أصنام للعبادة
د.أحمد دبيان
هل انتهت عبادة الأصنام ؟
وهل انتهت تجارة اصطناعها ؟
ربما يكون قد انتهى صنعها من تمر العجوة ، ليتم السجود لها فى الصباح
وليقوم العابد بالتهامها لتسد الجوع رمقاً فى المساء .
ولكن صناعة الآلهة والاتجار فيها ، كانت أقدم تجارة ولربما صاحبت ما ندعى إنها
التجارة الأعرق والأقدم .
جاءت الرسل والأنبياء لتحطم الأصنام والأوثان المتجسدة ، و نجحت مرحلياً
حين هلت خواتم الرسالة فى هذا ولكن ظل كبيرهم الذى علق أبانا إبراهيم فأسه فى عنقه
، يمثل السؤال الأطغى .
هو لا يجيب كما دعا إبراهيم قومه ليسألوه ، وظل فى صمته الملغز يمثل النواة
لأصنام الرؤى والأفكار .
ينبئنا العزيز الحكيم فى القرآن الكريم وفى سورة نوح
فى قوله تعالى:
قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ
مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا
لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) سورة نوح
فهل من بعد نوح والطوفان الى مبعث الهادى ، هل انتهت عبادة ود وسواع ويغوث
ويعوق ونسرا ؟!!!!
مما يقال عنهم إنهم كانوا رجالا صالحين ، اقتدت بهم الجماهير ، كما ظنوا ،
فجسدوهم وككل عقل سلفى رفضوا نقد سلوكياتهم ومناهجهم رغم ان القاعدة الأساسية ان
الكمال لله والعصمة للأنبياء .
صارت لحومهم مسمومة ، وصار كل ما يقولونه كطرح وتأويل بشرى مقدسا لا يقبل
تأويلا آخر .
جردوهم من صفات النقص البشرى ، وأضفوا عليهم الكمال والقداسة ، فصار الطعن
فيهم طعنا فى الدين وثوابته .
وأضحت إسهاماتهم البشرية الخارجة عن اطر الوحى ونطاقاته ،جوهرا لدين طبقة
المنتفعين ، الذين نالوا به المكانة والثروة والمحتد.
كانت خطوة التجسيد كمنحوتات هى الخطوة الأخيرة فى درب العبادة ، سبقتها
خطوات زينها الشيطان، فكانت العبادة والشرك والوثنية تتويجا لدرب طويل ، من إضفاء
القداسة على ما هو ليس بمقدس ، والحجر على التفكير النقدى فى إسهاماتهم ذات الجهد
البشرى الذى كان مميزا فى نطاق وإطار وبلغة عصره .
ولا زالت أصنام ود ويغوث ويعوق ونسرا ، تملا أرفف المكتبات ، وتملأ فراغات
الفضائيات الموجهه ،
ولا زالت مستنسخاتهم ، تضرب كل جهد نقدى تجديدى بتعطيل العقل ، وإضفاء
العصمة والقداسة على من هم ليسوا بمعصومين .
0 تعليقات