آخر الأخبار

من هي أول قيادة قادت إضراب طلابي ونفطي ناجح ؟!







من هي أول قيادة قادت إضراب طلابي ونفطي ناجح ؟!

محمد النجفى

في سنة 2004 كان هناك حراك سياسي من قبل الكتل السياسية وبضغط من قبل سلطة الاحتلال لأجل تمرير قانون إدارة العراق للمرحلة الانتقالية وكان هذا القانون فيه عدة إشكالات ووجد سماحة المرجع اليعقوبي أن الأكاديميين الذين هم النخبة غير مطلعين على هذا القانون فضلا عن التفاتهم لهذه المشكلة بدليل أنهم كانوا يتساءلون لماذا ترفضون هذا القانون وما الذي فيه[ 1 ] فأراد سماحته إحداث هزة عنيفة للضغط على سلطة الاحتلال والسياسيين أيضا وإلفات نظر الأكاديميين والناس لهذا القانون وقيام وسائل الإعلام بتسليط أضوائها عليه لأجل تغيير المواد والنقاط التي فيها اضرار لمصلحة العراق فقام بعدة خطوات منها إقامة صلاة جمعة موحدة في ساحة الفردوس لمرتين وأيضا إضراب طلابي للجامعات ليوم واحد  فكانت أول صلاة موحدة في ساحة الفردوس يوم الجمعة 12 آذار 2004 ودعا فيها طلبة الجامعات إلى الإضراب ليوم واحد فقط وذلك يوم السبت 13 آذار 2004 وقد أحدثت هذه الخطوات هزة عنيفة بهذا الخصوص وكانت من أهم المطالب الضغط لأجل الإعداد الفوري لانتخابات حرة مباشرة يشارك فيها الشعب لاختيار البرلمان والحكومة ولجنة كتابة الدستور وإجراء الانتخابات في وقتها المحدد وعدم المماطلة فيها أو خلق أجواء تعرقلها وتشكيل وزارة الدفاع لأجل تشكيل جيش وطني كفوء ..

وطالب بالاستفادة من مؤسسات التصنيع العسكري لإعادة بناء العراق حيث قال سماحته:
إنني الفت النظر هنا إلى مؤسسات التصنيع العسكري التي غيبت عن علم وعمد لأنها رمز الإبداع العراقي والقدرة على التفوق بما تمتلك من عقول كبيرة وهمم عالية، ونحن وان كنا نتألم لكون هذه المؤسسات في يد العصابة المجرمة في الزمان السابق وقد وظفها لتلبية نزواته الصبيانية وأعماله الشريرة، إلا أنها تبقى ثروة وطنية عظيمة ولكنهم لا يريدون للعراق أن يكون مبدعاً متفوقاً ولو سمحوا لها بإعمار العراق لأنجزت الأعمال بفترة اقصر وكلفة أقل جربناها في عام 1991م حيث أعيدت الخدمات الحيوية والبنية التحتية خلال أشهر رغم الدمار الذي أحدثه عدوان الحلفاء على العراق والذي استمر أكثر من أربعين يوماً وما تلاه من أحداث الانتفاضة الشعبانية المباركة وقمع قوات الحرس الجمهوري لها. ونريد الاحتفاظ بها أفراداً وشركات ولكن تحوَّل وظيفتها إلى ما فيه خدمة الشعب وهم قادرون على التكيّف بسرعة لإسداء أي تكليف يكفّرون به عن خدمتهم للنظام البائد ... 

وغيرها من المطالب ... وقد تحققت بعض النتائج[ 2 ].

