أمريكا الأخرى
د.أحمد دبيان
رغم احتفاء النظام البلوتوكراسى الحاكم فى أمريكا بالرئيس الامريكى الذى لا
زالت جريمة قتله لم يتم سبر منفذيها حتى اليوم جون ف كنيدى وتسمية اكبر مطارات نيو
يورك باسمه ،
الا ان القليل هو ما نعلمه حول دوافع الاغتيال ،
جون فيتزجرالد كنيدى
الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية ،
والرئيس الكاثوليكى الوحيد ،
(عائلة كنيدى من اصل كاثوليكي إيرلندى )
ربما يكون اعترافه بالثورة اليمنية فى مطلع الستينيات ، وبفضل قنوات اتصاله
المفتوحة مع مصر عبد الناصر وقتها ،
وربما كان لمراسلاته مع ناصر وقتها ، ما جعله ينظر بنظرة شاملة محايدة
للصراع العربي الاسرائيلىً، ما جعل أوراق الضغط الاسرائيلى واللوبى الصهيونى ،
اكثر جموداً فى الحركة والتأثير والفاعلية وخصوصاً مع رئيس لا يحمل مذهبه الدينى
ميراث بركة الشعوب الذى جعل به لوثر البروتستانية مطوقة العنق بالإصر الصهيونى .
الأهم فى اعتقادى ، وهو احد اهم أسباب اغتياله، هو علاقته وتبنيه لفكر
مايكل هارينجتون ،
فى مارس عام ١٩٦٢ نشر هارينجتون كتابه
The
other America
او أمريكا الأخرى ،
كان يتوقع حين نشره ان يوزع بضع آلاف نسخه على أقصى تقدير ، ما حدث فعليا
ان الكتاب وزع ملايين النسخ .
اصبح كتاب امريكا الاخرى إنجيل الفقر ، والفقراء فى الولايات المتحدة
الامريكية ،
ولد مايكل هارينجتون فى سانت لويس بالولايات المتحدة الامريكية ، من عائلة
إيرلندية كاثوليكية ايضاً ،
تخرج من مدرسة الصليب المقدس ثم كلية القانون جامعة شيكاغو ، ثم انتقل
بعدها الى مدينة نيويورك عام ١٩٤٩ ليصير كاتباً .
هناك انضم عام ١٩٥١ لمجموعة عمل خيرية كاثوليكية كمتطوع وهناك تعرف على
الفقر والفقراء والمشردين ،
بعد أعوام قليلة ترك الكنيسة الكاثوليكية وانضم لمجموعة اشتراكية هى بقايا
الحزب الاشتراكى الامريكى ، والذى تلقى ضربات قاصمة فترة المكارثية .
خلف هارينجتون نورمان توماس رئيس الحزب الاشتراكى الامريكى كأكثر
الأمريكيين اشتراكية فى الستينات .
لم تكن الاشتراكية أبداً ، طريقاً للسلطة فى امريكا ولكن استطاع هارينجتون
وكتابه امريكا الاخرى مع جهود اشتراكيين آخرين مثل ديبس ونورمان توماس ، فى صنع
الوعى الاجتماعى الامريكى.
كان كتاب امريكا الاخرى عظيم التأثير وكان مثل المانيفيستو الشيوعى ولكن
للقيادة الواعية الممثلة فى كنيدى .
كان الامر ببساطة هو تسليط الضوء على حقيقة ان مجتمع الرأسمالية المتطرفة
مجتمع مريض ، وان الفقر يضرب بعنف فى الطبقات الامريكية وان واحداً من كل اربعة
امريكيين تحت خط الفقر ما يبلغ تعداده حوالى اربعين مليون امريكى وقتها .
كتب هارينجتون فى مقدمة امريكا الأخرى عام ١٩٦٢
( انهم ببساطة لا يتم تهميشهم او نسيانهم ، الأسوأ انهم غير مرئيين )
تبنى كنيدى رؤى هارينجتون وبرامجه فى الإصلاح الاجتماعى وان لم يسعفه القدر
او بالأحرى كان لابد له ان يختفى ،
تبنى جونسون دعائيا وهو المفتقد لشرعية الحضور والانتخاب بعد كنيدى والأكثر
تورطاً فى مستنقع فيتنام برامج هارينجتون وسياساته الاجتماعية الاقتصادية ،
فى عام ٢٠١١ ذكر مركز الإحصاء الامريكى ان ٤٦ مليون امريكى يعيشون تحت خط
الفقر بدخل سنوى اقل من ٢٢،٣١٤ دولار لعائلة من اربعة أفراد فى المتوسط .
0 تعليقات