آخر الأخبار

الصندوق الأسود : خطبة الجمعة من يكتبها ولمن ؟!





الصندوق الأسود : خطبة الجمعة من يكتبها ولمن ؟!

حيدر أبو حسين


خطبة جمعة لا تحقق الطموح دائما، وهى ملغزة فى اغلبها، تحتاج الى جهد جهيد فى فك جملها والرسائل المدركة فيها، فضلا عن الرسائل غير المدركة، وهذه هى خطبة الجمعة باستثناء بعضها النادر ،  يشوبه تلك الحالة من الطلسمية، ما يجعلنا نوقن أن الخطبة لا تخاطب جموع المؤمنين ولكن تخاطب فى الغالب جمهور خلف الحدود ،  والبعض النادر منها قوى ومباشر، مما يجعلنا أمام كاتبين للخطبة وليس كاتبا واحد .

فى احيان قليلة خطب تهاجم الأمريكان والفساد المستشري فى العراق بفعلهم، وخطب متعددة  منسجمة معهم، وهذا ما جعلك تهمل موقف المرجع الأعلى الذي أعلن فيه رفضه استخدام العراق كمساحة للقوات الأجنبية. وقد كان إهمالك واضحاً اثار الاستغراب وقتها، لكن التطورات جاءت لتزيل استغراب الأمس وتكشف الأمور.

كاتب الخطبة شديد الانسجام مع المشروع الأميركي ومع بقاء قواته العسكرية ، ويذكر هذا الكاتب القلق الذي أحاط به منذ عام ٢٠٠٩، عندما قررت حكومة المالكي إنهاء الاحتلال الأميركي. وكنتَ وقتها تسأل المطلعين من السياسيين والإعلاميين، سؤلاً محدداً:
(هل سيزداد النفوذ الإيراني، إذا انسحبت أمريكا من العراق؟)

الاحتماء بالامريكان والخوف من ايران صفة كاتب هذهالخطبة دائما !!

إنني على ثقة تامة بأنك تتذكر هذا السؤال، وتتذكر الأشخاص الذين سألتهم. وإذا ما أصاب ذاكرتك بعض الضباب، فأذكرك بالصحفيين العراقيين الذين كانوا يأتون من أمريكا والغرب، ويطلبون زيارة المرجع الأعلى السيد السيستاني للسلام عليه والتبرك بلقائه.. هل تذكرتْ؟

عداؤك لإيران مفهوم ومقبول فهذا رأيك وتوجهك. لكن أن تنسجم مع أميركا وهي تستخدم العراق عسكرياً، فهذا أمر مرفوض. وموقفك في فرض الحصار على المرجع الكبير، سيتردد طويلاً على لسان التاريخ، بأن عهد السيد السيستاني، هو الوحيد من بين عهود مراجع الشيعة لم يشهد موقفاً علنياً يرفض الاحتلال الأجنبي ويتصدى له.

 والتاريخ منصف أمين، حيث سيقول بأنك تعمّدت تهميش رأيه، ولجئت الى تشديد الحصار عليه لكي لا يصل إليه خبر، ولا يصدر عنه موقف.

إن اعتمادك على الاميركان صحيح فيما أنت عليه من طموح. لقد اخترتَ الجهة التي تحقق لك ما تريد بعد مرحلة السيد السيستاني. لكن القضية لها بعد آخر، إنها قضية وطن وسيادة دولة ومستقبل شعب، فأنت تتلاعب باستقلاله وسيادته ومستقبله من أجل مصالحك وطموحاتك الشخصية في وراثة المرجعية.

لقد فتحتَ أبواب النجف الأشرف أمام المشروع الأميركي عبر مؤسسات ومراكز ونشاطات مختلفة. ونلتَ بذلك شهادة تقدير من صنّاع القرار الأميركي، على فطنتك في تحقيق أمنيات واشنطن.

 ولجأتَ الى تجميد دور خطبة الجمعة فجعلتها كلاماً خاوياً يبعث على التشاؤم والضجر والخمول. وحان الآن دورك في الخطوة الأهم، وهي فرض السكوت على المرجعية، حتى لا تقول الكلمة المعهودة منها، برفض الوجود الأجنبي وضرورة التصدي له، كما فعلتْ في محطات تاريخية سابقة انت تعرفها تماما ...

العراق يا كاتب الخطبة فوق الوصف والخيال، عزيز علينا أكثر مما يتصوره أي مخلوق في الأرض، ولقد رأيتَ بنفسك كيف كان الشيعي يركض حافياً نحو جبهات القتال لطرد تنظيم داعش بعد فتوى الجهاد الكفائي.

 إن هذا الشيعي الذي قاتل الإرهابيين، لا يمكن أن يتغير حبه للوطن، هذا أمر لا خوف منه ولا قلق عليه، لكن الذي يُخشى منه، أن تكتبَ أنت صفحة شاذة في تاريخ الشيعة.. هذا موجع جداً.

وللحديث بقية 


إرسال تعليق

0 تعليقات