الجيش والسلطة ....
د.أحمد دبيان
من التلاعبات اللفظية ، القول الشائع والترويج الموجه عن فصل الجيش عن
السياسة ، سواء بدستور او بدون دستور.
الواقع إن الجيش كمؤسسة من مؤسسات الدولة غارق فى السياسة بنص دستورى او
بدون.
تختلف درجة انخراط الجيش فى السياسة بدرجة تطور المجتمع فكريا واجتماعياً
وسياسيا ، ومدى تطور المؤسسات المدنية المنوط بها القيام بواجباتها نحو الدولة
ككيان .
سنجد آثار هذا الانخراط تاريخيا فى روما حين استبد يوليوس قيصر فكانت
حراكات الشيوخ ، لكبح جموحه السلطوي، الى كاليجولا ونيرون واغتيال من قلب المؤسسة
ضمانا ، للإبقاء على كيان الدولة .
ونجده حديثا فى التاريخ المعاصر أثناء الثورة الفرنسية ، حين تخلى الجيش عن
لويس السادس عشر ، وانضم للثوار ، مرورا بجورج واشنطن الضابط بالجيش البريطانى
والذى أطاح بالحكم الملكى البريطانى فى القارة الأمريكية وَقّاد الثورة الأمريكية
بل وأسس الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسساتها ،.
تبلور هذا فى الشرق الأوسط ، من سوريا حسنى الزعيم وأديب الشيشكلى وأمين
الحافظ انتهاءا بحافظ الأسد ،
وليكون ثورة تحريرية اجتماعية كاملة متكاملة فى مصر ممثلة فى ٢٣ يوليو ،
قادت تحرر الوطن العربى الراسخ تحت هيمنة الاحتلال.
لم تكن اسبانيا والبرتغال ، بل وانجلترا ذاتها بمنأى عن هذا فكان الجيش
بقيادة شارل الثاني هو من أطاح بنظام كرومويل وكان الجيش هو من ساند فرانكو، ضد
الاناركية والفوضوية والتى صاحبت الثورة الاسبانية ، وكان الجيش فى البرتغال هو من
ساند الحكم المرسخ لسالازار،
وهو ذاته من ساند ثورة القرنفل التى أطاحت بالمنتفعين من سالازار .
وهو فى الحالة الإيرانية من أطاح بالشاه ، بانضمامه للثوار .
فى السودان والجزائر ومصر ، وكل دول التاريخ الراسخ يبقى الجيش عضد الدولة
، والوحش الليفاتيانى الحافظ ، كما نظّر توماس هوبز.
يبقى التأطير المؤسسى لما بعد الحفاظ على كيان الدولة فى جراحات مؤجلة هو
الداعم الأول لاستقرار الدولة .
ويظل استنساخ مناهج أنظمة بائدة كانت المفجر الأول بمرجعيتها
وانحيازاتها الاقتصادية والاجتماعية وترسيخها للفردية المعطلة للتداول ،
رهانا ً على يأس الجماهير ، بالأساس هو ما يضع المؤسسة العسكرية فى اى دولة على
المحك ، وقد يؤدى بالفعل لحراكات فوضوية قد تهدد قلب الدولة وكيانها .
0 تعليقات