آخر الأخبار

مدن كلها عواصم






مدن كلها عواصم


هادي جلو مرعي


تجوب تلك البلاد فلاتميز بين العاصمة وبقية المدن القريبة منها والقصية عنها، ولولا التسميات، وبعض العلامات لما استطعت أن تستنتج إن المدينة التي تزورها، وتتجول فيها هي العاصمة.

 ففي بعض البلدان الأوربية تجيء العاصمة في مستوى متأخر عن بقية المدن من حيث التصميم والرفاهية المجتمعية، وجمال التنسيق والمنشآت الحيوية والشوارع والساحات العامة والحدائق.

في فرنسا مثلا، وحيث تسمى باريس عاصمة النور، وتستهوي قلوب الملايين حول العالم، لكنك تذهل بمستوى الروعة التي عليها مدن مثل مارسيليا وإمارة موناكو وليون وساحل النورماندي، وسواها من مدن، في حين تتصور إن مونتريال الرائعة هي العاصمة، ولكن ربما إكتشفت إن أوتاوا الصغيرة والمذهلة والمسترخية على سهول خضراء هي العاصمة، ويعتريك نوع مبهر من النشوة وأنت في منطقة كيبك التي تتحدث الفرنسية، بينما لاتستطيع إغفال تورنتو المذهلة، وحتى هال فاكس البعيدة على المحيط.


وفي أمريكا يعجبك البستان المزهر المسمى واشنطن، ولكنك تضيع في نيويورك، وتبهرك بوسطن، وتغريك سان فرانسيسكو، وتضخ فلوريدا شيئا من النشوة فيك بعد أن تصلها عبر رحلة طويلة من ساحل المحيط الهادي عبر أريزونا الساكنة في صحراء ممتدة.

تتنقل في إيطاليا من روما الى جنوه الى ميلانو فتجد إن كل مدينة هي عاصمة، بينما تغيب برلين أمام تألق ميونخ وفرانكفورت، وغيرها من مدن رائعة.

في تركيا وإيران هناك مدن مبهرة أكثر من طهران وأنقرة، لكننا في بعض البلاد نجد إن العاصمة هي الدولة، ولولاها لماتت بقية المدن، بل هي ماتت بالفعل بفعل تغييبها لانعدام الاستثمار والنهضة العمرانية، وبقية الشروط اللازمة لجعلها قبلة للصناعة والزراعة والتطوير في مجال البحث والدراسة والجامعات والمستشفيات، وسواها من أسباب النهضة والتقدم.

في بلدان بعينها تكون كل المدن هي العاصمة، بينما في بعض البلدان تغيب المدن، وتضيع تحت أضواء العاصمة التي تنتفخ وتتمدد على حساب بقية المدن التي تبدو وكأنها مجموعة من المشاكسين الذين يتم قمعهم وإبعادهم.

إرسال تعليق

0 تعليقات