مرجعية النجف : بين
السيستانى واليعقوبى
.... الشعب مصدر
السلطات
محمود جابر
المرجعية الدينية هى الامتداد الحقيقي للإمام، التي تشكّل بدورها الامتداد
الطبيعي للنبوّة في أبعادها المختلفة، وخاصّة في بُعديها العقائدي والسياسي، وقد
رسم هذا الامتداد للمرجعية الطريقة التي تنتهجها وتسلكها للتعامل مع جميع الظروف
والأوضاع، بما فيها الأوضاع والظروف السياسية، وحسب الشروط والخطوط التي وضعها أهل
بيت عليهم السلام، فقد مرَّ أهلُ البيت عليهم السلام بمراحل وأدوار ذات ظروف
وعوامل مختلفة، جعلتهم يتصرّفون مع تلك الظروف بما يتلاءم مع شروط كلّ مرحلة ودور.
لكن هل درجة استجابت المرجعية -رغم تعددها - للاحداث استجابة واحدة أم ان هناك فروق فى الاستجابة والتفاعل، تلعب فيها عوامل متعددة، ولكن اعتقد ان الاكثر استجابة هو الاكثر اتساقا مع منهج الائمة ووظيفة المرجعية، وخاصة إذا اخذنا فى الاعتبار أن الاستجابة هذه تعزز اعلمية المرجعية فى صيانة الامن العام وحفظ الدماء .
وبالنظر إلى واقع بلد كالعراق مع بداية المحرم 1441هـ، وهو موسم الاحتفاء
بشهادة الإمام الحسين عليه السلام، ومن خلال مرجعية السيد السيستانى والشيخ
اليعقوبى نجد الآتي :
مكتب السيد كان له له موقفين من خلال موقعه :
الموقف الأول : اصدر المكتب توجيهات للمبلغين تضمن التوجيه إحدى عشر
توجيهات لا يتعلق اى منهم بالشأن العام وحالة الاحتقان بالعراق .
الموقف الثانى : حوار مع مدير مكتب المرجعية فى بيروت السيد حامد الخفاف
حول الأوضاع السياسية ودور المرجعية فى العملية السياسية بالعراق وقد أوضح الخفاف
ان المرجعية تحترم مؤسسات الدولة ولا تتدخل الا فى القضايا المصيرية وكان هناك
ملمحين الاول : قول السيد الخفاف ان المرجعية لم يكن لها دور فى اختيار عادل عبد
المهدى . والملمح الاخر عدم ذكر الوضع العراقى الحالى وحالة الاحتقان التى تغلى فى
الشارع العراقى .
مكتب الشيخ اليعقوبى :
اصدر مكتب المرجعية بيانا بعنوان (( اربعينية الفرج))
تحدث الشيخ اليعقوبى عن تعجيل الفرج من خلال القيام بواجبنا، ونشر الهداية والصلاح
والعدل بين الناس، وتخليصهم من الظلم والجور والعدوان ، وان لم نفعل فإن القضاء
سيجري فيهم وفينا كما هو ولا يحصل تغيير نحو الأفضل ونكون نحن المسؤولين عمّا يجري
، ولنعلم أن تحريك اللسان بكلمات الدعاء لا يكفي وحده ما لم يقترن بالإخلاص
والصدق، وتغيير داخل النفس نحو الأفضل، وعزم على إصلاح الواقع الفردي .
وبالتالي فإن اليعقوبى لامس الواقع المعاش وأمر الناس بالأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر والخروج فى طلب الإصلاح وتغيير الواقع المتردى فى العراق.
ما بعد الزيارة الى نهاية تشرين أول :
-
مكتب السيد السيستانى :
فى يوم الجمعة 25 /10/ 2019
القى السيد عبد المهدى الكربلائى خطبة الجمعة والتى لم تخرج عن حدود الإرشاد
والنصح للمتظاهرين وللقوات الأمنية والحكومة وكان المرجعية وقفت بينهما فى المنتصف
لا هى مع الشعب ولا هى مع الحكومة .
ثم كانت خطبة 1/11 التالية والتى لم تتناول اى جديد فيها سوى النص والإرشاد
للطرفين الشعب الثائر من جهة والحكومة والبرلمان من جهة اخرى .
مكتب اليعقوبى :
فى 30 /10 /2019 اصدر الشيخ اليعقوبى بيان اى بعد مرور ثمانية أيام من خطبة
جمعة كربلاء فى 25 أكتوبر وقبل الجمعة الثانية التى تلت البيان بيوم واحد .
ذكر اليعقوبى فى بيانه ما تحقق فى الانتفاضة ...
مع الأخذ فى الاعتبار أن الجميع سمى ما يحدث تظاهر ... خروج ... شغب ... ولكن
اليعقوبى سماهم منتفضين وعدد ما تحقق من انجازات على يد هؤلاء الشباب المنتفضين
وهى:
- الشعب مصدر السلطات
-
استعادة الهوية العراقية .
-
استعادة الأمل فى نفوس العراقيين
-
ان الشباب المنتفض يثلج الصدر
-
قدرت الشباب على تنظيم أنفسهم
-
قدرتهم على صياغة مطالبهم
وقد أوضح اليعقوبى ان الخلل فى العراق يكمن فى القيادة
وفى الأحزاب الحاكمة وطالبهم :
-
البعد عن سياسة العنف لانهم لن يهزموا شباب
يُقدِمون على الموت ويتلقون الرصاص بصدور عارية.
-
اعتذار الأحزاب والحكومة للشعب
-
إفساح المجال لجيل وطني كفوء مخلص ان يأخذ دوره
في قيادة البلاد.
وقد اتهم اليعقوبى الحكومة والبرلمان بانهم جاءوا عبر تزوير الانتخابات وان
الشعب سلب منهم صلاحياتهم ولابد من إعادة الصلاحيات للشعب مرة اخرى وان تستقيل
الحكومة ويحل البرلمان لان الشرعية سقطت عنهم بأمر الشعب صاحب السلطة .
كان هذا خطاب اليعقوبى فى 30/أكتوبر
واليوم 20/ 12
اى بعد مرور خمسين يوما من خطاب اليعقوبى خطب اليوم السيد الكربلائى ليقول
ان الشعب مصدر السلطات ...
لكن خلال الخمسين يوما كم خسر العراق من شبابه ومن أمنه ومن ثقة الناس فى
مرجعيتها او فى بعضهم البعض ...
هذه قراءة سريعة للعملية استجابة للواقع بين السيد السيستانى " حفظه
الله" وبين سماحة الشيخ اليعقوبى .
0 تعليقات