آخر الأخبار

الإمارات فى اليمن إعادة تموضع






الإمارات فى اليمن إعادة تموضع




بداية يعلم الجميع أن مع انطلاق حرب اليمن ودخول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الحرب ضد الحوثيين، كانت أهداف السعودية مختلفة تماما عن أهداف الإمارات العربية في الحرب على اليمن.

فوقتها تولى وزارة الدفاع السعودية الأمير محمد بن سلمان والذي أراد كتابة اسمه سريعا فى كتب التاريخ، فأعلن شن الحرب على الحوثي وصرح أن الحرب هناك لن تستغرق سوى أربعة ٌو خمسة أيام كحد أقصى (حسب تصريحه)، إلى أن تخطت الحرب عامها الرابع واقتربت من الخامس.


بينمات دخلت الإمارات الحرب على اليمن لأهداف سياسية قريبة أولها إنقاذ حليفتها الأولى المملكة العربية السعودية بعد ان شعرت الرياض أن أرجلها انغمست فى الوحل، وثانيا التوجس من اعتماد السعودية الاعتماد الكلي وتوطيد علاقاتها بحزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمون.
بينما جاءت أهداف الإمارات الإستراتيجية البعيدة في السيطرة على أهم بقاع اليمن سواء الجنوب المطل على بحر العرب والقرن الإفريقي والذي يحمل في مخزون ضخم من النفط، أو جزيرة سقطرى اليمنية.
ومع عمل مقارنة بين أهداف كل من البلدين السعودية والإمارات تجاه اليمن سنجد الفارق الرهيب فى الرؤية والتخطيط لصالح أبوظبي أو “أسبرطة الشرق” كما لقبها وزير الدفاع الاميريكي الأسبق جيميس ماتيس، على غرار مدينة اسبرطة اليونانية الصغيرة فى حجمها كبيرة في دورها.
فالإمارات هى الفاعل الأساسي فى اليمن، وكانت المحرك الأول لمقاطعة قطر، وهي الحاضرة عسكريا واقتصاديا وسياسيا في كل دول القرن الأفريقي، وما من هدف من محاولات قطر العبثية التى أفتضح أمرها مؤخرا عبر التسريبات والمكالمات التى أكدت ضلوعها فى تفجيرات الصومال الا إنهاء دور الإمارات فى الصومال، كما أنها حاضرة في شمال أفريقيا سواء بالملف الليبي ودعمها للجيش الوطني الليبي، أو حتى بالجزائر الآن التى يرغب رئيس أركانها أحمد قايد صالح (الذى يخوض صراع شرس ضد فرنسا بعد سجن رجالها بالجزائر) في أن يكون علي بن فليس هو رئيس الجزائر القادم مستغلا رضا الشارع الجزائري عنه، وبموريتانيا التى نجحت فى خطة تسليم السلطة بشكل ديمقراطي من ولد عبد العزيز الى ولد الغزواني، كذلك في تونس، أو حتى لو ذهبنا بعيدا وخرجنا تماما خارج منطقة الشرق الأوسط، فهي واضحة وضوح الشمس فى البلقان، ولنا في العاصمة الصربية بلجراد التى تكاد أن تكون نصف مساحتها مملوكة لإماراتيين وغيرها من العواصم.
ومن حين لأخر خلال فترات الحرب على اليمن كان يتجلى رفض الإمارات الدائم في اعتماد ورقة الاخواني عبد ربه منصور هادئ أو الاعتراف به، وتتذكروا كيف جاء استقبال منصور هادئ خلال زيارته لابوظبي، بينما كيف كانت تستقبل أبوظبي نظرائه من باقي الأطراف اليمنية، وهو ما يوضح لماذا القاهرة صاحبة الرؤية البعيدة أيضا كان جميع اليمنيون المتحدثين فى القنوات الفضائية الرافضين بأن تكون اليمن مخيرة ما بين أمرين (أي بين الاخواني والحوثي) يخرجون من استديوهاتها (أي متبنية تلك الرؤية أيضا)، بينما السعودية الذى يعيش فيها منصور هادئ طوال سنوات الحرب برفقة رجالها (الذين يتهمون الإمارات عبر تغريداتهم ليل نهار) لم يكن لديها أي مشكلة فى التعامل مع حزب الإصلاح ألإخواني كما الحال فى تعاملها ودعمها لإخوان سوريا.
الى أن جاءت القشة التى قسمت ظهر البعير بعد ما تعرضت لها معسكرات الانفصاليون في اليمن الأول من أغسطس، والذى أسفر عن مقتل 50 شخص بينهم عشرون على الأقل من العسكريين، بعد قصف الحوثي لهم بصواريخ باليستية (كما صرح الحوثي)، ويبدو أن هناك بصمات لحزب الإصلاح فى تلك الواقعة، الامر الذى جعل المجلس الانتقالي او ما يسمى إعلاميا بالانفصاليين المدعومين من الإمارات بالرد مؤخرا عبر السيطرة على كل معسكرات الحكومة الشرعية (حكومة منصور هادئ)، بما فيها قصر الرئاسة نفسه قصر المعاشيق.
حتى خرجت الخارجية اليمنية (القابعة فى الرياض) تدين الحادث وتصفه بالانقلاب على الشرعية، فبات الأمر أمام الإعلام العالمي وكأنه صراع بين أعضاء التحالف العربي أو عاصفة الحزم بواجهات يمنية، أي بين الانتقالي أو الانفصالي (المدعوم من الإمارات) ضد حكومة منصور هادئ (المدعوم من السعودية).

