الحل عند الحلبوسي
هادي جلو مرعي
هكذا تبدو الأمور بعد أيام على أكبر حملة وطنية لحرق
الإطارات في بغداد ذكرتني وأنا أجوب شوارعها بحثا عن منفذ بأيام الغزو الأمريكي
للعراق عام 2003 ومع استمرار التظاهرات المطلبية الناقمة على نظام الحكم، وعلى
عجزه في توفير ضمانات العيش الكريم لشعب أنهكته أربعة عقود كاملة من الحروب
والصراعات والحصارات والدكتاتوريات والمنافي والمقابر والنزوح والمناكفات جعلت
نتيجة التعادل العادل هي الجامعة للعراقيين عربا وكوردا وتركمانا وشبكا وسنة وشيعة
ومسيحيين وأيزيديين، ومن كان معهم من أقليات في قافلة العذاب يذوقون من كأس واحدة
طعم الموت والتهجير والنزوح ودمار البيوت والمدن المحطمة على رؤوس ساكنيها.
محمد الحلبوسي أصغر سياسيي السنة عمرا، وأكبرهم فعلا،
تحول بذكاء الى اللاعب الأول في ميدان السياسة العراقية، وأجمع عليه السنة بعد أن
رأوا إن ساستهم وفاعليهم ومثقفيهم يلعبون خلف المرمى، ولايجيدون سوى شتم مراقب
الخط وحكم الساحة، وربما بعضهم البعض، وصار محط ثقة الطيف السني، وإحترام بقية
المكونات، وصار ممكنا أن يتدخل لإنهاء أزمة ما، وكان واحدا من أصعب الإختبارات
ماتم كشفه من جثث لضحايا في مناطق جنوب بغداد وشمال بابل حيث تنادى بعض الساسة
السنة ومحللين سياسيين ليجروا المواطنين المعذبين والحالمين بتغيير ما يطبع حياتهم
الى أتون مواجهة تفضي الى موت مجاني متجاهلين إن قوى في البلد تنتظر منهم ذلك
للإجهاز على ماتبقى؟ وكانت المفاجأة إن قام الحلبوسي بحراك ظن البعض إنه إنتحار
حين تصرف كرجل دولة، ووضع الطائفة في مواجهة الحقيقة، ورفض التصعيد ليحمي السنة،
ويبني الدولة، وقد كان له ماأراد، وظهر فيما بعد إنه كان على صواب في ذلك.
كان نقاشي مع أحد الأعزاء بالأمس منصبا على إمكانية أن
يلعب رئيس البرلمان دورا حيويا في مواجهة الأزمة الأخيرة التي علقت في مستنقعها
حكومة عبد المهدي الذي ظهر كملاكم تحدى عشرة خصوم، ولم يعد يعرف من أن تأتيه
اللكمات، وإذا كان هناك من تصور فيتمثل بالدعوة لتدخل مباشر من الحلبوسي ليتحدث
الى قادة التظاهرات، أو من يمثلهم، وفي العراق حلول كثيرة، ولكنها بحاجة الى من يبحث
عنها مثل كما الربيع في صحراء الأنبار، ويجب أن لاننسى إن اسم الحلبوسي يتكون من
كلمتين أولهما الحل.
0 تعليقات