والإضراب الثاني: إضراب القطاع النفطي في البصرة

وجه المرجع اليعقوبي دعوة للعاملين في القطاع النفطي في محافظة البصرة للإضراب عن العمل ليوم واحد وقد أثنى سماحته على استجابة (15) ألف من موظفي القطاع النفطي في البصرة لهذه الدعوة وأضربوا عن العمل ليوم واحد وذلك يوم الأحد 10 جمادى الثانية 1426هـ الموافق 17 تموز 2005م  بما فيه تصدير النفط وذلك حزنا على أرواح الأبرياء في المسيب وغيرها وعشرات الأطفال في بغداد الجديدة وللضغط على الحكومة حتى تقتص من القتلة الذين اعترفوا وأقرّوا على أنفسهم من على شاشات التلفزيون بقتلهم عشرات الأبرياء وقد قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ) وهو مبدأ عقلائي أطبق عليه العقلاء فإن من يريد قتل الحياة من غير ذنب لا دواء له إلا الاستئصال وهذا الموقف الضعيف من الحكومة هو أحد أسباب تمادي الإرهابيين في غيّهم وعدوانهم على الشعب وقد كان العذر أقبح من الفعل حيث قيل ان أحكام الإعدام لا تقرّها محكمة الاستئناف لأن قضاتها من الصداميين، إذن لماذا يوجد الصداميون إلى الآن في مثل هذه المواقع المهمة، وأبدى سماحته استغرابه من امتعاض وزير النفط من الإضراب ومطالبته بعدم إيقاف التصدير لأنه حرمان للشعب من ثروته الوطنية! ولا أدري ماذا استفاد الشعب في وسط وجنوب العراق من هذه الثروات التي تجري من تحت قدميه لتسرق تحت عناوين العقود الوهمية ويبقى هو يعيش الفقر والحرمان من أبسط حقوقه المعاشية، ثم هل النفط فقط ثروة وطنية أليس الإنسان خصوصاً الطفولة البريئة هي الثروة الأكبر فكيف لا تستحق التكريم والاهتمام ورد الاعتبار؟

وقد حقق الإضراب عدة ثمرات حيث أعلن قاضي التحقيق في محاكمة صدام انتهاء التحقيق وإحالته وعدد من أعوانه للمحاكمة وفصل مدير إدارة المحكمة الخاصة وآخرين منها بقانون الاجتثاث. وذكّـر المضربون أعضاء الجمعية الوطنية بهؤلاء الأبرياء فقررت توقف كل نشاطات الدولة ثلاث دقائق صمت حداداً على ضحايا هذه الجرائم. كما أن مطالبة المضربين بالتوزيع العادل للثروة ومنح محافظات الوسط والجنوب استحقاقاتها من عائدات البلاد دفعت الحكومة الى التفكير الجدي في الأمر لاتخاذ الخطوات المناسبة[ 3 ].

وبعدها تعالت أصوات السياسيين بتخصيص مبالغ مالية للمحافظات المنتجة للنفط بما يعرف بـ (البترودولار) وهو اقتطاع مبلغ مالي مقابل كل برميل يتم انتاجه في المحافظات المنتجة للنفط وقد شهد هذا المقترح معرقلات كثيرة من قبل الحكومات وبعض قوى السلطة ... .

وقد التفت القوى الخارجية المؤثرة في الساحة العراقية وادواتها في العراق (من أحزاب وتيارات) إلى خطورة تحركات المرجع اليعقوبي التي تهدد مخططاتها ونفوذها في العراق فيما لو بقى الشعب العراقي ملتف حول مرجعية الشيخ اليعقوبي أو تطبق بعض أوامره التي هدفها المصلحة الوطنية لهذا سارعت هذه القوى من خلال أدواتها في الساحة العراقية من أحزاب وتجمعات وتيارات بشن حرب شعواء ضد الشيخ اليعقوبي لأجل تشويه صورته وتفريق الناس من حوله وقد نجحت الماكنة الإعلامية والدعائية لهذه الجهات الدولية والإقليمية وأدواتها وتراجعت شعبية الشيخ اليعقوبي في تلك الفترة وتم تمرير كثير من المخططات وسيطرت هذه القوى على مقدرات البلد وتحكمت بالمشهد والقرار السياسي ...

ومما تقدم نرى بكل وضوح كيف يكون تحرك العالم العارف بزمانه دقيقا وكيف استخدم ورقة الاضراب في فترتين ونجح فيهما من دون إحداث إضرار بالشعب وكانت ضربة خبير كما يعبرون بخلاف فيما لو استخدم هذه الورقة من لا يمتلك الحكمة والحنكة والدراية والنظر في العواقب فإنه سيضر أكثر مما ينفع ويوجد مثل بغدادي لطيف يصور هذه المسألة والمثل يقول: ( عِلجِ المخَبَّل تَرِس حَلكَهَ )
وهو مثل يضرب للجاهل والأحمق الذي يريد نفع نفسه والآخرين ولكنه يضرهم ... ويظن أن الكثرة في كل شيء أمر حسن!


الهوامشــــــــــــــ

[1] من كلمة لسماحته ألقاها في وفد من أهالي المقدادية، يوم الجمعة 11 صفر 1425هـ الموافق 2 نيسان 2004. (تسجيل فيديوي)
[2] أنظر: خطاب المرحلة ج3 ص302-314، وص318-323.
[3] نشرة الصادقين العدد (28) الصادر بتاريخ 21 جمادى الآخرة 1426هـ الموافق 28 تموز 2005م.

إرسال تعليق

0 تعليقات