أنا واللاب توب
محمود جابر
للكتاب نوادر فى حياتهم؛ دون بعضهم تلك النواد، والاخرون لم يدونوها، ولان حال مثقفينا لم يكن على أفضل حال لا هنا ولا هنا، لا فى الشرق ولا فى الغرب، فقد باع كارل ماركس كل أثاث بيته وهو واحد من كبار مثقفى الغرب ومنظريه، ولم يعد له أى يدخل يتعايش منه .
وهذه الحالة عاشها على سبيل المثال الزعيم الوطنى والمثقف الكبير المصرى محمد فريد حتى انه مات فى الغربة غريب وفقير ومعدم، واتذكر قصة زعيم حزب مصر الفتاة أحمد حسين وكيف أن تلميذه وصديقه المرحوم أبراهيم شكرى كان ينفق عليه من ماله هو وأولاده وحتى فى مرضه حتى ارتحل .
وهى قصة تتكرر مع كل فجر وكل يوم مع هذا الصنف من الناس الذين ينفقون ساعات عمرهم وايامهم فى البحث والدرس والنضال والترحل والمعاناة .
أحد الكتاب والشعراء الكبار وهو سليم الخورى فى قصيدته الطل المأهول يقول :
ولى بيت تطوف به العوادى
وتنشر فى جوانبه الدمارا
تصفف حوله شجر كرسم قديم
جدد منه الاطارا
أحيل الطرف فيه ولست
أدرى أأحذر منه سقفا
اوجدار
ويصف سليم هذه الحالة
لبيته
الذى
يسكن
فيه
وهو
بيت
مأهول
متهدم
السقف
والجدار
حتى
انه
يخشى
من
هبوب
الريح
عليه
حتى
لا
ينهدم
البيت
عليه
واولاده،
ومن
خشية
الجيران
عليه
طلبوا
منه
ان
يرتحل
عن
هذا
البيت،
ولكنهم
لم
ينتبهوا
أن
صاحب
هذه
الدار
قدر
عافاه
من
دفع
الاجرة
فهو
يسكن
فيه
دون
إجار
.
وكما عانى محجوب ثابت
من
سيارته
المستهلكة،
كذا
كان
الأمر
مع
الدكتور
مصطفى
جواد،
فقيه
اللغة
العربية.
تعطلت
سيارته
السكراب
يوما
ولم
يعرف
كيف
يصلحها.
قضى
مصطفى
جواد
حياته
يصلح
عربيتنا
بعموده
الأسبوعي
«قل
ولا
تقل».
ولكنه
ككل
من
قضى
حياته
في
النحو
العربي،
لم
يعرف
كيف
يصلح
سيارته.
فقصد
بيت
الشاعر
والأديب
مير
بصري
طالبا
مساعدته ....
ولما لم يجد صديقه
كتب
قصيدة
مطلعها
:
سيارتى جاءت ألى بابكم
تطلب كأسا لصفاء الشراب
وهى عروس انتم أهلها
والاهل أولى بإجاب الطلاب
لا تحرموها عطفكم ولتعد
بكل ما تهوى وحسن
مآب
ومن الطرائف ما قاله
أمير
الشعراء
أحمد
شوقى
أيضًا
مداعبته
لصديقه
الدكتور
محجوب
ثابت،
حينما
رأى
سيارته
القديمة
التى
اشتراها
بقوله :
لكم فى الخط سيارة حديث الجار والجارة
أوفرلاند ينبيك بها القنصل طمارة
اذا حركتها مالت على الجنبين
منهارة
وقد تحزن أحيانا وتمشى
وحدها
تارة
ولا تشبعها عين من
البنزين
فوارة
والنوارد حول هذه الحالة
العثيرة
التى
حولها
الادباء
والشعراء
إلى
طرف
ومداعبات
ما
نزال
نحفظها،
المهم
اننى
ومنذ
فترة
اعانى
من
جهاز
الكمبيوتر
المحمول
( اللاب
توب)
الوحيد
الذى
بقى
معى،
ورغم
اننى
كنت
أملك
أكثر
من
جهاز
أحدث
من
هذا
التوشيبا
الا
انهم
كلهم
عجزوا
عن
مواصلة
الرحلة
معى
وانتقلوا
الى
رحمة
الله
فى
اعمار
مبكرة
جميعهم،
فجميع
تلك
الاجهزة
صينية
الصنع
ولا
تتحمل
معاناة
رجل
مثلى
...
