آخر الأخبار

مذابح الأرمن





مذابح الأرمن



يخطي كثيرا من يظن أن تركيا تبحث في إعادة الخلافة الإسلامية ..

فهي أول من يعلم أن السياق التاريخي لا يمكن أن يسمح بظهور هذه الكيانات مرة أخري ..

تركيا هدفها القديم الجديد الانضمام للاتحاد الأوروبي فقط ..

لكن الأوربيين خبثاء وضامنين لأن تكون تركيا تابعة لهم دون أن تكون عضوا في اتحادهم ..

فبكل تأكيد لن يقبلوا بوجود دولة إسلامية ومع ذلك جعلوا الباب مواربا لتركيا كي تظل باقية على هذا الأمل ..

 ومن ضمن سياسات العصا التي يظهرونها وقت اللزوم مذبحة الأرمن ..

فما تلك المذبحة ؟ ..


من المعترف به عالميا أن مذابح الأرمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث .. الباحثون يشيرون بذلك إلى الطريقة المنهجية المنظمة التي نفذت من عمليات قتل كان هدفها القضاء على العرق الأرمني من قبل الإمبراطورية العثمانية في عهد السلطان عبدالحميد الثاني .. المجازر اتخذت شكل الترحيل القسري الذي كان عبارة عن مسيرات جماعية طويلة في ظروف قاسية للغاية مصممة بحيث تؤدي إلى وفاة المبعدين تلقائيا بسبب الجوع والعطش والبرد القارس .. يقدّر الباحثون أن أعداد الضحايا من الأرمن تتراوح ما بين المليون و مليون ونصف المليون فرد ..


هذه الجريمة هي أكبر عملية إبادة جماعية في العصر الحديث .. و يقال إنها أكبر مذبحة من هذا النوع في التاريخ الإنساني كله .. ارتكبتها تركيا في نهايات عهد الخلافة العثمانية ..


المهم أن تركيا أقرت بالمذبحة بعد أن ظلت تنكرها لعقود بعد ضغوط دولية شديدة .. اعترفت مؤخرا بأنها ارتكبت جرائم فقط بحق الأرمن ولكنها ترفض بشدة تعبير إبادة جماعية وتنكر أعداد الضحايا .. جاء ذلك على لسان الرئيس الحالي رجب طيب اردوغان الذي أجبرعلى تقديم التعازي إلى أحفاد ضحايا هذه المذبحة ممثلين في رئيس دولة أرمينيا المجاورة .. لكن أرمينيا لم تقبل الاعتذار وطالبت باعتراف تركي كامل ..

الجهود الدولية لم تتوقف في محاولة لانتزاع اعتراف تاريخي من تركيا بمسئوليتها المباشرة عن المذبحة المروعة .. أثمرت تلك الجهود عن صياغة وثيقة أممية سميت بوثيقة الاعتراف ( 20 دولة وقعت بالفعل ) وتنتظر توقيع مصر .. وسنعرف بعد قليل أهمية أن توقع مصر ..


- نظرة تاريخية عن المذبحة والدوافع التي أدت الى رتكابها


الأرمن عرق مسيحي كطوائف السريان والكلدان والآشوريين ..

عاشوا في الإمارة التركية منذ القرن الحادي عشر واستمروا بها حتي قيام الإمبراطورية العثمانية التي اعترفت بهم و بديانتهم و بكامل حقوقهم كمواطنين ضمن المجتمع التركي ..

عاشوا في سلام و هدوء حتي إنهم كانوا يلقبون ( بالأمة المخلصة ) .. كانوا يعاملون بقوانين الشريعة الإسلامية تجاه أهل الذمة حيث لا يجندون مقابل دفع الجزية .. وسمح لهم أيضا بالعمل بقوانينهم الخاصة التي تحكمهم فيما بينهم .. إلا أنه إذا وقع الخلاف بين ارمني و مسلم فيحتكم إلى القانون المستخدم وهو الشريعة الإسلامية لفض النزاع ..

عملوا في التجارة و الزراعة و انخرطوا في المجتمع حتي إن بعضهم تبوأ مراكز رفيعة في حكومة الدولة العثمانية .. كان منهم الأعيان و الوزراء و المستشارون و المديرون و النواب ..

