جواسيس فوق الرمال
التاريخ السري للموساد الإسرائيلي
الميج 21 العراقية
يهودى يسرق طائرة ميج 21 من العراق
كثيرا ما نقرأ لبعض الكتاب
العرب مقالات نقدية للنظم العربية بأنهم ضحوا بيهود بلادهم بدون سبب منقادين
للحماسة القومية العربية، التى يرى هؤلاء أنها أفسدت أكثر مما أصلحت، وأن بلداننا
العربية كانت يمكن ان تستفيد من هؤلاء اليهود بخبراتهم واندماجهم فى تلك
المجتمعات، وأن تلك الحكومات لو لم تفعل ما فعلت لحرمت اسرائيل من مئات الآلاف من
اليهود العرب...
وهذه القصة التى يحكيها جوردان توماس المؤرخ الإسرائيلى، ربما تعيد هؤلاء
إلى صوابهم وإعادة تقيم الموقف ممن يسمون اليهود العرب ...
فى عام 1966 تولى مائير عاميت
رئاسة جهاز الموساد، وفى هذه الأثناء حضر شخص يدعى " سلمان" إلى السفارة
الإسرائيلية بباريس يعرض عليهم تسليمهم طائرة ميج 21 عراقية فى مقابل مليون دولار
!!
وفى نهاية المقابلة أعطى
"سلمان" رقم هاتف لشخص فى العراق يدعى جوزيف يمكن أن يتعاون معهم فى تسليم الميج 21 .
وعلى الفور اتصل ضابط الاتصال
بالموساد وأبلغهم العرض مرفقا معه رقم الهاتف ..
ظل مائير يحلم بتلك اللحظة
التى تحصل إسرائيل على الميج 21 التى كثيرا ما حلم برؤيتها حتى لو دفعت مئات
الملايين من الدولارات، فهذه الطائرة تملك خزان وقود ضخم ولديها قدرة مناورة لا
يقارن بها أى طائرة أخرى إضافة لقدرتها التسليحية الهائلة .
ظل مائير عدة أيام يحلم
بالطائرة يقظة ومناما وفى مكتب، ورغم خطورة المسألة وأنها يمكن ان تكون عملية نصب
أو ابتزاز من نصاب محترف ولكن الحلم كان قد جعله لا ينام الليل.
رتب مائير شخصا يقوم بعملية
الاستطلاع للموقف وجهز له جوزا سفر بريطانى واسم بريطانيا خالصا ويعمل مدير مبيعات
شركة أشعة لتجهيزات المستشفيات .
وصل هذا الشخص إلى بغداد على
متن طائرة أمريكية وكان يدعى جورج بيكون وفى الأسبوع الأول من وصوله استطاع ان
يعقد عدة صفقات مربحة .
وفى الأسبوع الثاني قام
بالاتصال هاتفيا بواسطة هاتف عملة فى بهو الفندق، واتفق مع الشخص الذي حدده "
سلمان" على موعد فى أحدى مقاهى بغداد .
التقى كلا من جورج مندوب
الموساد بـ جوزيف" الذى سيقوم بصفقة الميج 21.
كان جوزيف رجلا هرما وهو عم
" سلمان" الذى يعمل نادلا فى باريس وهو الذى قام بعملية الاتصال الأولى
مع السفارة الإسرائيلية هناك .
والقصة أن جوزيف وأخته "
مانو" حلما أن يذهبا إلى إسرائيل بعد ان ولدا وتربوا فى العراق، وجاءت الفكرة
الى جوزيف عبر حوار بينه وبين ابن أخته مانو وهو طيار عراقى يدعى "
منير" وفى احد المسامرات بين " منير" وخاله " جوزيف" قال
منير لخاله هل تعرف يا خال أنى اقود طائرة يمكن ان تدفع إسرائيل فيها مليون دولارا
لرؤيتها فقط، وعندما سأله جوزيف ومن أين لك معرفة ذلك ؟ حدثه أن قائده هو الذى قال
له ذلك، ومن هنا نضجت الفكرة فى رأس العجوز " جوزيف" الذى خطط لأمر هو
وأخته " مانو " وابنها الطيار " منير" .