وهنا بات الأمر محرج لقيادات التحالف العربي أكثر من الأطراف اليمنية نفسها، ولذلك عملت كل من أبوظبي والرياض على أمرين الأول عدم تفاقم الأوضاع على أرض الميدان اليمني أكثر من ذلك، ثانيا البحث عن حل سريع قبل أن توجه الكاميرات عليهم، وليس على المتصارعين بالوكالة على الأرض.
فجاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى السعودية، لبحث ما يجب تحقيقه في اجتماع جدة المعد لأطراف الصراع فى اليمن ولمرحلة ما بعد اجتماع جدة، ثم تفويت الفرصة على المتربصين في قطر من الاصطياد في الماء العكر، ومحاولات أبواقها الإعلامية ضرب إسفين بين أبوظبي والرياض.
والحقيقة أن أمر الرئيس عبد ربه منصور هادئ ورجاله وقواته عجيب، بل وعجيبا جدا، فكيف بعد كل تلك الأعوام، وكل ما قدم له من دعم بالسلاح وأموال طائلة باتت تستنزف دول التحالف العربي، لم يحقق أي نصر عسكري على الأرض يحسب له، هنا بدأ يتضح ما كانت به الإمارات على يقين تام منذ البداية، وهو أن منصور هادئ والحوثي وجهي لعملة واحدة، وأعتقد أن مهمة الشيخ محمد بن زايد الأولى خلال زيارته السعودية هي إقناع السعودية بتلك الرؤية، بعد أن أوقفت الرياض محاولات منصور هادئ فى إعلان بيان يدين ما قام به المجلس الانتقالي (المدعوم من الإمارات) بعد سيطرته مؤخرا على كل معسكراته فى عدن وعلى قصر معاشيق.
أخيرا وليس أخرا الإمارات تنفذ حالة إعادة تموضع ولكن ليس فى اليمن، فقط بل وفي ليبيا أيضا، وتغريدة رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك التى صرح فيها قائلا: “بإذن الله في هذه الأيام الفضيلة المشير حفتر يحسم أمره مع المليشيات الإرهابية المدعومة من قطر وتركيا والمتسترة بالشرعية في العاصمة طرابلس. مستعدين نعين أشقاءنا في ليبيا ونوفد لهم خبراتنا وتجربتنا مع نفس المليشيات المتسترة بالشرعية، المكان اختلف فقط والداعم واحد قطر وتركيا.“
ما هي الإ رسالة مبطنة لحليف الإمارات المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية الذى أستغرق أكثر من أربعة أشهر لتحرير طرابلس ولم تحرر بعد.
فالإمارات توجهت مباشرة لطهران بعد اتصالات سرية كانت مفاجئة لدى الجميع بما فيها حلفائها، وهناك ما يؤكد فتح الإمارات لاتصالات مع الحوثيين أنفسهم ومباشرة دون أي وسيط، ولاننسى أن برغم كم السفن التى تعرضت للتهديد أو القرصنة أو التفجير أو التخريب فى مياة الخليج العربي مؤخرا، وفي ظل اتهام السعودية وأمريكا وبريطانيا وكافة الأطراف الغربية لطهران بالاسم، الإ أن الإمارات لم تذكر فى أي بيان إدانة لها أسم “ايران” على الإطلاق، كذلك جاء انسحابها أو ما سمي بإعادة تموضع قواتها فى اليمن كتمهيد لسياسة إماراتية جديدة ليس تجاه اليمن فقط بل تجاه أغلب ملفات المنطقة.














إرسال تعليق

0 تعليقات