لكن هذاالجهاز التوشيبا
فهو
يابانى
صناعة
مصرية
محترمة
قارب
عمره
على
خمسة
عشر
عاما
صابرا
معى
وقد
اردت
ان
انعيه
فى
ايامه
الاخيرة
لعله
يسامحنى
على
سوء
المعاملة
له
فدار
بيننا
حوار
:
بعد أن هدء ضجيج النهار، وأقدام الاصدقاء والزوار.
خلوت انا واللاب - اللاب توب - بعد ان أرهقنى طوال شهر فى أعطاب وبطىء وعذاب.
وطوال كل هذه المدة لم أحدثه أو أكلمه وأرفقت به حتى يتعافى من عثراته وملماته .
فقلت له : مساكم الله بالخير ايها اللاب الحبيب مالك؟!
لا شىء سوى الارهاق والوهن وانا يا صديقى اعمل فى خدمتك طوال قرابة خمسة عشر عام ولم اقصر الا ايام قليلة وبعد ان اصابنى عطب فى مخزن الطاقة الكهربائية غير ذلك كنت أعمل معك دون شكوى.
صدقت فانت خير صديق وخير معين قضينا سويا اوقات الفرح واوقات الانتصار واوقات عصيبة فى الترحال والاقامة .
كنت احملك معى سواء فى سيارتى الفيات او المازدا ولكن لما اصبت بداء العطب لم احركك كثيرا وتركت قابع فى مكان اقامتك لم اشاء ان اقلقك اطلاقا ...
أتذكر حين سكبت كوب الشاى على وجهك غصبا وتحملت وقتا حتى عطب الوجه واستبدلناه.
هل تذكر كم كتابا كتبناه سويا وكم من الساعات قضيتها ملك فانت كنت الصديق والرفيق والمعين والصاحب.
فهل شكوت منى ام لم تعد قادر على مواصلة الرحلة؟
اسمع يا صديقى فانا لا عهد لى بصديق غيرك او مالك سواك فقد اشتريتنى بعد انتاجى مباشرة من معرض توشيبا كان عمرى لم يتجاوز بضع ايام .
لكن اظن ومن خلال معرفتى ببعض من أصدقائى بنفس النوع وأنواع أخرى أنهم يعملون ساعات قليلة.
لكن اظن ومن خلال معرفتى ببعض من اصدقائى بنفس النوع وانواع اخرى انهم يعملون ساعات قليلة
ويرتاحون باقى الاوقات
لكن انت تجعلنى اعمل اكثر من 18 ساعة يوميا.
وخاصة حينما تكون فى طور إعداد أحد مؤلفاتك.
هل تذكر ايام كنت تعد كتاب عن تموز 2006 وكنت تواصل اياما حتى تتابع الحرب ولم ترحمنى او تجعلنى ارتاح بضع دقائق.
وانا اذكركم يا معشر البشر بحكمة ترددونها ليل نهار
تقول الحكمة :" من جار على شبابه جارت عليه شيخوخته ".
نعم اعرف الحكمة يا صديقى وانت تعرف اننى ابتعت اكتر من 4 اجهزة غيرك فما أحد كان اكثر أخلاصا منك و اكمل الطريق معى غيرك كلهم انتقلوا الى رحمة الله فى اعمار مبكرة.
على رسلك انتظر يعنى انا لم اقصر معك وتحملت معك اكثر من غيرى
وانا استئذنك فى ان تتعامل معى وفق سنى وليس وفق احتياجاتك .
والا سوف يحدث مالا تحمدعقبه .
ارجوك استبدلنى باخر ترجع اليه ان جاء قدر الله فى اى لحظة لانى اشعر بدنو اجلى والله يقول كل نفس ذائقة الموت.
والحكمة تقول من كان له بداية فحتما سوف يصل الى نهايته.
لديك كل الحق وانت تقول كلام الحكماء ويبدو ان صحبتنا وقراءة الكتب جعلتك اكثر منى ثقافة ومعرفة والحوار معك شيق وممتع.
أنا لست قادرا على مواصلة حوارك يا صديقى فانا متعب
وقد تعطلت اليوم كثيرا فارجوك ان تتركنى اخلد للراحة .
فى نهاية الحوار فعلت له ما يريد .
ولكننى رجوته ان يتحملنى حتى يجعل الله فى قضائه رحمة وفرج.
ولكنه لم يرد ان يوعدنى بشىء وقد تفهمت رجاءه .
0 تعليقات