عن السلف والمتسلفة
د.أحمد دبيان
عند خروج بنى إسرائيل من مصر ، ورغم التسع آيات ، ورغم
شق البحر ، ولان تسلف الجاهلية تمكن منهم ، استطاع السامرى ، وبالمناسبة ( السامرى
صفة وليست اسم من الفعل شمر أو توقى أو انعزل أو نُبِذ ومنها كلمة (لا
مساس) فى القرآن ...
استطاع هذا الرجل من بنى إسرائيل
والذى قيل انه ربيب الملاك جِبْرِيل ،
وفى اعتقادي انه كان على
علم بتقنيات صناعة التماثيل الحركية ، وانه درس على يد بعض النحاتين المصريين
القدامى ، وان حكاية ان جِبْرِيل هو من راعاه هى إسرائيلية من ضمن إسرائيليات
كثيرة تم دسها فى التفسيرات والشروح لتبرير شركهم وتسلف وثنيتهم .
حيث ان بنى إسرائيل يناصبون
الملاك جِبْرِيل العداء والى الآن ويفضلون ميكال عنه...
استطاع السامرى ان يصنع لهم بتقنية متطورة تعلمها عجلاً
له خوار ، ومن السياق ، الأرجح انه كان وسيلته للاستيلاء على الذهب الذى
بحوزتهم والذى سرقوه من المصريين والذين كان منهم كثيرون ، على علاقة طيبة مع بنى إسرائيل
بل ومنهم من تبع موسى فعلياً وخرج معه....
السامرى هنا كما ذكرنا صفة
ولا علاقة له بالسامرى الصالح المنسوب لطائفة السامرة والذين يقطنون فى نابلس فى
جبل جزريم ، ويؤمنون بالبنتاتيوك
أوPentateuch
والتى تعنى باليونانية
الكتب
الخمس أو كتب موسى الخمس ....
وهو أول خمس كتب فى التوراة
أو العهد القديم وتؤلف التوراة السامرية ...
والذين تم نبذهم من اليهود
الأرثودوكس وتم التشكيك فى يهوديتهم الا مؤخراً .
السامرة ايضاً تعود لصفة
النبذ والتوقى وليست نسبة لسامرى موسى والخروج ..
التسلف الجاهلى هذا ترسخ
بعد نزول الشريعة ، وتحول الى تمسك حرفى بالنصوص يمس المظهر دون الجوهر ،
وفى هذا قال المسيح عليه السلام فى عظته على الجبل ، على كرسي موسى
جلس الكتبة والفريسيون
فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه، ولكن حسب
أعمالهم لا تعملوا، لأنهم يقولون ولا يفعلون
فإنهم
يحزمون أحمالا ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن
يحركوها بإصبعهم
وكل أعمالهم يعملونها لكي
تنظرهم الناس: فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهداب ثيابهم
ويحبون المتكأ الأول في
الولائم، والمجالس الأولى في المجامع
والتحيات في الأسواق ، وأن
يدعوهم الناس: سيدي، سيدي
اذا حللنا خطاب المعلم
العظيم فى عظته على الجبل ، نجد انه يفصل ما بين القانون المنزل من
الله ، وما بين تأويله ، للانتفاع منه ، بترسيخ الطقس دون الجوهر ، ونجدهم
يفعلونها تظاهراً بالإيمان ورغبة فى علو المكانة ....
التسلف ، ومحاولة ترسيخ
المكتسبات ، بمقاومة التجديد والتجدد ، آفة مجتمعات الجاهلية ، التى استطاع البعض
الاستفادة من مغانمها الدينية والدنيوية ، بارتداء قشرة الدين وثوبه...
وهو فى هذا يدافع عن
مكتسباته ، وقد كان المسيح ومن قبله موسى مع السامرى ومن بعده محمدٍ
عليهم الصلوات والتسليمات ، الأشد حرباً عليهم ، لانهم يلتحقون بأردية الدين
والإيمان ، ليقوضوا روح الرسالة من داخلها بترسيخ التأويلات النفعية الزائفة ،
وقد لخصها الله على لسان المسيح فى قوله
احترزوا من الأنبياء الكذبة
الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة!
من ثمارهم تعرفونهم. هل
يجتنون من الشوك عنبا، أو من الحسك تينا؟
ويتماس
هذا مع النص القرآنى المنزل على محمد فى قوله تعالى ؛ ( أَلَمْ تَرَ
كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا
ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ......)
ومن المثلين ما أمر ثمار
المتسلفة وما أشد علقمهم ، وما أكثر من يرتدون ثياب الحملان ،
ثمارهم الشوك ، وزادهم التغييب.
0 تعليقات