آخر الأخبار

مصر وتكتيكات الدولة العميقة







مصر وتكتيكات الدولة العميقة 



 د. محمد إبراهيم بسيونى 

إذا تأملت بعمق وروية بتكتيكات الدولة المصرية العميقة التي تخطط وتوجه دفة سفينة النجاة لمصر وتدير شراعها ليواجه الريح تارة ويجاريها تارة أخري، لتعبر متسللة ومتجاوزة أهوال الأمواج والنوات، محملةً بما تنوء به أي دولة أخري من أولي القوة والإمكانات والثروات سيصيبك ذهول التعجب؛ وربما التحير.

المشهد الداخلي "ظاهره" شعبوي بإمتياز، فوضوي بوضوح؛ بطيء المسعي بجلاء؛ متبدل علي استحياء شديد عكس الخارجي منه الذي تتجلي في نتائجه ونجاحاته القدرة والكياسة والحسم والإبهار المعجز في سرعة التحول علي منحني الصعود وتحقيق النقاط.

‏ما يؤلم، هو إشراق ونجاح ملفات أساسية داخلية كالاقتصاد الكلي والأمن السياسي حينما يختفي نفس الإشراق الناجح في إدارة ملفات أخري، تحديداً ( الإعلام، بناء النظام السياسي، هدم الفكر الأصولي، والردع الأمني للفوضي المجتمعية). هناك خطوات بالتأكيد نحو الاعلي، لكنها ثقيلة ومترددة ومكبلة بتابوهات مجتمعية متحجرة ومقاومة، إنتهازية في دوافعها للاصلاح.


‏لا يمكن أن تقود المجتمع وتتصدر قوائم أسلحة الدولة؛ فالق الشعب "الداعمة للدولة" علي السوشيال ميديا، ليس لكونها داعمة قطعاً؛ وإنما لأنها، كخصائص سلوكية لأي تجمع، عشوائية عاطفية مندفعة غير احترافية وغير منظمة وانفعالية ويسهل جداً استدراجها لمزالق فرعية تسيء وتهدم وتشوه من حيث تظن أنها تحمي وتدافع وتناصر الدولة المصرية.


‏لا يصح ولا يليق، أن تترك الدولة العميقة للخطاب الشعبوي المتحمس المتشنج في الميديا والاعلام أن يتقدم صفوف المقاومة والدفاع ويظن أنه القائد والملهم والمُعلم. تجاوز الزمن هذه الشعارات الشموليه الكبري وطُمس بريقها ومبتكريها. إحترافية إدارة الصراع الاعلامي والفوضي المجتمعية والدينية والثقافية في مصر، تكاد لا تُري بالعين المجردة، رغم انها عين وطنية، فيما أدعي.


‏مازالت المنظومة السياسية في مصر لا تبطش بالراقص المتزلف، رغم فضائح كل دوافعه. متفائل للغاية، علي عكس ما يُفهم، ربما من المقال. لكنني لا أومن بدولة التصفيق اللاواعي؛ ولا يليق بأي عاقل يحترم نفسه أن يقبل السير بالقطيع. نقد الذات علي قواعد المصلحة الوطنية القومية العامة أحد أهم أركان الدولة القوية المتنوعة الحاضنة لكل الافكار.


إرسال تعليق

0 تعليقات