علاقات مصر وإثيوبيا وخلفيات الصراع
د.أحمد دبيان
قد يتعجب الكثيرون من سوء العلاقات بين الحبشة و مصر في الوقت الراهن ، فالقضية ليست صراع على مياه النيل كما هو معلوم للبعض في الوقت الراهن فحسب، و لكن للموضوع جذور تاريخية تمتد الى عهد الخديوي إسماعيل .
في عام 1874 أراد الخديوي إسماعيل
التوسع في إفريقيا جنوبا لبلوغ منابع النيل و القضاء على تجار الرقيق في إفريقيا و
غربا لضم الحبشة إلى النفوذ المصري و لزيادة السيطرة على منابع النيل ، و كانت
الحبشة آنذاك تحت حكم الإمبراطور يوحناس الرابع .
و على النقيض من فكر محمد على باشا و القائم على
الاستعانة بالعنصر المصري في الجيش فقد قام إسماعيل بتولية أمرة الكتائب إلى
جنرالات أجانب متقاعدين مثل منزينجر باشا وهو نمساوي ، و كولونيل ارندوب قائد
عسكري أمريكي من المهزومين في الحرب الأهلية الأمريكية و التي وضعت أوزارها قبل
قليل من هذه الحملة .
وصلت أنباء للإثيوبيين عن تقدم 2000 من المصريين
بقيادة منزينجـر من مدينة كسلا عبر أجوردات وميريب بإقليم الدنـاقـل (بإريتريا
المعاصـرة).
تلك القوة سقطت في كمين
بالقرب من عدوة أعده رجال القبائل الدنقـلاويون الذين أبادوا القوة المصرية عن بكرة
أبيها بما فيها قائدهم مـنزينجـر.
وبعدها تقدم الجيش المصري
بقيادة الكولونيل الأمريكي آرندوب مؤلفا من 3000 من المشاة المسلحين ببنادق
رمنجتون و 12 مدفع جبلي وتحت قيادة العديد من الضباط الأوروبيين والأمريكان
(المهزومين) إلى مدينة جوندت في طريقه إلى عدوه حيث هاجمه الجيش الإثيوبي بقيادة الإمبراطور
يوحناس الرابع من المقدمة.
قامت فرقة إثيوبية أخرى بقيادة الرأس شلاقة
علولة بالانفصال لمواجهة الكتيبة المصرية المتقدمة من قلعة أدي ثم التفت تحت جنح
الليل من فوق الجبل حول مؤخرة الجيش المصري الرئيسي المتمركز بالوادي السحيق مما
أدي إلى سقوط الجيش المصري بين طرفي كماشة - الأمر الذي أدى في صباح اليوم التالي
إلى مذبحة للقوات المصرية لم ينج منها سوى نحو 300 جندي انسحبوا إلى مصوع تحت
قيادة الكولونيل الأمريكي دورنـهولتز ورؤوف بك. قتلى الجيش المصري كان بينهم
آرندوب قائد الجيش وأراكل نوبار (ابن أخو رئيس الوزراء المصري نوبار باشا) والكونت
زيشي ورستم بك. قتلى الإثيوبيين بلغوا 500 في ذلك اليوم.
غنم الإثيوبيون 2200 بندقية و 16 مدفع - اثنان
من تلك المدافع ما زالا يزينان الساحة الكبرى لمدينة أكـسوم العاصـمة التـاريخية
للحـبشـة.
في عام 1876 قام راشد باشا وعثمان بك نجيب على
رأس قوة خاصة من 5000 جندي بالهجوم على القوات الإثيوبية إلا أنها اندحرت وقتـل
قائـداها بعدما انسحب الإثيوبيين قاموا بقتل 600 أسير مصري بدم بارد من ضمنهم
د.محمد علي باشا ونجيب بك محمد .
وانتهت الحملات المصرية في
بلاد الحبشة مخلفة حساسية عميقة في العلاقة بين البلدين امتدت إلى التراث الشعبي
(قصة سيف بن ذي يزن في مصر ، و أسطورة هيلا مايكل في أثيوبيا) مرورا بالعلاقات الدبلوماسية
و الحروب الباردة عبر السنين .
و
مما سبق يتضح ان حملات - أو ان شئنا الدقة - مغامرات الخديوي إسماعيل الفاشلة في إفريقيا
أدت الى إضعاف الجيش المصري بل و القضاء عليه باختياره للقادة الفاشلين و تعريضه
للخطر بمهاجمة قوات لا يعرف عددها ولا عتادها، إضافة الى اختياره أماكن للمعركة
لايعرف طبيعتها ولم تتدرب القوات على الحرب فيها كانت سببا أساسيا في تقلص قواته
الى أقل من خمسة آلاف مقاتل بعد 18 ألف في نهاية عصر محمد على باشا الأمر الذي أدى
الى اندلاع الثورة العرابية في 1881 للمطالبة بإعادة كرامة العسكر المصري و إعادة الاهتمام
به.
الجيش المصري الخديوي إسماعيل
تاريخ مصر الحديث حرب التحرير بالمكسيك حروب الحبشة.
لقي
يوحنس مصرعه أثناء قتاله مع أتباع خليفة المهدي، عبد الله التعايشي بقيادة الأمير
الزاكي طمل، في معركة القلابات في 9 مارس / آذار 1889. فقد أصابته رصاصة قاتلة
أثناء المعركة، وحـُمل إلى خيمته حيث أوصى بأن يكون الرأس منگشا خليفته (ابنه
الأكبر رأس أرايا سيلاسي كان قد توفي قبل ذلك ببضع سنين ولم يتم الإفصاح عن ذلك).
ثم توفي الإمبراطور بعد ذلك بساعات. وبالرغم من أن الجيش الإثيوبي كان قد تمكن من
صد هجمات المهديين، إلا أن خبر مقتل الإمبراطور أدى إلى تحطيم الروح المعنوية
للجنود وشجع الأنصار على معاودة الهجوم، وتشتيت القوات الإثيوبية ودحرها
والاستيلاء على جثة الإمبراطور.
أخذ المهديون جثة يوحنس إلى عاصمتهم، أم درمان،
حيث علـِّق رأس يوحنس على حربة جابوا بها في شوارع المدينة.
فى
العصر الحديث وبسبب حرص مصر فى عهد جمال عبد الناصر على دائرتها الإفريقية نجحت
مصر وبتأثيرها التحرري فى توقيع اتفاقية عام ١٩٥٩ والتى حددت حصة مصر فى المياة بحوالي
خمسين مليار متر مكعب سنويا وبحضور الإمبراطور هيلا سيلاسى ً.
لم يدم الحال طويلا وخصوصاً
بعد انحسار الدور المصرى وبسبب عمليات نادى السفارى المشبوهه، حيث توترت العلاقات
المصرية الإثيوبية ورفض منجستو هيلا ميريام استقبال الدكتور بطرس غالى أو خروجه من
مطار أديس أبابا بل ورفضه مناقشة موضوع السدود معه وتحطيمه زجاجات دم على تمثالين
يمثلان مصر والسعودية أحدا اكبر أركان نادى السفارى المشبوه والذى تحولت فيه مصر
من قوة مساندة للتحرر الوطنى الى قوة تنفذ عمليات مرتزقة وانقلابات لصالح أمريكا وإسرائيل
وقد دعم نادى السفارى الصومال فى حرب أوغادين ضد إثيوبيا.
وعلى عكس ترويجات وسائل
التواصل ليس صحيحا على الإطلاق إرسال الرئيس السادات لاى طيران فى محاولة لتحطيم
سدود إثيوبيا.
0 تعليقات