قابيل وهابيل في
الإسلام
د. محمد إبراهيم بسيونى
عميد طب المنيا السابق
ذكرهما الله في القرآن دون ذكر اسميهما صراحة بل اكتفى بوصفهما ابني آدم
فقال تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ
ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا
وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا
يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ
إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي
وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ
فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ
فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ
يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ
هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ سورة المائدة، الآيات 27-31. [5].
تتلخص قصة هابيل وقابيل أن حواء عليها السلام تلد في البطن الواحد ابنا
وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا، وكان آدم يُزوج ذكر كل بطن بأنثى من بطن آخر،
ويقال إن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل التي كانت أجمل من أخت هابيل لكن قابيل
أراد أن يستأثر بها، فأمره آدم أن يزوجه إياها فأبى، فأمرهما أن يقربا قربانًا وهو
ما يتقرب به إلى الله وذهب آدم إلى مكة ليحجّ، وقرّب كل واحد منهما قربانه بعد
ذهاب أبيهم آدم، فقرَّب هابيل جذعة سمينة وكان صاحب غنم، وأما قابيل فقرب حزمة من
زرع رديء وكان صاحب زرع، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب
قابيل غضبًا شديدًا وقال لأخيه هابيل لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال له: (إنما
يتقبل الله من المتقين).
وذات ليلة أبطأ هابيل في المرعى فبعث آدم أخاه قابيل لينظر ما أبطأ به،
فلما ذهب إذ هو به، فقال له: تقبل منك ولم يتقبل مني، فقال له هابيل: (إنما يتقبل
الله من المتقين)، فغضب عندئذ قابيل، ثم أتاه وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه،
وقيل خنقه خنقًا شديدًا. وأما قول هابيل لقابيل:
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ
إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي
وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ [6] فمعناه أريد ترك مقاتلتك، وإن كنت أشد منك
وأقوى، فتتحملُ إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك، وكان عاقبته أنه
دخل جهنم وبئس المصير. والقرآن يؤكد ذلك وأنه في الآخرة مع إبليس وكل أعوانه في
نار جهنم.
وقيل: لما قتل قابيل هابيل ندم على ذلك فضمه إليه حتى تغيرت رائحته، وعكفت
عليه الطير والسباع تنتظر حتى يرمي به فتأكله، وكره أن يأتي به آدم فيحزنه، ولم
يزل يحمله حتى جاء غرابان فاقتتلا أمام قابيل فقتل أحدهما الآخر، فعمد إلى الأرض
يحفر له بمنقاره فيها، ثم ألقاه ودفنه وجعل يحثي عليه التراب حتى واراه، فقال
عندها قابيل: (يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ
فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي) ثم أخذ يفعل به ما فعل ذاك الغراب فواراه ودفنه تحت
التراب.
فائدة: روى الجماعة سوى أبي داود وأحمدُ في مسنده عن ابن مسعود قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم
الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل" أي ظلمًا. فعلم من ذلك أن قابيل
ما تاب من قتله لهابيل.
0 تعليقات