آخر الأخبار

الحرة صفعت السنة وقتلت الشيعة






الحرة صفعت السنة وقتلت الشيعة
هادي جلو مرعي

صديقي المتحمس قال لي : إن التقرير الذي بثته قناة الحرة الأمريكية عن الفساد في العراق كان صادما، وإنه ضرب بقوة في صميم المؤسسة الدينية الشيعية، ولكنه تحدث عن الوقفين السني والشيعي، وذكر الكثير عن الفساد فيهما.

سألته عن الصمت السني في مواجهة التقرير الذي لم يبق لرئيس الوقف السني عبد اللطيف هميم ملجأ يلوذ به بفعل ماذكره من تفاصيل مملة عن الوقف، ومايعانيه من فساد بحسب التقرير، وسألته عن الهجوم الشرس من القوى الشيعية السياسية المنبوذة من المرجعية، ودفاعها المستميت عن المرجعية التي أغلقت الباب بوجهها منذ زمن، وإتهمتها بالفساد والمشاركة فيه؟
لاتنسوا إن المرجعية نادت بثورة ضد الفساد من وقت ليس ببعيد، وعلى لسان المتحدث بإسمها في خطبة الجمعة المباركة.
السنة لم يبالوا بالتقرير (الحراوي) بل ربما كانوا سعداء به لأنهم لايبالون كثيرا بقياداتهم، ويعدونهم غير ذات قيمة، ولم يحققوا لهم مايريدون، فالمنظومة السياسية لم تمنحهم الأمان الاقتصادي، ولا السياسي، ولاتمكنت من حمايتهم من الإرهاب والدواعش، وتركتهم عرضة للنزوح والفيافي والقفار والمخيمات المهينة للكرامة الإنسانية.
أين تكمن خطورة (تقرير الحرة) على المنظومة الشيعية السياسية والدينية؟
في الواقع فإن التقرير تجاوز الكثير من الخطوط الحمر، وضرب في الصميم آخر الحصون التي يمكن أن توفر ضمانات للشيعة في البقاء والوجود برغم ماتعانيه المنظومة السياسية الشيعية من تراجع وترد في نوعية القائمين عليها، وعدم فهمهم العميق للحالة العراقية، وتكريسهم الجهود لتحقيق مكاسب محاصصاتية ومالية، وتعميق لنفوذ غير مضمون، وربما زائل بلمح البصر يدركه من قرأوا التاريخ بتمعن.
التقرير مس كيان المرجعية العليا بقصد، أو بغير قصد، وليس لأنه أساء بالضرورة، أو إنها مهتمة به، وأجزم أن المرجعية لاتبال كثيرا بهذا التقرير، لكنه وفر فرصة لمن كان يريد أن يذهب بهذه الناحية، ومنعته ظروف التردد والسياسة والوقائع من فعل ذلك، عدا عن إن الذين دافعوا عن المرجعية من السياسيين هم متهمون من المرجعية بقضايا فساد، وقد بح صوتها من مناداتهم بالإصلاح.
التقرير لم يتحدث عن المرجعية ككيان معنوي شيعي، ولكنه توجه الى مكمن الخطورة البالغة حين قام بتوصيف مباشر لأفعال منافية للقانون، وتضرب في عمق الوجدان الشعبي المعذب والمحروم والمعاني من سوء الخدمات والبطالة حين وجه لهذا الوجدان رسالة بغض النظر عن حجم المصدقين لما ورد فيها بأن المنظومة الشيعية منفصلة عن واقع الناس، وإنها مهتمة بمصالحها الخاصة، وكأنه يريد أن يقول: عليكم أن تثوروا على المنظومة الدينية، وليس السياسية وحسب، وكأنه يعيدنا الى وقائع التاريخ الأوربي القديم حين ثارت الجموع على الكنيسة.
إذن هو صفع السنة، وبإمكانهم أن يقدموا له الخد الأيسر، ولكنه قتل الشيعة.
قلت لصديقي: لو أنك قناص ماهر وتحبني، وقد آذاني أحدهم، وقلت لك في جمع من الناس اصفعني، ثم همست لك، وقلت: ضع رصاصة في رأس الشخص الذي يقف على مقربة مني. فهل أكون قد أوذيت من الصفعة، أم إن ربحي بالتخلص ممن يؤذيني هو المهم؟


إرسال تعليق

0 تعليقات