وعلى الفور عاد جورج بيكون الى
لندن ومنها الى تل أبيب بعد أن تأكد وأتفق على الصفقة، وكانت الصفقة تقتضى ان
يتسلم جوزيف نضف مليون دولارا أمريكيا يتم إيداعها فى حساب له فى بنك كريدى سويس
بجنيف، وسوف يقوم بالسفر إلى سويسرا لعلاج ابن عمه بعد ان قدم طلب سفر ووافقت عليه
السلطات العراقية .
وعلى الفور التقى مائير عاميت
بإسحاق رابين الذى أعطاه الضوء الأخضر ببدأ العملية ..
بدأ مائير بتكوين خمس مجموعات
لادارة الصفقة :
المجموعة الأولى
: وهى مسئولة عن الاتصال بين بغداد وتل أبيب بدون استخدام اللاسلكي إطلاقا، وتكون
مسئولة عن تهريب جورج بيكون اذا حدث طارىء .
المجموعة الثانية
: ومهمتها مراقبة الوضع العام دون أن تشترك فى أى شىء .
المجموعة الثالثة
: تقوم بمراقبة أسرة جوزيف كلهم والعائلة.
المجموعة الرابعة
: تقوم بعمل اتصال وتنسيق بالأكراد وهم أصدقاء قداما وتقوم إسرائيل بتزويدهم بأجهزة
التجسس والاسلكى والسلاح فى مواجهة السلطة فى بغداد .
المجموعة الخامسة
: تقوم بالتنسيق بين تركيا وأمريكا لإتمام العملية.
فلما كانت السلطة فى العراق
تخشى انشقاق أحد الطيارين ولجوءه بطائرته الميج الروسية الى الغرب فكان هناك عمل احترازي
بعدم مليء خزان الوقود الخاصة بالطائرة الا بنصف سعته فقط، ومن هنا فكانت الحاجة
الى أمريكا التى تملك قواعد عسكرية فى شمال العراق حتى تزود الطائرة بما يلزم من
الوقود بالتعاون مع تركيا .
وقد طلب جوزيف من بيكون أن
يقوم بتهريب كل عائلته وابناء عمومته خوفا عليهم ورغبة فى العيش فى إسرائيل وكان
عددهم 45 شخص !!
بدأت العملية حينما سافر ابن
عم جوزيف الى جنيف ومن هناك ارسل له برقية يقول له ان المستشفى جاهز وان الشفاء
مضمون مائة بالمائة .
ومن هنا فهم جوزيف ان التحويل
تم وقد وضع فى حسابه النصف مليون دولارا وهى الدفعة الأولى المقدمة للمبلغ المتفق
عليه.
وفى الليلة التى سبقت خروج
منير بطائرته الميج 21، توجهت قافلة من السيارات تحمل عائلة جوزيف وأخته وابناء
عمومته الى الشمال دون ان ينتبه رجال الأمن أو يرتابو فى الأمر لان العوائل
العراقية اعتادت على الهروب من حر بغداد الى الشمال الكردى .
ومن تم نقلهم بطائرة هليكوبترا
إسرائيلية الى تركيا ومنها الى إسرائيل .
وفى يوم 15 أغسطس / آب 1966
أقلع منير بطائرته الميج 21 فى مهمة تدريبية وبعد ان ابتعد عن المطار بقليل زاد من
سرعة الطائرة الى أقصى سرعة ممكنة حتى وصل الى أحد القواعد الأمريكية فى تركيا
وهناك تلقى منير رسالة مفادها أن جميع أفراد الأسرة بخير وفى انتظارك، وعلى الفور
اقلع منير من القاعدة الأمريكية بتركيا بعد تزويد طائرته بالوقود وبعد ساعة أخرى
كان منير يحط بطائرته فى أحد المطارات العسكرية فى شمال إسرائيل التى وصل إليها فى
حراسة الفانتوم الأمريكية ...!!
0 تعليقات