بـ54 مليون طن سنويا تقريبا، في حين كان الإنتاج حوالي 70 مليون طن سنويا. بمعني كان هناك فجوة بين العرض والطلب حوالي 16 مليون طن. هذا بالطبع لم يقل من سعر الأسمنت كثيرا، بسبب زيادة تكاليف الإنتاج بعد تحرير أسعار الطاقة والتعويم.
في أغسطس 2018 بدأ الجيش يدخل بقوة قطاع الأسمنت، عن طريق زيادة الطاقة الإنتاجية لمصنع العريش في سيناء لـ6.4 مليون طن، وافتتاح مجمع مصانع الأسمنت في بني سويف الذي يحتوي علي 6 خطوط إنتاج، بإجمالي طاقة إنتاجية 13.3 مليون طن سنوياً. وأصبحت الطاقة الإنتاجية للقطاع 83 مليون طن تقريبا، وزادت الفجوة بين العرض والطلب لـ29 مليون طن.

الحل في هذه الفجوة كان إن يتم استثمارها لصالح التصدير. لكن رغم نمو الصادرات في قطاع الأسمنت بنسبة 6.6% العام الماضي، إلا أن التصدير لم يستوعب الزيادة الكبيرة في الإنتاج.


وكنتيجة لتراجع المبيعات والأرباح في قطاع الأسمنت، قررت شركة مثل أسمنت طرة التوقف عن الإنتاج الشهر الماضي ورأينا في أخر شهرين فقط كيف تراجعت مؤشرات شركات الأسمنت في البورصة بمتوسط 12%. ومن أبرز الشركات التي تتعرض للخسارة: أسمنت طرة وأسمنت السويس والشركة العربية للأسمنت. وبشكل عام تراجعت إجمالي مبيعات شركات الأسمنت خلال الربع الأول من 2019 بنسبة توصل لـ15%.

الجيش اليوم يمتلك عبر جهاز مشروعات الخدمة الوطنية مصنعين للأسمنت، واحد في العريش ومجمع بني سويف، الطاقة الإنتاجية للمصنعين مع بعض من 18 لـ20 مليون طن سنويا. والجيش قادر عن طريق جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والهيئة الهندسية، ان يعمل في مشاريع عقارية ومشاريع مقاولات ضخمة، وقادر إنه يصرف الـ18 مليون طن إنتاج مصانعه، بطبيعة إنه واحد من أكبر مشتري الأسمنت في السوق. ليست هناك مشكلة إن الجيش يكسب طالما مملوك للدولة والمصريين هم من يستفيدون في الاخر.

لكنه يجعل ضغوط اقتصادية أكبر على الشركات المدنية سواء، القطاع العام منها أو الخاص. فتقول أسمنت طره المصرية، التابعة لشركة هايدلبرغ الألمانية للاسمنت، إنها علقت الإنتاج بسبب أزمة مالية ناجمة عن تخمة معروض في السوق المحلية وإنها تدرس تصفية أعمالها.
وقال خوسيه ماريا ماجرينا العضو المنتدب للشركة في خطاب إلى الموظفين الأسبوع الماضي اطلعت عليه رويترز "تشير التقديرات إلى وصول حجم استهلاك الاسمنت بنهاية عام 2019 إلى 50 مليون طن مقابل الطاقة الإنتاجية لجميع شركات الاسمنت في مصر التي تزيد على 85 مليون طن". وكتب يقول "الفائض في الإنتاج هو أكثر من إجمالي الاستهلاك السنوي لدولة مثل إيطاليا أو إسبانيا أو المغرب أو جنوب إفريقيا."

وأكدت أسمنت طره يوم الاثنين صحة الرسالة، وقالت إن الإنتاج متوقف بالفعل. وأضاف الخطاب أن الديون المتراكمة على الشركة بلغت 800 مليون جنيه مصري (47.75 مليون دولار)، وأن إدارتها تدرس الآن التصفية النهائية. واسمنت طره أقدم شركة اسمنت مصرية حيث تأسست في 1927.




إرسال تعليق

0 تعليقات