أزمة تحييد الساعدي
د. عماد علي الهلالي
الخطأ نتيجته الطبيعية الفشل،
والمكابرة بالإصرار على القرار الخاطئ خطأ آخر نتيجته الخسارة. ومن الطبيعي أن
الحكومة إذا لم تحترم شعبها لا يحترمها شعبها.
وقد كشفت أزمة تحييد الساعدي
لمن لا يرى حقيقة الوضع أنه ليس للسياسيين من يحترمهم إلا الجهات التي تقف وراءهم،
وحتى المدافعين عنهم لا يستطيعون تبرير أخطائهم. فنحن بين يدي عدة معطيات واضحة
تساعد عليها طبيعة الحكومة الحالية:
1- إن السيد عادل عبد المهدي
لم يتخذ القرار بنفسه بل أملي عليه من جهات سياسية تقف خلفه بدون حياء وتجعله
واجهة لتلقي النقد والشتائم وتختلي هي بالغنائم. ويظهر ذلك من حماستهم للدفاع عن
القرار أكثر منه.
2- إن إثارة (احتمالات
الشيطان) لم تعد تنفع، لأنها لغة التنابز ربما تنفع بين السياسيين، والساعدي ليس
سياسياً ولا يُحتمل فيه أن له دوافع سياسية وراء تصريحاته، والرجل قد سلك الطريق
الطبيعي للاعتراض فاتصل بالقائد العام للقوات المسلحة أولاً وقرره على نفسه أنه لا
يملك شيئا تجاه الساعدي، ولعله لا يعرف الفرق بين المنصبين.
3- ليس الساعدي ضابطاً
اعتيادياً لكي يسمع ويطيع القرار وإن كان خاطئاً فإن ضباطا أقل منه رتبة وخبرة
تعتمد عليهم مؤسسات عالمية وأكاديميات كمستشارين، وهو من ينبغي أن يشير على رئيس
الوزراء الذي يعرف الصغير قبل الكبير أخطاءه.
4- إن سلسلة اغتيالات الضباط
الكبار وتنحية بعضهم تدل على مخطط عسكري مضاد للعراق ولا يأمن الناس مشروعاً آخر
مماثلا لداعش لا سيما وقد دخل الإرهابيون الى العملية السياسة وشاهد الناس قرارات
العفو الصلفة تجاه عدد كبير منهم. مما يدل مؤكدا أن الناس أكثر يقظا وحرصا من
الحاكمين الذين عرف عنهم اللامبالاة بمصير الشعب لا سيما وأن لكل منهم جنسية
أجنبية يرفض التخلي عنها ومقومات في الدول الغربية يضع رجله الأخرى فيها، وعند أي
بارقة سيرحلون بحقائبهم دون ان يلتفوا الى مصير البلاد التي خربوها بإهمالهم
وطمعهم وفسادهم ثم تركوها بين أنياب الأعداء.
5- إن القرارات التي ينبغي أن
تحترم تكون في حال وجود حكومة محترمة، لا حكومة يعترف رئيس الوزراء بفسادها من أول
يوم.
6- إن لغة المحاصصة في المناصب
صارت لغة مكشوفة لا يستحي منها السياسيون الحاكمون في بغداد، وهي شراهة متفاقمة لا
يأمن الناس أن تكون وراء إقالة الساعدي لجلب بعض المتحزبين لهذا المنصب الذي يُنظر
إليه كباب ربح مادي.
7- إن الساعدي ليس من رواد
السفارات، بل إن السفارات هي ملاذ السياسيين الذين جلبتهم حكوماتها.
فالحذر الحذر من الأخطاء التي
لا تقال عثرتها.
0 تعليقات