آخر الأخبار

محرم والهجرتين




محرم والهجرتين

محمود جابر

لا اعلم لماذا يصر العقل المسلم على رؤية الأشياء من خلال لونين، ولونين فقط، أما أبيض أو اسود ....
فما بين الأبيض والأسود مئات الدرجات الأخرى التى تسمح باقتراب بعض من هنا وبعض من هناك لتحقق تقارب فى الرؤية وتزيل حالة الاحتقان والاحتراب والجدل والتكفير والتخوين التى لا تنتهى ....


فما أن يأتى محرم حتى تشتعل حالة الاشتباك بين الأبيض والأسود، فالبعض يرى أن محرم موسم حزن وعزاء وبلوى وامتحان، وآخرين ينظرون الى المحرم باعتباره فتح ونصر ...


وهنا تشتعل الحروب الكلامية والاتهامات الطائفية وكل يرى لونه الذى لا يريد ان يرى غيره أو يحاول ان يفهم بعض من الصورة....

فحدث الهجرة سواء كان فى المحرم أو ربيع،  إلا انه حدث إعادة ترتيب لشئون الاجتماع البشرى حيث جرى كتابة التأريخ الهجري مبتدئ بهجرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم وكان هذا فى عهد عمر بن الخطاب قبل مقتل سيدنا الإمام الحسين بعد حوالى أكثر من أربعة عقود من بدأ العمل بالتقويم الهجرى كتقويم رسمى للمسلمين ...


فى حين يرى الشيعة أن محرم هو موسم حزن على حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله الذى قتل فى معركة الغدر والوحشية والإجرام الأموي ...
ولم يرى احد من الشيعة أن حادث القتل ترتب على الهجرة سواء الأولى لرسول الله أو الثانية للإمام الحسين الذى خرج من مكة إلى كربلاء ...
هجرة الحسين متحققة وفقا لما قاله النبى هجرة إلى الله ورسوله، حينما قال عليه السلام أنما اطلب الإصلاح فى أمة جدي وأبى !!
نعم الأمة التى خرب ضميرها تحج وتنام على الظلم وتزور ولا تعرف كيف تكبح جماح الفاسدين فهى أمة مغيبة، تركها الحسين يوم التروية وخرج من مكة ولم يحج .....

والأمة التى تزور قبر الحسين دون ان ترى ان واجب الإصلاح واجب أصيل ليس لها من زيارتها نصيب .....
الحسين أدرك أنه بعد حوالى خمسة عقود من انتقال النبى تعاظمت الدنيا لدى المسلمين حتى ضحوا فى سبيل هذه الدنيا ببقية الله الصالحة ووصية النبى المؤكدة ....

ومن هنا أرى أن محرم شهر الهجرة فيه فرحة وحزن فرحة بانتصار النبي وفرحة بانتصار الحسين الذى هزم الموت وهزم الكفر وهزم الدنيا..

وحزن على فراق وموت الحسين هنا نكون قد نظرنا الى الكوب من كل الجوانب رأينا فيه نصفه الممتلىء ونصفه الفارغ ورأينا ان بين الأسود والأبيض تقارب من خلال الرمادى ....
ومن هنا نوقف حرب الاتهام والتخوين والتكفير
ونكون معتصمين بحبل الله المجيد الممتد الذى أمرنا ان نتمسك به .....
وكل عام وانتم بخير
وعظم الله أجوركم
 وللحديث بقية


إرسال تعليق

0 تعليقات