الممر ... سينما بجد (1)
محمود جابر
ساعتين ونصف الساعة من الإمتاع، ترابط الحوار، حبكة
درامية، خفة ظل حاضرة لا تغيب، وفى ظل أعصاب مشدودة ومشاهدة حرب، تنبت مشاهد
إنسانية وعلاقة حب (هلال السوهاجي و فرحه السيناوية) ....
علاقة مصر من النوبة
والصعيد ووجه بحرى وسيناء الكل فى معركة البطولة واحد، انخراط التقاليد القبلية
بالروح الوطنية التى ترفض الهزيمة وتبحث عن الثأر ....
الممر فيلم يأخذك من نقطة
50 تحت الإحباط إلى نشوة النصر التي تجعل قدماك لا تلامس الأرض من فرط النشوة
والفرحة والنصر والفخر...
خلال العشر دقائق الأولى
كدت أغلق التلفاز حيث مشاهد فى غاية الإحباط وصورة سوداوية أشبه ما تكون
بالحقيقة... ووسط الانسحاب جرأة ضباط وجنود غير طبيعية .... ارتباك قيادة، نقص فى
التسليح والعتاد ... كلها عناصر رغم صغر المشهد ورغم أنها مرت كلمح البصر فى سينما
شريف عرفه وفيلمه( الممر) إلا أنها كانت واضحة لا تحتاج إلى دقائق أو حديث مفتعل
أو حوارات مُملة..
لاحظت أداء الفنان أياد نصار في دوره كضابط
مسئول للموقع الاسرائيلى وكيف كان ينظر إلى عبد الناصر حينما احتل موقع كتيبة
مصرية ليقيم عليه مقرا لنقطه الحصينة، وفضلا عن الأداء البطولي والعالمي لنصار بيد
أن وقفته أمام صورة جمال عبد الناصر هو اختزال غير مخل لطبيعة الصراع الذي اختزلته
إسرائيل بأنه صراع مع عبد الناصر، لماذا، لان ناصر كان يمثل مصر والمجتمع الحر
وزعيم التحرر الوطني ...
أما شريف منير المحترم
الخلوق الفنان الكبير الذي مثل مشهدا فى ثوان معدودة إلا أن مشهده، صورته، أناقته،
و حضوره أمام الكاميرا وكل العوامل الفنية تقول أن البطل الحقيقي قادر على أن يصنع
من مشهد صغير علامة فنية فارقة في العمل الدرامي ....
وأما على مستوى القصة الدرامية فإن (شريف) كان
أحد الذين أعادوا تأهيل ضابط العملية الرئيسي وهو أحمد عز ( الضابط نور)المحبط ...
احمد عز ( نور) تولى إعادة
تهيئته ثلاثة أشخاص الأول كانت زوجته التي جسدتها المحترمة هند صبري زوجته تستقبل
زوجها عائد منكسر مهزوم محبط ولا تريد أن تكون نهايته هى الإحباط والانكسار، ولا
تريد لابنها على أن يرى أباه نور محبط ورغم انه طلب منها مغادرة البيت هى وابنها
الى بيت أبيها، ولكن الزوجة المصرية التي قامت بدور لا يقل أهمية عن دور الرجال فى
الحرب وخاصة حرب الاستنزاف التى كانت فاتحة الانتصار والبطولة والشرف فإن هند صبرى
التى قالت لزوجها أن الأطفال يرون الكوابيس فى المنام والكبار يرون تلك الكوابيس
فى اليقظة الفرق بين الكبار والصغار هو التحمل والتصدي للكوابيس وهزيمتها قبل ان
تكسرنا ..
حوار درامى راقى وعادة
تأهيل نفسيا لزوج يحتاج الى زوجته .... وأما الثانى فكان ضابط الشرطة والمأمور
شريف منير الذى أشرنا إليه فى السابق ...
وأما على ابن الضابط نور
فلم يكن حضوره فى إعادة تأهيل والده يقل عن أمه هند صبرى أو ضابط الشرطة المدنية
شريف منير ...
السخرية والنكتة عند
المصريين ليست قبحا بل حضارة تقاوم بها الغلب والهزيمة ولانكسار والحزن ضحك حتى
البكاء ... هكذا فعل عامل السنترال والحضور مع الضابط نور، وبنفس الروح المرحة
تسامحوا معه وقدروا موقفه ...
هذه هى مجرد البداية فى
رحلتى مع فيلم الممر، صناعة سينمائية من العيار الثقيل وجرعة وطنية تستحق الانحناء
تقديرا واحتراما لصناعها ...
وللحديث بقية ... حتى لا
أطيل
0 تعليقات