من كتـــب التاريــــخ الإسلامـــــي
أسماءهم وترجمة حياتهم (1)
فرقد القزوينى
هذه النقطة مهمة جدا، فمن الذي
كتب التاريخ الإسلامي، وما هي الجهات التي رعت كتابته، وأنا اعني الكتب الرئيسة
التي اعتمدها جميع الكتاب، لان التاريخ لا يكتب إلا بوثائق، باعتبارها هي المصدر،
وبذلك تكون الكتب وكتابها هم الأساس في تاريخ الإسلام، وهم من حددوا الاتجاهات.
والتاريخ الذي نعنيه، وهو
المصدر الأساس لبحثنا ولعقيدتنا، ينقسم إلى قسمين:.
الأول:
تاريخ الرسول {ص} والرسالة ونزول الوحي والتبليغ، ثم الهجرة وتأسيس الدولة
الإسلامية، والحروب التي قامت والذين شاركوا فيها.
يضاف لها تاريخ التشريع ونزول
القران الكريم على نبينا محمد {ص} والأحكام الشرعية التي تتعلق بتنظيم الفرد
والعائلة والمجتمع.
الثاني:
ما بعد وفاة الرسول {ص} مرورا بالخلفاء الراشدين، لحين وفاة المؤرخ، ومن يأتي بعده
يأخذ منه حتما ويكمل كتابة بقية التاريخ، وهذا يظهر في تاريخنا واختلاف الثقافات
والانتماءات بشكل واضح.
وابرز من كتب التاريخ الإسلامي
من الطبقة الأولى التأسيسية هم.
1. عروة بن الزبير بن العوام
(23-93هـ).
وهذا يعني انه عاش في عصر
الدولة الأموية، وهو من فقهاء المدينة المنورة، كان في بداية حياته مؤيدا لأخيه
عبد الله بن الزبير، وبعد انهيار دولة الزبيريين وقتل أخيه عبد الله، اعتزل الحياة
السياسية وتوجه نحو العلوم الشرعية وأصبح من فقهاء الأمويين عندهم في المدينة كونه
كان يأخذ من خالته أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر {رض}، وهو من روج الأحاديث عن
خالته أم المؤمنين، ولم يسبقه احد في هذا المضمار، واعتبر أهم مصدر ومؤرخ عند
المسلمين. حدث عن أبيه بشيء يسير لصغره، وعن أمه أسماء بنت أبي بكر، وعن خالته
عائشة، ولازمها وتفقه منها.
يُروى عن الزُّهري، عن قبيصة
بن ذؤيب، قال: كنا في زمن خلافة معاوية إلى آخرها، نجتمع في حلقة بالمسجد، بالليل،
أنا، ومصعب وعروة ابنا الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبد الملك بن مروان، وعبد
الرحمن المسور، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة،
ونتفرق بالنهار، فكنت أجالس زيد بن ثابت وهو مُتَرأِس بالمدينة في القضاء والفتوى
والقراءة والفرائض، في عهد عمر، وعثمان، ثم كنت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن نجالس
أبا هريرة، وكان عروة يغلبنا بسبب دخوله على عائشة.
كانت ولادته في آخر خلافة عمر
بن الخطاب، إخوته عبد الله، ومصعب، وجعفر، وعبيدة، وعمرو، وخالد، والمنذر، وعاصم،
وحمزة. تفقه على يد خالته السيدة عائشة بنت أبي بكر، روى الحديث من الصحابة ويعتبر
أحد الفقهاء السبعة في عصره. عاش فترة من حياته في البصرة ومصر وتوفي في المدينة
المنورة. كتب عنه: ابن حجر في البداية والنهاية. في ترجمة عروة بن الزبير. كان
عروة واسع المعرفة، محيطا بالسير والمغازى، حتى إنه أول من ألف في هذا الفن، إلا
أن ما كتبه في فن المغازي والسير لم يصل إلينا.!!!
يبدو أنه من بين الكتب التي
أحرقها، ثم ندم عليها فيما بعد، وكان قادة عصره يعرفون عنه إلمامه بالسير
والمغازى، فكانوا يبعثون إليه من وقت لآخر يسألونه عن أمر من الأمور التي تعرض
لهم، ويريدون أن يعرفوا وجه الحق فيها، وكان عبد الملك بن مروان يكتب لعروة من وقت
لآخر يستوضحه عن الأمر من السيرة، وعلى الرغم من ضياع كتب المغازى, بين ما ضاع أو
أحرق من كتبه، فإن قراءة كتب التاريخ بإمعان يمكن للباحث خلال الإمعان فيها أن
يستخلص رواية كاملة للسير والمغازي جاءت عن طريق عروة،.
{هذا يبين أن المراسلات التي
كانت تتم بين عروة وبين عبد الملك بن مروان والذين من بعده، اعتمدت أساسا في تثبيت
التاريخ الإسلامي. علما إن الإمام محمد الباقر "ع" كان موجودا وفي حياته
تم إرسال بعض الأسئلة التي لم تتمكن الدولة الأموية من معرفتها والخروج من مأزقها،
فاستعانت بالإمام الباقر{ع} وتم الإجابة عليها من قبل الإمام {ع}إلا أنها لم تعتمد
في التاريخ الفقهي لدى المذاهب الإسلامية الأربعة }.
