آخر الأخبار

فخ الديون الصينى









فخ الديون الصينى




مارك مجدى
يسود الآن علي طاولة الإعلام الغربي موضوعا أطلقوا عليه " فخ الديون الصيني"،
حيث يدور الحديث مرارا و تكرار عن دور مزعوم للقروض الصينية المرتفعة في استيلاء الصين علي المرافق بنفسها في الدول المقترضة، بسبب عدم قدرة هذه الأخيرة علي السداد. و يتم ربط ذلك بمشروع الحزام و الطريق ( طريق الحرير الحديث).


و يذكر الإعلام الغربي للتأكيد علي ادعاءاته ان الصين استولت علي ميناء هامبانتوتا في سري لانكا، و انها تعطي للدول المقترضة قروضا لإنشاء الطرق و الجسور و المرافق فقط و بفائدة مرتفعة جدا( تصل إلي أضعاف القيمة) لكي تستولي عليها لاحقا لعدم قدرة الدول النامية علي السداد، و هذا الاستيلاء يضمن للصين ان تنجز مشروع الحزام و الطريق.


و ليس كل ما قيل بهذا الصدد سوي كذب و تضليل، فاذا قارنا حجم فائدة القروض الصينية بالقروض الأوروبية و اليابانية و الأمريكية، خصوصا في أفريقيا، نجد الفوائد الصينية اقل من نظيراتها في معظم الأحيان، علي عكس ما يروج ان القروض الصينية مرتفعة ارتفاع جنوني، بل و تعتبر شروط سدادها طويلة الأمد.

و اذا تحققنا من ادعاءات الإعلام الغربي نجد ان الصين لم تستولي علي ملكية اي من المرافق سواء في إفريقيا أو أسيا كما يقولون، ففي واقعة سريلانكا و نيو غينيا نجد ان الإدارة صينية فقط بينما لا تزال هذه الدول تسدد قيمة القروض التي انشأت من خلالها هذه المرافق لتسترد إدارتها لاحقا و لكي تتيح لنفسها فرصة الاقتراض مرة أخري، و في حالة سري لانكا تحديدا اوكلت الحكومة للصين ادارة المرفق نظرا لفشلهم في ادارته، فسري لانكا تحديدا لديها ازمة ديون متفاقمة لا تخص الصين وحدها حتي لو كانت الصين دائنها الأكبر.


لقد ردت الصين علي ادعاءات الغرب بان قروضها مرتفعة بالارقام، و اثبتت ان الدول المقترضة تسدد بانتظام في معظمها، و وضحت ان المشاريع التي تقوم بها في افريقيا و اسيا تتضمن مشاريع صناعية و زراعية و ثقافية و ليست مقيدة في الطرق و الجسور فقط.


و علي جانب اخر أعطت دول الخليج للصين أراضي شاسعة و بحق انتفاع لمدة ٩٩ سنة دون اي قروض او أموال طمعا في ان تشيد الصين مشاريعا كبري تساهم في اقتصاديتهم.


الصين أصبحت ملاذا للدول النامية في ان تحصل علي الأموال دون شرط من الممول حول نوعية الاستثمار، علي عكس التمويلات الغربية التي تشترط نوعية المشروعات و حجمها، و لذلك اندفع نحوها قادة افريقيا بالذات، تلك القارة الممنوع عنها التنمية الا بإرادة المستعمر الذي اذا اقام مشاريع أراد ان يحملها معه و هو ذاهب.
بجانب إنها توطن التكنولوجيا في البلاد التي تستثمر فيها و هي مسألة بالغة الأهمية.


اعترفت الصين ان هناك بعض القروض التي اعطتها لتنفيذ مشاريع دون ان تدرسها من جانبها بشكل شامل و اعتمدت علي دراسات الدول المقترضة بشكل رئيسي، مما ادي الي تعثر بعض هذه المشاريع، و عددتها فيما لا يتجاوز الثلاث مشروعات علي مستوي العالم. و اعتقد ان هذه السقطات واردة في ظل لجوء هذا العدد الكبير من الدول للاقتراض من الصين.


ليست كل هذه الادعائات الغربية سوي جزئا من الحرب التجارية الكبري التي جري تهدئتها و لم تنتهي بعد، تلك الحرب الذي قامت لتكسر شوكة الصين الصاعدة و تحديدا لتضرب مشروع الحزام و الطريق الذي سينهي الهيمنة الاقتصادية الغربية الي الابد. و لذلك تصوب بنادق الاعلام نحو شيطنته و تصديره كمشروع من مشاريع الناهب الصيني.


الغريب في الامر ان هناك من ينسبون انفسهم الي اليسار و حركة التحرر يرددون مثل هذه الترهات الدعائية و ينعتون الصين بالامبريالية، انهم يريدون ان تكرر الصين تجربة الاتحاد السوفيتي الذي منح دون مقابل ليصارع الهيمنة الامريكية، و كانت النتيجة تحمل الاقتصاد السوفيتي اعباء لم تكن في استطاعته حتي انهار كل شيء. يريدون من الصين ان تدخل الصراعات القديمة مع ان هذا الوضع قد زال، و لان الصين لا تفعل ما يريد هؤلاء فهي تنجح بفعالية


إرسال تعليق

0 تعليقات