الثروة والعدالة في
مصر
د. محمد ابراهيم بسيونى
عميد طب المنيا السابق
في نهاية شهر أكتوبر الماضي أصدر بنك كريدي سويس، وهو من أهم بنوك الاستثمار
عالميآ، تقريره السنوي المعروف عن الثروة في العالم. التقرير قال إنه إجمالي
الثروة في مصر زاد ١٠٨ مليار دولار في ٢٠١٨. أهم نتائج التقرير فيما يتعلق بمصر: التقرير
يعرف الثروة أنها الأصول العقارية، السيولة، والأوراق المالية. مجموع ثروات
المصريين البالغين، ٨٩٨ مليار دولار، ويمثل نسبة ضئيلة جدا من إجمالي الثروة في
العالم ٠.٢ % تحديدا. المصريون البالغون ٥٨.٣ مليون مصري، يعني تقريبا ٥٨ % من
السكان.
التفاصيل تقول أنه هناك ٤٥.٦ ألف مصري صافي ثروتهم أكثر من مليون دولار, وعلى
قد ما هذا الرقم يظهر انه كبير إلا أنه في الحقيقة متواضع جدا، لأنه يمثل ٠.١ % فقط
من عدد البالغين في مصر.
العدد يكون أقل لو سألنا كام مصري ثروته تتعدى المليار جنيه، العدد بالظبط ٢٤٥
شخص فقط. وهذا عدد قليل جداً بالقياس للمصريين، لكن كمان هو عدد أكبر من المتوقع
في دولة ثروتها ليست كبيرة مثل مصر.
التقرير يقول أنه ٧١.٤ % من المصريين ثروتهم أقل من ١٠ آلاف دولار، يعني ٧١
مليون مصري تقريبا إجمالي ثروتهم لا تتعدى ال١٦٠ الف جنيه بأسعار الصرف الحالية.
نأتي للطبقة المتوسطة والتي ثروتهم تتراوح بين ١٠ ألاف - ١٠٠ الف دولار،
يعني معهم ما بين ١٦٠ ألف، و١.٦ مليون جنية، نجد ان هؤلاء ٢٦.٩ % من البالغين في
مصر، وهذه نسبة ضئيلة جدا وتعبر علي ان الطبقة المتوسطة المصرية فقيرة من ناحية
الثروة لو قورنت بدول كثيرة في العالم.
يعني مثلا دول فقيرة مثل غينيا الاستوائية النسبة هذه فيها ٢٧ %، السلفادور
٤٦ %، والمتوسط العالمي هو ٣٢ %، وهذا يعني أن الطبقة الوسطي المصرية فقيرة جدا في
الثروة مقارنة بدول العالم.
ستفهم هذا أيضا لو قارنا بين متوسط الثروات الفردية في مصر والتي هي حوالي ١٥.٣
ألف دولار وبين متوسطات الثروات الفردية في العالم في حين أنه المتوسط العالمي
لثروة الشخص البالغ يساوي ٧٠.٨ ألف دولار.
هذا كله معناه ان زيادة الثروات كرقم ليس هو المهم لكن المهم هو توزيع
الزيادة هذه كيف كانت؟ الموضوع مرتبط بشكل كبير بمعدلات "اللامساواة"،
والتي يقول فيها اقتصاديين كثر أن معدلات اللامساواة في الثروة تعبر بشكل أكبر عن
وضع العدالة الاجتماعية في بلد ما هذا على عكس معدلات المساواة في الدخل ستجد ان
مصر وضعها فيها أفضل بكثير بمقاييس مثل "معامل جيني" الذي يقيس توزيع
الدخل.
معامل جيني نسبته ٤٧ % لعام ٢٠١٨،
نسبة كبيرة، لو نظرنا على تفاوت توزيع الثروة نجد أنه أغنى ١٠ % من المصريين
يملكون ٧٣.٣ % من الثروة، هذه أرقام ٢٠١٤ وهي أخر تقديرات رسمية بتقرير كريديت
سويس ٢٠١٤. و على الرغم من هذا هؤلاء ال١٠ % يأخذون ٣٠- ٣٥ % من الدخل السنوي ( الناتج
المحلي).
هذا يعني أن معظم الزيادة التي حدثت السنة الماضية في الثروات ذهبت لأكثر ١٠
% من أغنياء في مصر، وهذا يفسر بشكل كبير كيف ان الثروات تزيد في الوقت الذي فيه
واحد من كل ثلاثة مصريين تحت خط الفقر.
الحل لتقليل الفجوة في توزيع الثروة في مصر فنحن نحتاج لسياسات اقتصادية
كلية، تشمل سياسات ضريبية جديدة، سياسات نقدية من البنك المركزي، حكومة توسعية في
الاقتصاد وسياسات عامة من الحكومة تحاول تقليل الاستثمارات التي تضخ في قطاعات
العقارات وتوجه الاستثمارات لقطاعات منتجة مثل الصناعات التحويلية والزراعة، وبناء
اقتصاد متكامل في أنشطة إنتاجية كبيرة تشغل عمال اكثر حتي نحارب الفقر، ونقلل
مساحة الاقتصاد غير الرسمي ونزيد من الإنفاق على التعليم والصحة والخدمات العامة.
0 تعليقات