هيا بنا إلى الصين
هادي جلو مرعي
حظيت زيارة رئيس الوزراء عادل
عبد المهدي والوفد الرسمي المرافق له الى الصين بإهتمام بالغ عبر وسائل الإعلام
ومواقع التواصل الإجتماعي كما لم تحصل مع غيرها من الزيارات لبلدان أخرى مهمة على
الصعيد الإقتصادي، وكتب العديد من المعلقين ناقدين ومؤيدين لها ومحللين لأبعادها
وأهميتها للعراق الذي يعاني من مشاكل كبرى على صعيد الخدمات والبنى التحتية
الأساسية، وعلى مدى سنوات طويلة لم ينفع معها التواصل مع دول إقليمية وعربية،
ولاحتى مع بلدان الإتحاد الاوربي وأمريكا وروسيا في إحداث تأثير مباشر على واقع
الإقتصاد الوطني، أو أن يحدث نقلة نوعية في مجال الإستثمارات الصناعية والزراعية
والتجارية في البلاد، وسخر آخرون منها، وعلق البعض محاولا التقليل من أهميتها،
ولكنها في النهاية زيارة مهمة، فقد تشكل الوفد الرسمي من وزراء فاعلين في الحكومة
ومحافظين ومسؤولين في هيئات تنفيذية وإستثمارية ورجال أعمال مايعني إن عبد المهدي
يعول كثيرا عليها في تغيير نمط السلوك المعتاد في السياسة الخارجية للعراق، وهو
أمر إشتغل عليه رئيسا الوزراء السابقين نوري المالكي وحيدر العبادي، ومنعتهما ظروف
المحن السياسية والأمنية من إكمال حلقات التواصل مع الخارج، وخاصة مع دولة بحجم
الصين، ومستوى تأثيرها الواسع في حركة الإقتصاد العالمي.
قبل أيام نزلت في فندق
بالعاصمة المصرية القاهرة، ووجدت إن مدير الفندق سيدة من الصين، وهناك عمال
وموظفون في الإدارة والمطعم والخدمات، ووفود تصل من مدن صينية مختلفة، بينما
إقتنيت من مونتريال جاكيتة من صنع الصين وحاسوبا لوحيا كذلك، وفي روما كانت الثياب
والأحذية الصينية تملأ المتاجر، وقد فعلت ذات الشيء بباريس، ووجدت الحضور الصيني
طاغيا في فرنسا، وفي الجانب الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتقدها
للوهلة الأولى مدنا صينية عامرة، لكن أثارني كثيرا حجم الوجود الصيني في اليونان،
ومدى الإستثمار هناك في مزارع ومصانع، واللافت إن الصينيين توجهوا الى أفريقيا
التي كانت تنهب من المستعمرين الأوربيين، وأحدثوا نقلة نوعية في إقتصاد بلدان لم
تكن تتوقع أن يحدث فيها شيء إيجابي يدفعها للثقة بمستقبلها.
ماذا لو نجحت زيارة عبد
المهدي، وعاد الى بغداد محملا بالوعود الصينية الصادقة، فالصينيون ليسوا
كالأمريكيين، ولا الأوربيين، ولاحتى الروس. هم يشبهون الرشاش الروسي سهل الاستخدام،
والذي يمكن إقتناؤه بسعر منخفض، ويكون فاعلا في المعارك الشرسة والسريعة، وتقنيته
بسيطة، ولكنها ناجعة للغاية في الإستخدام المباشر، هم أيضا يمتلكون مهارة الحضور،
ولديهم الرغبة المستمرة في التواجد في كل مكان تتاح لهم فرصة الإنتقال إليه
للإستثمار، ولايريدون سوى المبادرة الأولى، وعلاقاتهم جيدة مع مختلف شعوب ودول
العالم حتى أن المبشر في الأمر إن الصين حليفة إستراتيجية لإيران صاحبة النفوذ
الكبير في العراق، والتي قد لاتعترض على الوجود الصيني هنا مثلما تعترض على الوجود
الامريكي، أو الأوربي، وقد ترى في الحضور الصيني عامل طمأنينة لإستمرار نفوذها لأن
الصينيين يريدون الإستثمار، وليس الإستعمار.
من المهم جدا تقديم خطة
متكاملة للشركات الصينية، وتصورا واضحا عن الحاجة العراقية للإستثمار في قطاعات
مختلفة، وعدم تجاهل أي قطاع، فهولاء ناجحون ومتمكنون وصادقون، ويمكنهم إحداث
التغيير المنشود في الإقتصاد العراقي، وعلينا أن لانتردد في التعامل معهم لنحقق
لشعبنا المزيد من فرص النجاح التي كان ينتظرها ويريدها لمستقبل أفضل. هيا بنا الى
الصين.
0 تعليقات