وقضية سك النقود في الإسلام
معروفة( ) وأراد أن يشترك في حرب الجمل ضد علي بن أبي طالب {ع} ولكنهم أرجعوه لصغر
سنه، نقل عنه هشام: انه قال: رُددت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن يوم الجمل،
استصغرونا( ).
2. أبان بن عثمان بن عفان.
(20-105هـ)
من فقهاء التابعين وعلمائهم،
أمير المدينة. أول من كتب في السيرة النبوية. هو ابن الخليفة عثمان وهو (أول مؤرخ
في الإسلام)أمه أم عمرو بنت جندب بن عمرو بن حممة الدوسي ابن الحارث، عاصر الخلفاء
الأمويين وهو ينتسب للعائلة التي حكمت تلك الفترة.
تولى إمارة المدينة المنورة
لعبد الملك بن مروان سنة 76هـ حيث كان مقرباً من الخلفاء الأمويين كونه ابن عثمان
بن عفان. وهو أول من ألف في السيرة النبوية، وكانت فترة إمارته فترة نشاط علمي،
وكان يجتمع في مجلسه العلماء والمحدثون والظرفاء، روي عنه أنه كان يحب الدعابة
والمرح.( )
فكان يكثر في مجلسه المتحدثون
ووعاظ السلاطين، وممن يعرفون استغلال الوقت للأغراض الشخصية، ولم يعرف التاريخ أين
كان أولئك الذين يأخذ عنهم أبان بن عثمان. عزل عن ولاية المدينة سنة 83 هـ، وولي
مكانه هشام بن إسماعيل المخزومي، {خال الخليفة}، فعاش بقية حياته في المدينة
بعيداً عن الإدارة والسياسة، وتعرض للأمراض قال محمد بن سعد أصيب بالصمم، وأصيب
بالفالج. توفي سنة 105هـ..
يعد من أبرز فقهاء المدينة
المنورة، شهد معركة الجمل مع عائشة سنة 36هـ/656م، ضد الإمام علي{ع}، ولاه عبد
الملك بن مروان المدينة المنورة سنة 75هـ, بعد أن نقل الحجاج بن يوسف عنها إلى العراق.
فظل عليها سبع سنوات ثم عزله سنة 82هـ، ولم يكن ذا مقدرة إدارية. وفي أثناء ولايته
خرج عبد الرحمن بن الأشعث في العراق على عبد الملك، فلم يعين الخليفة أميراً للحج
عام 80هـ فلما قدم أبان مكة تنازع مع واليها الحارث بن خالد المخزومي على إمارة
الحج فمال الناس إلى أبان، فحج بهم.
ولم يكن لأبان خطر سياسي وإنما
اشتهر برواية الحديث، وكان من الرواة الثقات، روى عن أبيه وغيره، وهو أول من دوّن
ما سمع من أخبار السيرة النبوية والمغازي ودفعها إلى سليمان بن عبد الملك في حجه
سنة 82هـ فأتلفها سليمان, في أواخر حياته أصيب بالفالج والصمم، فكان يؤتى به إلى
المسجد محمولاً في محفة.
يتبين من النص الذي ذكره
الذهبي أن ما يكتبه المؤرخ يُسَلَم إلى الأمير والحاشية لمراجعته. ومن الأمور
المهمة التي كتبت في التاريخ. كنموذج منها التالي:(أخرج عبد بن حميد وابن جرير
وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن الزبير بن خالد (2) قال: قلت لأبان بن
عثمان بن عفان: ما شأنـها كتبت {لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ
وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ
وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}(النساء/162)، ما بين يديها
وما خلفها رفع وهي نصب ؟! قال: إن الكاتب لما كتب {لَكِنْ الرَّاسِخُونَ} حتى إذا
بلغ قال: ما أكتب ؟ قيل له: أكتب (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ) فـكتب مـا قيل
لـه)( ). وفي تاريخ المدينة للنميري: " حدثنا عمرو بن عاصم قال، حدثنا حماد
بن سلمه، عن الزبير أن خاله قال: قلت لأبان بن عثمان وكان ممن حضر كتابة المصحف:
كيف كتبتم {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}(النساء/162) ؟!
فقال: كان الكاتب يكتب والمملي يملي، فقال: أكتب. قال: ما أكتب. قال: أكتب
(والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة)( ) هذا يعني إن كتابة التاريخ عند أبان كان
فيها خلل كبير وهذا يؤدي إلى تغيير المعنى والغايات والأفكار. والسبب هو سهو
المملي والخلل الذي يقع به الكاتب نحويا بسبب عمى العالم وعدم رؤيته لما يكتب. وهو
الذي أوقع الأمة وتاريخها في اختلافات كبيرة.
وللحديث بقية
0 تعليقات