التقاعد ليس نهاية الحياة
د. محمد إبراهيم بسيونى
التقاعد ليس نهاية الحياة، بل
بداية حياة جديدة لتحقيق أحلام لم تستطيع تحقيقها من قبل بسبب انشغالك في عملك.
بعد المعاش يبدأ الرجل في
الشعور بالفراغ ويشعر بأنه لم يعد له فائدة في حياة أسرته لأنه لم يعد قادرا على
الإنفاق على بيته كما كان من قبل، بل أصبح يتقاضى معاشه الشهري فقط الذي يكاد لا
يكفي احتياجات ومصاريف أسرته، فيشعر أن أي مصاريف أخرى غير مصاريف شراء الطعام
والشراب رفاهية ويجب التخلي عنها. كما يشعر الرجل أنه فقد سيطرته مثلما كان
يمارسها على الموظفين الآخرين، وتكون النتيجة أن يبدأ في تفريغ طاقته في من حوله
من أفراد أسرته ويتدخل في حياتهم بشكل مبالغ فيه، وتبدأ الخلافات الزوجية ويبدأ
الزوجين في اكتشاف شخصيات وطباع بعضهما مثل بداية الزواج وقد تنتهي هذه الخلافات
بالطلاق. وأحياناً يبدأ الرجل في الشعور بالاكتئاب وقد تصل به الحالة للإحباط
والاكتئاب المرضي ويبدأ في تناول الأدوية المضادة للاكتئاب وبالطبع تنعكس حالته
هذه على زوجته وأولاده ويصبح يشكل ضغطاً عليهم.
تجد الزوجة زوجها المتقاعد
يقوم بتصرفات لم يفعلها من قبل ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة في المنزل، ويقتحم
خصوصيتها، ويعلق على أشياء في المهام المنزلية التي تقوم بها كطريقة إعدادها
للطعام ”لماذا تضعين ملح كثير في الطعام؟ ” ، والوقت الذي تضيعه في مكالمتها
الهاتفية“ كل هذه المدة تتحدثين في المحمول؟”، ويشعرها أنها لا تستطيع إدارة
المنزل وكأن مراقبته لها ولأولاده هي وظيفته الجديدة التي سيتفرغ لها في حياته
القادمة.
لذلك يجب أن يهيئ الرجل نفسه
ويستعد لهذه المرحلة الجديدة من حياته، وان يبدأ بترتيب أموره المالية ويحدد
الميزانية التي سيعتمد عليها المنزل وعلي الزوجة أن تساعد في هذا بالتخلى عن
المصاريف الزائدة التي لا داعي لها وتوفير الأموال للمتطلبات الهامة. ويجب عليه ان
يشغل وقته بأشياء مفيدة مثل القراءة والكتابة بدلاً من انتقاد الزوجة وتصرفاتها
وأن يساعدها في أعمال المنزل مثل مساعدتها في شراء متطلبات المنزل من طعام وغيره،
وهذا سوف يفيد صحته ويجعله نشيطأ. ويمكنه ممارسة الرياضة كرياضة المشي يومياً أو
ممارسة أنواع الرياضة المختلفة المناسبة لعمره وبذلك ستحمي جسده من الأمراض
الناتجة عن الكسل وعدم الحركة.
الزوجة يقع عليها دوراً كبيراً
في دعم زوجها والوقوف بجانبه في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها، لذلك يمكنها أن
تقوم بعدة أشياء لمساندة زوجها مثل تشجيع زوجها على الخروج والذهاب للنزهة والقيام
بالأنشطة الترفيهية المختلفة وأن تشاركه في هذه الأنشطة كممارسة رياضة المشي
يومياً معه. وعدم الإثقال عليه في مصاريف المنزل ومحاولة تقليل المصاريف الزائدة
والتخلي عن شراء الأشياء غير اللازمة. والتعبير عن حبها له باستمرار وأنها سعيدة
بأنهم سيقضون أوقاتاً كثيرة سوياً بعد سنوات من انشغاله في العمل.
ويأتي الدور أيضاً على المجتمع
والدولة تجاه الرجال بعد التقاعد بأن تقوم بإنشاء جمعيات ونوادي ترفيهية مخصصة
للاهتمام بالمتقاعدين نفسياً وجسدياً، وأن تستغل خبراتهم طوال سنين عملهم من خلال
مشاريع بسيطة مناسبة لأعمارهم، وبهذا لن يشعر الرجل بالفراغ وفي نفس الوقت يفيد
الدولة.
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات