الإخوان
جماعة فى مواجهة وطن
د. محمد إبراهيم بسيونى
الواقع يقول ان جماعة الإخوان ليس لهم وطنٌ ينتمون
إليه، بل لا ينتمون إلا إلى جماعتهم ومرشدهم الذي يوالونه وينفذون أوامره حرفياً،
من غير جدالٍ ولا تأخيرٍ ولا تفكير حتى ولو هلكوا جميعاً من جرّائها، لأنّهم تربوا
على الطاعة العمياء طيلة حياتهم منذ زمن مرشدهم الأول حسن البنّا، إن غالبية
أصدقاء وأنصار والقريبين من الإخوان بدأوا ينصرفون عنهم، التقديرات «غير الرسمية»
تقول إن شعبية الإخوان تراجعت كثيرا لكنهم كتنظيم لا يزال متماسكا مستغلا «المحنة»
وبالتالى فإن الكلام عن انتهاء جماعة الإخوان يظل مجرد أوهام أو تمنيات فى عقول
العامة أو تقديرات بعض المسئولين. أغلب الظن أن الإخوان سيغيبون عن الحكم لسنوات،
لكنهم سيمثلون صداعا فى رأس النظام لزمن ليس بقصير.
الجماعة لن تستطيع كسر الدولة المصرية، قد تستطيع ان
تربك المشهد السياسي لكنها لن توقفه، والخارج مهما بلغ تعاطفه أو تآمره لن يعيدها
للحكم. هى خسرت المعركة للنهاية، وعليها أن تعتذر للشعب المصري، إن التصور
الإخوانى بإنهاك الدولة تمهيدا لإسقاطها عبر المظاهرات والمسيرات الصغيرة
المستمرة، لايزال غير فاعل حتى الآن فى تحقيق نتائج ملموسة. والتهديدات الحقيقية
التى تتعرض لها الحكومة تأتى من التحديات الاقتصادية الاجتماعية وليس من الإخوان.
تتلخص الإستراتيجية السياسية للإخوان فى كلمة واحدة
هى التربية الثقافية الدينية للفرد والمجتمع وصولا الى إخضاعه للسمع والطاعة بدون
مناقشة لولى الأمر وفق مبدأ الحاكمية الذى يؤمنون به كعقيدة دينية وسياسية. اما في
موقع الحكم يكونون فى متناول النقد والمعارضة ومطالبون بتنفيذ الوعود السياسية فى
كيف يكون الإسلام هو الحل وكيف يتم تطبيق الشريعة، فهم ليسوا مؤهلين للحكم الديمقراطي
اذ لا يعرفون الا الحاكمية التى تعنى أن يكون الحاكم مسئولا فقط أمام الله تعالى
يوم القيامة باعتباره الراعى والشعب هو الرعية او الاغنام.
موجات عنف الثمانينيات والتسعينيات يمكن وصفها بالكلاسيكية. اما جرائم تكفيري ما بعد عصر الإخوان فهي أكثر خطرًا، لأنهم أكثر استفادة بالتكنولوجيا الحديثة، وعليه فالمواجهة معهم أبدًا لن تكون سهلة، لكنها ليست مستحيلة أيضًا. فالاغتيالات والتفجيرات تدار وفق منظومة عشوائية محسوبة، إن جاز التعبير. تنظيمات التكفير والتطرف تضرب بقسوة، لا من أجل اصطياد شخصيات مؤثرة في أغلب الوقت، ولكن لإشاعة أكبر قدر ممكن من الفوضى والارتباك في الشارع، وداخل أروقة الحكم، وذلك عبر استهداف ما يمكن أن نطلق عليهم "ضحايا الصدفة". شعار (العشوائية المحسوبة) الذي ترفعه جماعات العنف حاليًا يستند إلى خمسة تكتيكات جديدة على الأرض.
أولها هو توسيع رقعة المواجهة مع الأمن لإنهاكه وضرب
معنوياته.
التكتيك الثاني لجماعات العنف حاليًا، وعلى اختلاف
مسمياتها، من أنصار شريعة وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر، وغيرها، يرتبط باستهداف
أكشاك المرور ونقاط الشرطة الثابتة في عدد من الشوارع والميادين. هنا هم لا
يستهدفون ضابطًا أو جنديًا بعينه. الحظ العاثر لرجل الأمن النبطشي، هو العامل
الحاسم في قتله.
أما التكتيك الثالث، فيرتبط باستهداف صغار الضباط
والجنود، وذلك لعدة اعتبارات: هم أسهل وفق منطق الصياد.. قتل كثيرين منهم يحبط
زملائهم.. وربما يندفع بعضهم للتمرد على رؤسائهم طلبًا للحماية.. هؤلاء يتم قنصهم
دون تخطيط مسبق، فقط توافر نية القتل من جانب العناصر الإرهابية. غالبية نقاط
المرور والشرطة الثابتة والمتحركة، والتي استهدفت خلال الشهور الماضية، ضحاياها من
رتب رائد ونقيب فيما أقل.
ويمكن الإشارة إلى التكتيك الرابع الجديد من جانب
التكفيريين المسلحين، باعتباره تكتيكًا خسيسًا بامتياز. عدد من الموتورين المتشحين
بثوب الجهاد زورًا، ضد سلطة ٣٠ يونيو، لا تحركهم إلا شهوة الدم العشوائي. يستهدفون
أماكن غير أمنية أو لا تمت للسلطة بصلة، مثلما حدث في البراجيل بالجيزة. هناك، في
منطقة زراعية مكتظ بآلاف السكان، تم استهداف مستودع أسطوانات بوتاجاز. أربعة
ملثمين هاجموا المستودع بالبنادق الآلية، قبل أن يقيدوا الخفير، ويعصبون عينيه، ثم
سكبوا كميات من البنزين كانت بحوزتهم علي السيارات المخصصة لنقل أسطوانات
البوتاجاز؛ ليتحول المكان إلى كتلة لهب ضخمة. احتراق في الحادث ست سيارات نقل،
وانفجرت أكثر من ألف أسطوانة، بينما تدخلت العناية الإلهية لإنقاذ أرواح الأبرياء
من السكان.
التكتيك الخامس والأخير، يرتبط بمظاهرات العنف. عدد
ممن يتكفلون بزرع العبوات الناسفة، كما حدث على سبيل المثال لا الحصر، أمام سينما
رادوبيس بالهرم، يتسترون في تنفيذ عملياتهم الخسيسة بمسيرات الإخوان، وخصوصًا تلك
التي تنطلق بعد صلاة الجمعة أسبوعيًا. فالعناصر الإرهابية تتخفى وسط المتظاهرين،
ثم عند نقطة الهدف تتوقف المسيرة، فيما يتم الانتهاء من زرع العبوة أو القنبلة
بمكانها المحدد في دقائق، وبعد انطلاق المسيرة مجددًا يتم تفجيرها عن بعد باستخدام
شرائح التليفون المحمول.
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات