الأزهر ومعارك ابعد من الوطن
د. محمد ابراهيم
بسيونى
عميد طب المنيا
السابق
لا يستطيع احد اتهام
الأزهر الشريف وجامعاته وكلياته او وزارة الأوقاف والخطباء او حتى دار الافتاء
بالتقصير، ولكن المطلوب زيادة الجهود والانتشار والابتكار. فأعظم مكان ومجال للبحث
العلمي والقراءة هى (الكتب السماوية) ثم كتب التراث ويجب ان نشجع على هذا العمل
فهو لله وحده، ثم خدمة لجموع الناس في مصر والوطن العربي ثانيا. نطالب الجميع
بالقراءة وان يبدأ الأزهر ووزارة الأوقاف بتقديم مجموعة علماء على القنوات لتفسير
القرأن كما فعل شيخنا الجليل محمد متولي الشعراوى رحمه الله عليه. نطالب الأزهر
والأوقاف باعتماد شيوخ أفاضل لتقديم برامج متكاملة لشرح الأحاديث والسنة عدة ايام
فى الأسبوع على الاعلام المرئي والمسموع كدروس للشعب المصري. نطالب ان تكون مدة
تلك البرامج بين ٤٥ -٦٠ دقيقة على القنوات العامة والخاصة لتعليم الناس أمور دينهم
وإبراز الثقة والشك فى الامور.
نطالب بوجود برامج
وحلقات علمية دينية كل أسبوع حول موضوع هام فى دين الله ويدار من خلال عالم ازهرى
لكي تقتربوا من الناس اكثر. يجب تقديم حلقات علمية دنيوية على قنوات عامة وخاصة
بدعوة عدة علماء كل أسبوع على طاولة مستديرة لشرح الجديد فى الحياة.
لا يزال الأزهر مؤسسة
لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزاً من رموز مصر الإسلامية. الأزهر الشريف هو
أحد مؤسسات الدولة المصرية وبرغم إنشائه على أيدي الفاطميين الشيعة إلا أنه أصبح
أكبر جامعة في العالم لتدريس الفقه السني الوسطي الأشعري، وفيه يتم تدريس جميع الأفكار
والفتاوى ليعرف الطلبة مناهج الفقه المختلفة والتي تصب في فكرة واحدة وهي أن
اختلاف الفقهاء فيه راحة للعباد. على مر العصور حمل علماء الأزهر راية العلم
والنضال وهم من وقفوا في وجه نابليون عندما جاء إلى مصر غازيا بعد أن تخلى
العثمانيون والمماليك عن الدفاع عن البلاد. ومثلما تخرج في الأزهر عدد من الرجعيين
كان هناك التقدميون أمثال سعد زغلول زعيم ثورة ١٩١٩ والإمام محمد عبده الذي حمل
لواء التنوير ضد الأفكار المتشددة وعندما تولى وظيفة مفتي الديار المصرية عام ١٨٩٩
أخرج عددا من الفتاوى التي كانت رائدة في ذلك الزمان خاصة أن أغلبها كان يتعلق
بمشكلات خاصة بالحياة المالية والاقتصادية ولذلك يكره السلفيون والوهابيون الإمام
محمد عبده ويحرمون قراءة كتبه، ومن سخرية القدر أن يكون أشهر تلاميذ الإمام هو
الشيخ محمد رشيد رضا الذي لم يدرس في الأزهر حيث نشأ وتعلم في طرابلس بلبنان الذي
ما أن مات أستاذه حتى انقلب على أفكاره وتوجه إلى الفكر السلفي المتشدد بحيث أصبح
الأب الروحي لجماعة الإخوان المسلمين. لم يشغل أي من خريجي الأزهر منصبا بارزا في
جماعة الإخوان المسلمين حيث كان مؤسسها حسن البنا وتابعه سيد قطب من خريجي كلية
دار العلوم وتخرج الدكتور محمد بديع مرشدها الحالي في كلية الطب البيطري، في حين
تخرج شكري مصطفى زعيم تنظيم التكفير والهجرة في كلية الزراعة، والفلسطيني صالح
سرية في كلية التربية بجامعة بغداد، وكان محمد عبدالسلام فرج مؤسس تنظيم الجهاد
مهندسا. ولم يكن الأزهري الدكتور عمر عبدالرحمن مفتي تنظيم الجهاد يستطيع أن ينشر
ويطور أفكاره الضالة إلا خارج الأزهر عندما وجد أرضا خصبة أعدها له أعضاء الجماعة
الإسلامية التي أسسها الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي تخرج في كلية الطب.
وكذلك كان أغلب
الإرهابيين الذين درسوا العلوم الدنيوية في الكليات المختلفة ولم يدرسوا مناهج
الأزهر الشريف وإنما قرأوا الكتب التي حددتها لهم جماعاتهم مثل “معالم على الطريق"
و”في ظلال القرآن” من تأليف سيد قطب و”الفريضة الغائبة” من تأليف المهندس محمد
عبدالسلام فرج، وقبل هذه الكتب وعلى رأسها يأتي كتاب “الجامع في طلب العلم الشريف”
تأليف الطبيب سيد إمام الشريف، واسمه الحركي عبدالقادر بن عبد العزيز، وهو الكتاب
الذي يعتبر دستور التكفير.
منذ السبعينيات من
القرن العشرين يواجه الأزهر حملة شرسة من سدنة الفكر السلفي الوهابي المدعوم
بأموال البترول الوفيرة ويهاجمونه في كل مناسبة ويصفون أساتذته بأنهم شيوخ السلطان
لأن الأزهر هو المنبر الوحيد تقريبا الذي يواجه أفكارهم الظلامية وللأسف انضم
الليبراليون مؤخرا في محاولة للإجهاز عليه. أي انتقاد يوجه لمؤسسة الأزهر الشريف
يجب أن يكون للحكومة المصرية التي يعتبر الأزهر أحد مؤسساتها الرسمية ويشغل شيخ
الأزهر منصبا رسميا بدرجة رئيس وزراء وهو منصب محصّن بالدستور ولا يجوز عزله.
ولذلك يجب أن يكون أي
تطوير أو تعديل للمناهج الدراسية في الأزهر أو غيره نابعا من رؤية الحكومة المصرية
والقيم التي تريد تعليمها لأبناء الشعب.
وفي رأيي الخاص أرى
أن تطوير مناهج التربية الدينية في المدارس يجب أن يكون في إطار تطوير جميع
المناهج الدراسية وأن يتم إدراج العلوم الإنسانية بجانب العلوم البحتة بحيث تخرج
مواطنا يستطيع التفكير واستخدام عقله في شتى أمور الحياة ويتقبل الاختلاف مع
الآخرين.
هناك تقصير واضح من
القائمين على الاعلام فى تقديم مثل تلك البرامج الهامة للناس سواء العام او الخاص
والاهتمام باشياء اخري للناس. الناس فى أشد الحاجة فى ايام الفتن الكبرى وسفك
الدماء ان يقترب العلماء منهم ورجال الدين، ودور الاعلام كوسيط هام جداً.
0 تعليقات