آخر الأخبار

الأمريكيون يرفضون تدريس الأرقام العربية في المدارس






الأمريكيون يرفضون تدريس الأرقام العربية في المدارس

د. محمد إبراهيم بسيوني


استطلاع الرأى آلية جديدة من آليات التعرف على اتجاهات، وميول، ورغبات بعض الناس وعلى ضوء نتائجها تتخذ القرارات والسياسات التي تلبي رغبة الجمهور وتطلعاته. في الغرب أصبحت استطلاعات الرأي أداة فاعلة، تعتمد عليها الشركات المنتجة ومقدمة الخدمات، في محاولة لكسب عدد أكبر من المستهلكين، خاصة مع كثرة الشركات، والتنافس الحاد فيما بينها. وتزيد حمى استطلاعات الرأي العام في الدول، التي تجرى فيها انتخابات، لقياس وتوجيه الرأي العام بما يخدم مرشحا، أو منافسه.


هناك استطلاع أجرته Civic Science، شركة أمريكية متخصصة في أبحاث السوق، حمل العنوان: "معظم الأمريكيين يرفضون تدريس الأرقام العربية في المدارس". استهدف الاستطلاع درجة التحيز لدى الشعب الأمريكي بأسلوب غير مباشر، حتى لا يوجه الجمهور إجاباتهم بالشكل ما. سأل 3624 من المشاركين وركز على سؤال، "هل يجب على المدارس الأمريكية تدريس الأرقام العربية ضمن مناهجها الدراسية؟". ولم يوضح الاستطلاع معنى مصطلح "الأرقام العربية".
نتيجة الاستطلاع بينت أن 56 في المائة من المشاركين قالوا لا، ما يعني اتجاها سلبيا نحو منتج عربي تقوم عليه الحضارة العالمية في وقتنا الراهن، وأسس على الأرقام العربية كثير من العلوم، كالرياضيات، والكيمياء، والفيزياء، والإحصاء، والحاسب الآلي، ما يعني أن التخلي عن الأرقام العربية سيترتب عليه انهيار الحضارة العالمية بأكملها.
نتيجة الاستطلاع أوردت أن 72 في المائة من مؤيدي الحزب الجمهوري قالوا، إن الأرقام العربية لا يجب أن تكون في المناهج، بينما 40 في المائة من مؤيدي الحزب الديمقراطي قالوا بذلك، وهذه النتيجة ليست غريبة في الوسط السياسي، فالرئيس بوش الابن كان له تصريحات ذات طابع عنصري، ترتب عليها حروب مدمرة في منطقتنا، كما أن العنصرية تتعدى للمجال التعليمي، وأتذكر أن بعض الكتب في الفلسفة تذكر بالتفصيل النتاج الفلسفي لفلاسفة الغرب، أمثال برنارد شو، وديكارت، وجون لوك، وجون ديوي، في حين يشار للفارابي، وابن رشد، وغيرهم من الفلاسفة، والعلماء بأقل من سطر دون ذكر لعطائهم الفلسفي، والمعرفي.


قال جون ديك، الرئيس التنفيذي للعلوم المدنية، إن النتائج التي رأيناها في بياناتنا كانت "أتعس وأوضح دليل على التعصب الأمريكي ".
وأضاف ديك: "إنهم يجيبون برفض قبول الآخر، رغم أن الأرقام العربية هي نفسها الإنجليزية"، متابعا: "السؤال يدور حول التحيز والعنصرية أكثر مما يدور حول المعرفة أو الجهل".
وأكد أن الهدف من البحث هو "القضاء على التحيز والعنصرية وتشجيع الفهم وتقبل الآخر"، مشيرا إلى أن هذا التحيز لم يقتصر على العرب والمسلمين فقط.
وتمت صياغة سؤال آخر في استطلاع الرأي: "هل يجب على المدارس في أمريكا تدريس نظرية الخلق للكاهن الكاثوليكي جورج لوميتر كجزء من مناهج العلوم الخاصة بهم؟".
وأجاب 73% من الديمقراطيين بـ"لا"، بينما قال 33 % من الجمهوريين "نعم"، مع ملاحظة أن العديد من المجيبين من الجانبين يفترضون أن نظرية لوميتر كانت مرتبطة بتصميم الاستخبارات.
وفي الواقع، كان الكاهن البلجيكي أيضًا فيزيائيًا اكتشف لأول مرة أن الكون يتوسع، واقترح أن أصوله تكمن في انفجار جسيم واحد، وهي فكرة أصبحت معروفة باسم نظرية "الانفجار الكبير".
وأورد ديك: "في حين أن نظرية لوميتر أكثر غموضًا من الأرقام العربية، فإن التأثير الناتج مماثل تقريبًا. والديمقراطيون متحيزون ضد الدين بشكل عام ، ويعتبرونه دليلا على التأخر. وهذا النوع من التحيز الأعمى نراه على كلا الجانبين".
وأشارت "إندبندنت" إلى أن أبحاث سيفيك ساينس تذكرنا بالدراسة الاستقصائية التي أجريت عام 2015، والتي وجدت أن 30% من الجمهوريين يؤيدون تفجير "أغراباه"، المدينة الخيالية التي يعيش فيها الشخصية الكارتوينة علاء الدين من "ديزني".
استطلاعات الرأي لها شروط لابد من توافرها، للاطمئنان على صحة نتائجها، وأهم هذه الشروط التمثيل الجيد للمجتمع المستطلع رأيه، تمثيلا كميا وكيفيا، وهذا لا يتحقق إلا بمعرفة دقيقة لخصائص المجتمع، من حيث العرق، والدين، والجنس، والمستوى التعليمي، والمهنة، والعمر، وغيرها من المتغيرات ذات العلاقة، ولذا يؤكد دائما على الاختيار العشوائي للعينة الممثلة للمجتمع، حتى لا تكون العينة متحيزة من الأساس، ومن ثم تأتي النتائج متحيزة، ونقع في التعميم المضلل الذي يترتب عليه نتائج وخيمة لذا لا يمكن الاعتماد على نتائج كهذه.

عميد طب المنيا السابق









إرسال تعليق

0 تعليقات