مدينة "عانة" جنة أعالي الفرات
تاريخ عريق ينافس أقدم مدن
العالم ويمتد لأكثر من 4 آلاف سنة
·
ذكرها الرحالة ابن بطوطة بعدما
جاء من الصين والهند الى بغداد قائلا:”ان هذه البلاد من أحسن بلاد الدنيا وأخصبها،
والطريق فيما بينها كثيرة العمارة وكأن الماشي فيها يسير في سوق من الأسواق..لم أر
ما يشبه البلاد على نهر الصين إلا هذه البلاد»
جنة
أعالي الفرات، مدينة تاريخية كانت تنبثق وسط النهر الكبير، ثم باتت تغفو على ضفته،
مدينة يكتب اسمها عنه، ويلفظ عانه.
تقع بلدة عانة في محافظة الأنبار في غرب العراق،
بالقرب من محافظة دير الزور السورية..
هي
اليوم مدينة حديثة، تبعد نحو 200
كيلومتر غرب مدينة الرمادي عاصمة الأنبار، وتتبع إداريا
للقضاء أربع نواح، يقدر تعدادها السكاني حوالي 29 ألف نسمة حسب إحصاء عام 2013
مقسمين حسب السكن، في مركز قضاء عانه 13 ألف نسمة، ناحية الريحانية ويسكنها 10
آلاف نسمة، ناحية حصا ويسكنها 6 آلاف نسمة، وناحية الصكرة ويسكنها 5 آلاف نسمة.
الزراعة هي المهنة الرئيسية لسكان المدينة نتيجة خصوبة الأرض ووفرة المياه، وما
يميز الزراعة في مدينة عانه ما يعرف بالحوايج، وهي جمع «حويجة» ويعتقد أن أصل
الكلمة هو «حويقة» أي الجزيرة التي يحيق بها الماء من كل الجهات.
مدينة
عانه التي نتحدث عنها هي في واقع الحال عبارة عن مدينتين، واحدة تاريخية لم تعد
موجودة اليوم بعد ان أغرقتها مياه سد حديثة الذي انشئ منتصف الثمانينات، وقد كانت
مدينة عانه جزءا من بحيرة السد فغمرتها المياه، ومدينة عصرية بنيت على طراز معماري
حديث نفذته شركات فرنسية، وتم نقل سكان المدينة الغارقة لها.
وان كل
من يكتب أو يتكلم عن مدينة عانه العراقية اليوم فانه بالضرورة يتكلم عن المدينة
التاريخية القديمة الممتدة على ضفة الفرات والمحصورة بين ضفة النهر ومرتفعات
محاذية له، لذلك كانت المدينة ذات شكل مستطيل يمتد حوالي 20 كم، وأزقتها ممتدة بين
ما يعرف بالجبل والنهر، بالإضافة إلى المدينة التاريخية التي هي عبارة عن جزيرة في
وسط الفرات تعرف بوجود قلعة عانه التاريخية.
ذكرها الرحالة العربي ابن بطوطة في تاريخ رحلته
بعدما جاء من الصين والهند إلى بغداد سنة 748هـ ورحل إلى الأنبار وهيت ثم حديثة ثم
عانه فقال «ان هذه البلاد من أحسن بلاد الدنيا وأخصبها، والطريق فيما بينها كثيرة
العمارة وكأن الماشي فيها يسير في سوق من الأسواق» وقال أيضا «لم أر ما يشبه
البلاد على نهر الصين إلا هذه البلاد».
كما مر بها رحالة أوروبيون منذ
القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر وكتبوا عنها ومنهم الرحالة رولف الذي زارها
ووصفها في كتابه الصادر عام 1564م كذلك ذكرها الرحالة دي لافيل عام 1664م والرحالة
بنيامين والبلجيكي موسيل والبريطانية مس بيل، التي مسحت مناطق غرب العراق عام 1908
بحثا عن الآثار، ربما كان لموقع مدينة عانه الجغرافي على حدود بادية الشام وكونها ملتقى
طرق التجارة الرابطة بين الشام والعراق والحجاز دورا مهما لعبته على امتداد
تاريخها الطويل، لتبقى عانه من المدن القليلة في العالم التي استمرت في الوجود
والحياة على امتداد آلاف السنين لتذكر بتاريخ وارث هذه الأرض العظيمة.
ان لمدينة عانه تاريخ عريق
ينافس أقدم مدن العالم ويمتد لأكثر من 4 آلاف سنة.
عاش فها تاريخيا البابليون
والآشوريون ثم يهود ومسيحيون ومسلمون. وقد وصل اليهود إليها في أعقاب السبى
البابلي في القرن السادس قبل الميلاد.
0 تعليقات