لا تكونوا وقودا لحرب من (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ
اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ...)
عقيل عباس
في كلمة ألقاها المرجع اليعقوبي في وفد من أهالي الكوت
والناصرية سنة 2004 أوضح سماحته أنه إذا أراد المؤمنون معرفة تكليفهم بعد صدور
بياناته وعرض كلماته فعليهم أن يقرأوا بياناته وكلماته بتأمل أولا ويقرأوا الواقع
ثانيا وعندها سيعرفوا مقصوده وما يُراد منهم حتى يتم تطبيقه على أرض الواقع لأن
سماحته لا يدخل دائما في التفاصيل لأن التفاصيل تتطلب كلاما كثيرا أولا وأما ثانيا
فلابد من إبقاء الكلام على عمومياته كالقرآن الكريم الذي تعلم سماحته من منهجيته
أن يكون الكلام عاما حتى يشمل كل الحالات ولا يحجم على حالة واحدة[1].
وبعد هذه المقدمة ينبغي تسليط الضوء على كلمة سماحة
المرجع اليعقوبي التي ألقاها مؤخرا والتي كانت بعنوان (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا
نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة: 32]
وذكر سماحته أن الكافرين والمنافقين يريدون أن يطفئوا
نور الله بأفواههم (بأقوالهم وأفعالهم ومخططاتهم) وهذا واضح لكل من يرى ما يجري في
الساحة العراقية خاصة فإن أقوالهم وسلوكهم تدلان على ذلك لكل وضوح وما الانسجام ما
بين الكافرين والمنافقين تارة والصراع تارة أخرى إنما كلها لإطفاء نور الله سبحانه
وتعالى فينبغي الحذر منهما والوقوف في وجههما بالطرق والوسائل التي بينت المرجعية
الرشيدة خطوطها العريضة[2] وعدم جعل أنفسنا وقودا لمعاركهم وإنما علينا الوقوف
بوجههم وتطبيق توجيهات المرجعية الرشيدة العارفة بزمانها التي لا تهجم عليها
اللوابس . . .
وعلينا أحبتي أن نتذكر مواقف دول الاستكبار السابقة كيف
أطلقت يد الطاغية صدام حسين لقمع الانتفاضة الشعبانية استجابة لطلب السعودية وأيضا
لأنها لم تكن بعد قد رتبت أوراقها ومصالحها مع قوى المعارضة العراقية (إسلامية
وغير اسلامية) وما الحصار الاقتصادي الذي فرضته على الشعب العراقي إلا لترويضه
لسلخه عن دينه وقيمه (لأن الجوع كافر) وحتى يقبل الشعب العراقي بأي نظام تأتي به
الولايات المتحدة وبعد ترتيب أوراقها مع أحزاب المعارضة وجاءت بعد اتفاقها مع
أحزاب المعارضة والأحزاب الإسلامية خاصة حتى تزج بهم إلى مراكز السلطة ليفشلوا حتى
ينعكس فشلهم على الإسلام فتنفر الناس منه علما أن مصالح الولايات المتحدة محفوظة
في كل مراحل هذه العملية بسبب خنوع هذه القيادات وبعد احتراق ورقة هذه الأحزاب
بإفشالها وإسقاطها في أعين الناس يتم استبدالها بأي شكل ترتأيه الولايات المتحدة
فتشكل النظام السياسي وفق أهوائها بعد تجريد الناس من إسلامهم وقبول الناس بأي
بديل وإن كان غير صالح بسبب ما عانوا أبان حكومات أحزاب المعارضة وكثير من الناس
يغفل أن من الأسباب الرئيسية لتدهور حالة العراق هي الولايات المتحدة الأمريكية
وقراراتها وتدخلاتها السلبية بالإضافة إلى فشل الكتل والجهات المهيمنة على السلطة
والحكم في العراق . . .
ففي لقاء أجري مع المرجع اليعقوبي سنة 2008 سئل سماحته
تحت عنوان أغراض أمريكا من عدم تغيير الخارطة السياسية:
سؤال / من المعلوم أن بعض الكتل الحاكمة - وأعني
الاسلامية منها – لا ترغب الولايات المتحدة في بقاء نفوذها ، ولها أجندات سياسية
تعارض التوجهات الامريكية فلماذا لا تسعى أمريكا للتغيير والحد من نفوذها ؟ وهل هي
عاجزة عن ذلك ؟
فأجاب سماحة الشيخ : هذا مرتبط بحسابات داخلية وخارجية
تخصُّها ، ولا اعتقد أن هذه القوى تعارض الارادة الامريكية الا بمقدار الاستهلاك
الاعلامي وذرّ الرماد في العيون فهي تتميز ببراغماتية مدهشة – على حد تعبير احد
مراكز الدراسات في امريكا – ومستعدة للتخلي عن كل ما تؤمن به اذا شعرت بأن ذلك
يستفز امريكا ويدفعها الى إبعاد هذه القوى عن السلطة فماذا تريد امريكا اكثر من
تحقيق مصالحها على أيدي الإسلاميين !! #وبالتالي سقوطهم في اعين الناس وفشل مشروعهم .
بل اننا نرى كيف تتسابق الجهات الاسلامية الحاكمة
لإعلان البراءة من المشروع الاسلامي وتبنيها لما يخالف الدين ، حيث جعلوا علامة
التحسن الامني وقضائهم على الجماعات المسلحة ، إشاعة الفسق والفجور وتجارة الخمور
التي تباع علناً على قارعة الطريق التي يسلكها زعماء الائتلاف في الكرادة
والجادرية وبمقربة من مقراتهم وتحت حماية القوى الامنية مما لا يوجد نظيره حتى في
أكثر الدول تحرراً من الدين ، ولا ادري ماهي الملازمة بين الامرين! وهل هو نصرٌ
على الاسلام ام على الجماعات المسلحة والقوى الارهابية التي تحمل اسم الاسلام
زوراً.[3]
أنظروا إلى دقة نظر المرجعية الدينية منذ سنة 2008 وهي
تعرف المخططات التي يراد تطبيقها وتمريرها في العراق بل وقبل هذا الوقت . . .
ولاحظوا من الكلمة المقتبسة أن هذين الصنفين الكافرين
والمنافقين هما من يريدان أن يطفئوا نور الله بأفواههم والمصاديق كثيرة لا يسع
المجال لذكرها جميعا ولكنها حاضرة في أذهان المؤمنين الرساليين الذين لديهم متابعة
للأحداث . . .
فكلمة المرجع اليعقوبي الأخيرة ليست منفصلة عن الواقع
إنما هي في صلب الواقع . . . فينبغي أن لا نكون وقودا لحرب النفوذ والسلطة بين
الكافرين والمنافقين الذين (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ) فنجاح أي منهما نتيجته المساهمة في إطفاء نور الله سبحانه وتعالى
وتوجد شواهد كثيرة كيف أن الأئمة (عليهم السلام) لم يتدخلوا في حرب النفوذ بين
الكافرين والمنافقين وبين المنافقين أنفسهم كواقعة الحرة وحرب الأمين مع أخيه
المأمون وحرب الخليج الثالثة بين دول الاستكبار والطاغية صدام حسين ... فعلينا
أحبتي أن لا نقصر بأداء تكليفنا التي أمرت به المرجعية (#أربعينية_الفرج) وتعيها أذن واعية . . .
الهوامشـــــــــــ
[1] 2 كانون الأول 2004م (تسجيل فيديوي)
[2] خطاب المرحلة ج8 ص400. (سنة التدافع).
[3] خطاب المرحلة ج5 ص357-358.
0 تعليقات