من روائع الحسين
شهيدا
إعداد : هانى عزت بسيونى
من روائع الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي بعض مقتطفات من مسرحية الحسين شهيداً
، فقبل نهاية الستينيات من القرن الماضي وتأثراً بأحداث نكسة الخامس من يونيو ١٩٦٧
والشعور العام بالغبن والظلم والكارثة التى حلت على مصر ، كتب الكاتب الكبير على
لسان الحُسين رضي الله عنه تلك المسرحية ، وفي بعض منها يقول …
… .... ....
... فلتذكروني ...
عندما تغدو الحقيقة وحدها حيرى حزينة ...
فإذا بأسوار المدينة …
لا تصون حمى المدينة ... !!!
لكنها تحمى الأمير وأهله والتابعينَ .. ..
فلتذكروني ..
عندما تجد الفضائل نفسها .. أضحت غريبة ..
وإذا الرذائل أصبحت هى وحدها الفضلى الحبيبة ..
فإذا حكمتم من قصور الغانيات ..
ومن مقاصير الجواري .. فاذكروني ..
فلتذكروني حين تختلط الشجاعة بالحماقة ..
وإذا المنافع والمكاسب صارت .. ميزان الصداقة ..
وإذا غدا النُبل الأبيّ هو البلاهة ..
وبلاغة الفُصحاء تقهرها الفُكاهة !..
فلتذكروني … حين يختلط المزيف بالشريف ..
وحين تشتبه الحقيقة بالخيال ..!
وإذا غدا البهتان والتزييف والكذب المجلجل
هن آيات النجاح !
فما عاد في ذاك الزمان ..
سوى رجال كالمسوخ الشائهات ...
يمشون في حلل النعيم وتحتها نتن القبور
يتشامخون على العباد .. كأنهم ملكوا العباد ..!
وإذا ما لاقوا الأمير .. تضاءلوا مثل العبيد
عندما صاروا على أمر البلاد ..
فأكثروا فيها الفساد ..
أعلامهم رُفِعت على قمم الحياة ..
خِرَقُّ مرقعة ترفرف بالقذارة ..
وفي السماء الصافيات ..
راياتهم مزق المحيض الباليات .. !
يا أيها العصر الرزيّ .. لانت غاشية العصور
قد آل أمر المتقين إلى سلاطين الفجور
قل أي أنواع الرجال جعلتهم في الواجهات ؟!
قل أي أعلام رفعت على البروج الشاهقات ؟!
فلتذكروني في الدموعِ ..
حين يستقوي الوضيع ..
وحين تغشى الدين صيحات البطون !..
وإذا تحكم فاسقوكم في مصير المؤمنين .!
وإذا اختفى صدح البلابل في حياتكم .. ليرتفع النباح
وإذا طغى قرع الكنوس على النواح
وتجلج الحق الصراح
وإذا النفير الرائع الضراف
أطلق في المراعي الخضر صيحات العداء
وإذا أختفى نغم الإخاء ..! ..
وإذا إشتكى الفقراء .. واكتظت جيوب الأغنياء …
فلتذكروني ..!
فلتذكروني عندما يفتي الجهول ..!
وحين يستخزي العليم .. وحين يستحلي الذليل !
وإذا تبقى فوق مائدة إمرءٍ ..
ما لايريد من الطعام !
وإذا اللسان أذاع ما يأبى الضمير عن الكلام .. !!!
فلتذكروني إن رأيتم حاكميكم يكذبون …
ويغدرون ويفتكون ويأفكون …
والقائمين على مصالحكم ..
يهابون القوي ولا يراعون الضعيف !….
والصامدين من الرجال .. غدوا كأشباه الرجال …!
وإذا انحنى الرجل الأبيّ …
وإذا رأيتم فاضلاً منكم يؤاخذ عند حاكمكم بقوله !!!!
وإذا خشيتم أن يقول الحق منكم ..
واحد في صحبه او دين أهله ..!
وإذا غُزِيتُم في بلادكمو وانتم تنظرون ... !!
وإذا اطمأن الغاصبون بأرضكم وشبابكم يتماجنون ...!
فلتذكرون …
ولتذكروا ثأري العظيم لتأخذوه من الطغاة …
فلتذكروني عند هذا كله … ولتنهضوا باسم الحياة …
كي ترفعوا عَلم الحقيقة والعدالة ....
فإذا سكتم بعد ذاك على الخديعة ....
وأرتضى الانسان ذُله ....
فأنا سأُذبح من جديد .. وأظل اُقتل من جديد..!
واظل اُقتل كل يوم ألف قتله …!!!
سأظل اُقتل كلما سكت الغيور .. وكلما اغفا الصبور ..
سأظل اُقتل كلما رغمت أنوف في المذلٌة …
وسيظل يحكمكم يزيد .. ويفعل مايريد
وولاته يستعبدونكم وهم .. شر العبيد
ويظل يلعنكم وان طال المدى .. جرحُ الشهيد
لأنكم لم تدركوا يوماً .. ثأر الشهيد ..!!
… ..... ........
.. رحم الله سيدنا الحسين رضي الله عنه وأرضاه وطيب الله ثراه ...
0 تعليقات