 لكن عندما أرادت روسيا مهاجمة و تفتيت الدولة العثمانية التي كانت قد ضعفت بالفعل في ذلك الوقت قامت بتحريض و تأليب الأرمن الروس المقيمين علي الحدود الروسية العثمانية وإمدادهم بالمال و السلاح و تدريبهم عليه في أراضيها و تكوين جماعات مسلحة مثل (خنجاق) و (طاشاناق) .. و بالمثل قدمت بريطانيا العظمي المساعدات لتلك الجماعات حيث أنها كانت تطمح بدورها في تفتيت الدولة العثمانية .

كان ذلك إبان حكم السلطان عبد الحميد الثاني ..


بعدها مباشرة قررت تركيا الانتقام .. فبدأت وقائع المذبحة الرهيبة سنة 1915 قبل أن تنتهي الحرب العالمية الأولى .. الحجة كانت تمرد الأرمن و رفعهم السلاح في وجه الدولة العثمانية .. لكن الرد العثماني فاق كل الحدود والأعراف إلى درجة أنها وصفت أنها أسوأ إبادة جماعية لعرق بشري على الإطلاق .. كانت القوافل التي يهجرها الجيش العثماني تسير مشيا علي الأقدام في ظروف صعبة مناخيا وبدون طعام حتي أنه كانت تسقط منهم أعداد كبيرة جدا من شدة الجوع والبرد القارس .. المذابح كانت تتم بطريقة وحشية للغاية بغض النظرعن السن أو الجنس إلى جانب اغتصاب النساء وتجميع الرجال و قتلهم في الصحراء رميا بالرصاص ..


تفرق الأرمن بعدها في عدة دول منها العراق وسوريا و لبنان و مصر .. ظلوا يعيشون بها حتي الآن نتيجة هذا الشتات .. تجدهم حريصين علي لغتهم وأعيادهم و عاداتهم رغم انخراطهم التام في تلك البلدان . و يعتبر يوم 24 ابريل هو يوم ذكري هذه المذابح لأنه يوافق اليوم الذي اقتيد فيه أكثر من 2500 أرمني من أعيان اسطنبول الي السجن ثم قتلهم و الاستيلاء علي أملاكهم ..


تنكر تركيا هذه المذبحة وهذا العدد الهائل من القتلي وتقول إن من قتل 10 آلاف فقط وأن سبب وفاتهم لم تكن مذابح بل كان بسبب ظروف الحرب و التهجير .. لكن الوثائق الخاصة بهذه المذابح تكذبها وتدينها بشكل قاطع .. فبعد الضغوط الشديدة وإظهار عدد من تلك الوثائق اضطر اردوغان للاعتراف بالمذبحة لكنه ينكر أعداد الضحايا والطريقة البشعة التي اتبعت في قتلهم ..


- لماذا مصر ؟ ..


يقول المحللون إن اعتراف مصر تحديدا بالمذبحة المروعة سيكون بمثابة كارثة على تركيا التي ستضطر في حال ثبوت تلك الجريمة الي دفع مليارات الدولارات كتعويض للأرمن وهو ما سيشكل ضربة قاصمة للاقتصاد التركي .. أما لماذا مصر فلأنها أول من استقبلت أكبر دفعة من اللاجئين الفارين منهم بواسطة السفن الفرنسية في ميناء بورسعيد ( 4500 أرمني ) ومعهم آلاف الوثائق التي تثبت جريمة تركيا بشكل دامغ ..

هذه الوثائق ظلت محفوظة في المجمع العلمي وأشك أن جريمة إحراقه خلال ثورة يناير كان لها ارتباط بهذا الحدث ..

خصوصا أن ميدان التحرير وقتها كان مرتعا لكل مخابرات العالم ومنها التركية دون جدال ! ..

 به ما يصل إلى 5 آلاف وثيقة تتضمن صور واعترافات من مسؤولين بالدولة العثمانية وحكومة الاتحاد والترقي التي كانت تحكم تركيا في نهاية حكم الدولة العثمانية حول المذابح التاريخية التي ارتكبت في حق الأرمن .. هذه الوثائق تحمل إدانات مباشرة لتركيا حيث تشمل على شهادات من أفراد عايشوا تلك المذابح إضافة إلى صور للمقابر الجماعية التي تم تنفيذها في تلك السنوات ..


هذا سر العداء الشديد من قبل تركيا ضد ثورة 30 يونيو وقائدها بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من ضمان وجود مصر إلى جانبها في ظل حكم الإخوان ..


............. المؤكد أن تركيا سترتكب حماقة كبرى إن لم تقدر حجم وثقل مصر جيدا ..


إرسال تعليق

0 تعليقات