عْاشُورْاءُ
السَّنَةُ السَّادِسةُ
(٨)
كلُّ ما فعلهُ الأَمويُّون ونشروهُ من أَكاذيب
وتضليل بخصُوص عاشوراء كانت مُحاولات مستميتةٍ لتبرِئةِ الطَّاغية يزيد الأَموي من
دمِ الحُسين السِّبط (ع) وهو الأَمر الذي كذَّبهُ وفضحهُ أَهل البيت (ع) وكذَّبتهُ
الوقائع والحقائق التي تحدَّثت عن ردُود فعل الطَّاغية في مجلسهِ عندما أَدخلوا
عليه السَّبايا وأَمامهُ رأسَ سيِّد الشُّهداء (ع) في طستٍ {مُنتَحِياً على ثنايا
أَبي عبدالله سيِّد شباب أَهل الجنَّة تنكُتها بمِخْصَرتِك} كما تصِفُ المشهد
عقيلةُ الهاشميِّين زينب بنت عليٍّ (ع) في خطبتِها النَّاريَّة التي فضحت فيها
الطَّاغية وأُصولهُ ونهجهُ وسيرتهُ وتورُّطهُ بدمِ الحُسين السِّبط (ع).
وتلكَ هي عادة الحكَّام الظَّالمين، إِنَّهم
يحاولُون دائماً التنصُّل من مسؤُوليَّة الجرائِم البشِعة التي يرتكبونَها خاصَّةً
إِذا كانت ردَّة فعل الرَّأي العام شديدةً وعنيفةً ضدَّها.
ولذلك ينبغي أَن لا نمنحهُم فُرصة التنصُّل
هَذِهِ، ولا ندعَهُم يبحثونَ عن أَكبُش فِداء يُقدِّمونهُم للرَّأي العام على
أَنَّهُم مَن إِرتكبَ الجريمة من دون علمِ الحاكم! أَو بالضدِّ من إِرادتهِ
ورغبتِهِ!.
يلزم أَن نسمِّيهم بأَسمائهِم ونُؤَشِّر على
جرائمهِم بلا تبريرٍ أَو أَعذارٍ كالقَولِ بأَنَّهم لم يكونُوا يعرفُون بها أَو
أَنَّهم لم يقصدُوها وأَنَّ مَن نفَّذها لم يفهم قصدَ الحاكم المُجرم أَو أَنَّ
عناصرَ مارقةً هي التي ارتكبت الجريمة من دونِ عِلم الحاكم ومعرفتهِ، وهكذا.
يجب أَن يدفع المُجرم ثمن جريمتهِ على
الأَقلِّ بتسميتهِ لعزلهِ وشجبهِ، أَمَّا التَّبرير لَهُ بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكال
كأَن نرمي الفِعل على غيرهِ فتلك جريمةٌ مُضاعفةٌ كما يصفها القرآن الكريم {وَمَن
يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ
بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}.
وفِي هَذِهِ الحالة فإِنَّ المُجرم الحقيقي
الذي يبحث عن كبشِ فداءٍ، وأَنَّ الذي يُبرِّر لَهُ ويصدِّقهُ شريكان في مساعيِ
التَّضليل.
ومن اللُّغات الهابِطة التي تنتشرُ هذه
الأَيَّام نظريَّة [الشَّخصنة]!.
فأَنت مُتَّهمٌ بشخصَنةِ الأُمور إِذا سمَّيت
مُعاوية كمُتمترِّد على الخليفةِ الشَّرعي أَميرَ المُؤمنينَ (ع).
وأَنت تُشخصِنُ الأُمور إِذا سمَّيتَ يزيد
كقاتلٍ للحُسينِ السِّبط (ع).
وهكذا في كلِّ قضيَّةٍ تاريخيَّةٍ كانت أَو
مُعاصرةٍ.
يلزمكَ أَن لا تُشخصِن الأُمور أَبداً، فلا تقُل
أَنَّ [الرَّشيد] قتلَ الكاظِم (ع) ولا تقُل أَنَّ [المأمون] قتلَ الرِّضا (ع ،
أَمَّا احتلال نصفَ الأَراضي العراقيَّة من قِبل الإِرهابييِّن وإِنتهاك الأَعراض
وإِستياحةِ الدِّماء والأَرواح، ومقتل آلاف الشَّباب في سبايكر وأَخواتها، وإِهدار
المال العام وتضييع خيرات البِلاد في آلاف المشاريع الوهميَّة، أَمَّا كلَّ هذا
الفساد المالي والإِداري والفشل الرَّهيب في إِدارة الدَّولة، فإِيَّاك ثُمَّ
إِيَّاكَ أَن تُسمِّ أَحداً فإِنَّك تُشخصِن الأُمور إِذا فعلتَ ذلك!
أَحسن لَكَ أَن تتحدَّث بالعموميَّات، وإِذا
أَردتَ أَن تلعن قتَلة الحُسين السِّبط (ع) فلا تُحدِّد أَسماءاً بذاتِها وإِنَّما
أَطلِقَ اللَّعن على عواهنِهِ، وإِلَّا فأَنت إِنسانٌ تتعمَّد شخصنة الأُمور!.
ولقد نظَّرَ وفلسفَ وُعَّاظ السَّلاطين لهذهِ
الفكرة بقولهِم [فالجُمهور على عدم جواز لعن الفاسِق المُعيَّن (أَي أَن تُسمِّيه
بإِسمهِ)] كما في (روح المعاني ٧٢/٢٦).
أَمَّا أَهلُ البيت (ع) فكانوا يتعمَّدونَ [شخصَنة]
الأُمور بهذا المنطِق!.
ففي أَمالي الطُّوسي عن أَبي عبد الله (ع) قال؛
سأَلتهُ عن صَومِ يَوم عاشوراء فقال {ذاكَ يومٌ قُتِلَ فِيهِ الحُسين(ع) فإِن كُنت
شامتاً فصُم.
ثمَّ قال {إِنَّ لآل أُميَّة لعنهُم الله ومَن
أَعانهُم على قتلِ الحُسين من أَهْلِ الشَّام نِذراً إِن قُتِل الحُسين (ع) وسَلِم
من خَرج إِلى الحُسين، وصارت الخِلافة في آل أَبي سُفيان أَن يتَّخذُوا ذَلِكَ
اليَوم عيداً لهُم يصومُونَ فِيهِ شُكراً، فصارت في آل أَبي سُفيان سُنَّة إِلى
اليَوم في النَّاس، واقتدى بهِم النَّاس جميعاً لذلكَ، فلذلكَ يصومُونهُ ويُدخلُون
على عيالاتهِم وأَهاليهِم الفرح في ذَلِكَ اليَوم}.
0 تعليقات