آخر الأخبار

تأملات في حديث حول الإمام المهدي(عج) [1]



تأملات في حديث حول الإمام المهدي(عج) [1]


علاء الموسوي الواسطى

قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:( "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما" ).

هذا الحديث من الأحاديث المتواترة عند الفريقين فقد رووه جل علماء ومحدثي العامة والخاصة بأسانيد مختلفة وألفاظ تكاد تكون متفقة مع اختلاف يسير ونحن إن شاء الله نحاول أن نضع الحديث على طاولة البحث والتأمل والتدقيق لنفهم أسراره وننهل من عذب فراته ونستضيء بنوره لان كلامهم كما ورد في الزيارة الجامعة كلامكم نور ونحن جالسون على أعتاب حضرة الغني المطلق جل وعلا نلتمس منه نورا ينير به صدورنا وقلوبنا لتكون أمنة مطمئنة يوم الفزع الأكبر.

ومن التأمل والتدبر يمكن استفادة مجموعة من المباحث في هذا السفر الكريم هي:

المبحث الأول:

الحديث الشريف يخبر عن الغيب بلا إشكال, وهنا يأتي السؤال من أين لكم إثبات أن النبي والأئمة(صلوات الله عليهم) يعلمون الغيب ؟ الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى كما في قوله (عالم الغيب والشهادة فلا يُظهر على غيبه أحدا) واتهامنا بأننا نغالي في الأئمة بنسبة معرفة الغيب إليهم فهذا يصدر ممن صغر الله في نفسه ولم يعرفه حق معرفته وابسط ما يمكن ذكره كدليل على علم النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) بالغيب هو:

قال تعالى:(ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين )النحل:89, ونقل علماء العامة ومنهم ابن كثير عن ابن مسعود قال يعني تبياناً لكل علم وكل شيء, وهذا يوافق بالضبط ما ورد عن النبي صلوات الله عليه وأئمة أهل البيت عليهم السلام حيث ورد عن رسول الله: أني مخلف فيكم الثقلان كتاب الله وعترتي آل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

فكل منهما عدل الآخر وأيضا ورد: أنا مدينة العلم وعلي بابها.


وهنا نسال: هل رسول الله (صلوات الله عليه) يعلم الكتاب أو لا يعلم؟


وجوابه: طبعا يعلم وعلم رسول الله(صلوات الله عليه)عند علي (عليه السلام) لقول علي عندما مرض رسول الله(صلوات الله عليهم) مرض الموت طلب عليا فجاءه فأسدل عليهما ستار وسره شيئا فقام فسأله من في الباب ماذا علمك فقال عليه السلام:( علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب أو ألف ألف باب), وعن الإمام الصادق عليه السلام (والله أني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي فيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما كان وما هو كائن) وعن أبي الطفيل قال شهدت عليا وهو يخطب قال سلوني قبل أن تفقدوني سلوني عن طرق السماء فاني اعلم بها من طرق الأرض.

ومثله أحاديث كثيرة بهذا المضمون ومما تقدم يتبين أمرين:

أولهما : إن الكتاب الكريم فيه تبيان كل شيء مما كان أو يكون أو هو كائن إلى يوم القيامة بمقتضى الآية الكريمة.

ثانيهما: إن علم الكتاب كله عند رسول الله والأئمة من أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) بمقتضى الروايات, والنتيجة أن علم ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة عند النبي والأئمة (صلوات الله عليهم).

بقي هناك أمور منها الآيات التي خصت علم الغيب بالله تعالى كالآية المتقدمة (عالم الغيب والشهادة فلا يظهر على غيبه أحدا ) وغيرها من الآيات والروايات الدالة على اختصاص علم الغيب بالله بل أن بعض الروايات يذكر الإمام عليه السلام فيها: أن الله وحد يعلم الغيب وهذه وأمثالها جوابها ببساطة أن لعلم الغيب مرتبتان:

أولهما: علم الغيب الاستقلالي أي إن العالم بذاته واستقلاله عالم بالغيب ولا يحتاج في علمه بالغيب إلى غيره وهذه المرتبة من العلم ثابتة لله جل وعلا لا يشاركه فيها نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد.

ثانيهما: علم الغيب الآلي أي بالواسطة والغير أي أن الشخص يعلم الغيب ولكن لا بذاته واستقلاله بل بتعليم من الله جل وعلا وهذه المرتبة ثابتة للنبي الأكرم والأئمة من أهل البيت عليهم السلام.

ولذا لو سال سائل عن قوله تعالى على لسان عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام:( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الموتى بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) الذي يدعي فيه النبي عيسى علم الغيب يعني يعرف ما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم مما لم يطلع عليه غير الله وهو هذا علم الغيب فلو سال سائل هو يجوز أن نقول عيسى خالق عيسى شافي عيسى محيي عيسى عالم الغيب ؟

الجواب كلا وألف كلا لان هذه لله تعالى أسماء لأنها ثابتة له بالأصالة والاستقلال ولغيره كعيسى عليه السلام ونبينا والأئمة صلوات الله عليهم صفات لأنها ثابتة لهم بواسطة تعليم الغير وهو الله جل وعلا.


تتبعه الحلقة الثانية.




إرسال تعليق

0 تعليقات