العدوان
على العراق..
بين
التشظي الشعبي والصمت الحكومي
عز الدين البغدادي
من الطبيعي في زمن الفوضى ان تتعاكس الرؤى والتوجهات
وذلك لكونها انعكاسا للواقع السيء والمتشظي في العراق، والذي يرجع الى غياب الدولة
وانعدام المركزية، والى الفلسفة التي اعتمدها مؤسسو "العراق الجديد"
التي تعتمد على فكرة رفض مبدأ القوة وتأسيس جيش قوي لكي لا يعتدي على دول الجوار
كما يقولون!!!!
الآن نحن أمام موقف صعب، العراق يتعرض لقصف صهيوني
وبشكل متكرر، وأمس استشهد منتسبان من الحشد الشعبي، ولا زالت الحكومة تاخذ موقف
الصمت.
وللأسف، فإن كثيرا من المواطنين ينظرون بارتياح للقصف
الاسرائيلي على أراضٍ عراقية، ويبدو أننا لا نستفيد كثيرا من تجاربنا، فالذين
كانوا يتمنون دخول امريكا الى العراق لم يتعظوا مما حصل وصاروا ينتظرون تدخلا
اسرائيليا ليغير واقع الحال.
كما ان السلطة الحالية كررت خطأ صدام حينما ايتعد عن
الجماهير وجعل قطاعا واسعا من الشعب ينظر الى سيادة بلده على أنها أقل أهمية من
تغيير واقع السلطة، وأن المهم هو التخلص منها ولو على حساب الوطن. وهذه الحال تتصح
اكثر عندما تنظر الى ردات الفعل تجاه الفتاوى والفتاوى المضادة التي جاءت متأخرة
جدا، وموضعية جدا، ولا أقول أكثر من هذا.
لكن أكثر ما يثير الحزن هو موقف الحكومة العراقية
اللا مبالي بما يحصل، وأخص وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم. اذ يفترض بوزير
الخارجية ان يدافع عن مصالح بلاده، وأن يملك رؤية ومنطقا وقابلية على الاقنتاع،
إلا أن السيد وزير الخارجية يطبق قاعدة "اذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من
ذهب" ومن يراجع الاوليات فلن يستغرب، فالاخبار تقول بأنه بعد فترة قصيرة من
تشكيل حكومة العبادي، تسلم الحكيم حيث كان ممثل العراق في الأمم المتحدة توجيهاً
من وزارة الخارجية بتقديم شكوى ضد إسرائيل على ضربها المفاعل النووي العراقي عام
1981، إلا أنه لم يمتثل!! ورفض تقديم الشكوى، وأصر على موقفه في ذلك مستغلاً ضعف
الحكومة والوزارة.
وبعد ذلك تحدث عن التطبيع وفكرة الدولتين وذكر ان
العراق يؤمن بحل الدولتين، وهو ما جعل إسرائيل تتخذ قراراً بشطب العراق من الدول
المعادية. كما ان الخارجية ومعها بعض الجهات الامنية لا زالت تغض الطرف وبشكل مخجل
عن زيارات يقوم بها مواطنون عراقيون للكيان الصهيوني.
وهذا أمر طبيعي، فالوزارة لم تأت لكفائته الشخصية، بل
مقابل عروض خدمة لا بد أن يفي بها، وهذا امر طبيعي جدا في العراق ولا يختص به. لكل
ذلك، لا استغرب منه الموقف الكارثي بالسكوت، ولا استغرب الموقف من حكومة فيها رئيس
وزراء بهذا المستوى الهزيل بل والمخزي.
وأخيرا أقول للسيد وزير الخارجية ومن معه: عندما
يتعرض البلد الى عدوان فإن الصمت ليس له الا معنى واحد وهو الخيانة.
0 تعليقات