آخر الأخبار

العرب واليهود






العرب واليهود

د. محمد ابراهيم بسيونى
 عميد طب المنيا السابق

يجب أن نعترف أن فكرة الوطن القومى لليهود هى فكرة أوروبية بحته، كان الهدف منها التخلص من اليهود فى أوروبا وأمريكا وروسيا القيصرية وغيرها، بعد الصداع الذى سببه وجود اليهود فى بلادهم واعتبارهم أصل الشر عندهم.

ولم يكن هناك أفضل من فلسطين كمكان لإنشاء اسرائيل وتوطين اليهود فيها بعد ترحيلهم من البلاد التى عاشوا فيها قرونا.

وقد كانت فلسطين مثالية لكلا من الطرفين باعتبارها ذات وضع دينى خاص بالنسبة لليهود مما سيدفعهم للدفاع عن كيانهم الوليد بشراسة، وهو ما حدث بالفعل حيث اظهر اليهود عنفا وشراسة غير مسبوقين تجاه الفلسطنين العرب أصحاب البلاد الأصليين بعكس حالة الذل والخنوع وعدم الدفاع عن النفس التى عاشوها رغم الأهوال التى كانت تمارس ضدهم من قبل أوروبا وروسيا القيصرية.

 فنحن لم نسمع قط ان اليهود قد دافعوا عن أنفسهم ضد بطش الأوروبيين وروسيا، بل سيقوا كالخراف الى حتفهم دون ادنى مقاومة، حتى فى أشهرها الهولوكوست مع اختلافنا فى دقة البيانات حول هذه المحرقة.


ومن الغريب أن اليهود قد عاشوا ازهي عصورهم فى ظل المسلمين حيث تقلدوا أفضل المراكز وكان لهم دور ملحوظ فى الحضارة الإسلامية، ولم يسجل التاريخ حوادث ذات شان تعرض لها اليهود فى ظل العيش وسط جيرانهم المسلمين. ان العرب تحديدا وفى جملتهم ليس لهم مشكلة على الإطلاق فى التعايش المشترك مع اليهود ولا توجد لديهم كما للغرب فكرة العداء للسامية والتى هى أساس فكرة الغرب للتخلص من اليهود.


رغم ان كل العقلاء فى العالمين العربي والإسلامي وفى العالم الحر وحتى من قبل يهود داخل إسرائيل كانوا يرون الأمر على حقيقته باعتبارها صراعا بين دولة استعمارية أنشاها الغرب للتخلص من اليهود الى صراع دينى بين الإسلام واليهودية.

 وللحقيقة فان قرار ترامب الآن يصب بقوة فى صالح الصراع الدينى على كلا الجانبين ويطيح بأخر أمال القوى المعتدلة من عرب ويهود فى وضع حد لهذا الصراع الماسوى وإعطاء الفلسطينين حقهم فى دولة حقيقية. ورغم ان رغبة أوروبا وأمريكا حاليا فى تأجيج الصراع وتحويله الى صراع دينى للتخلص من العرب واليهود معا، تبدوا واضحة للعيان من قراءة التاريخ الاستعماري لاوروبا، فإنها تبدوا غائبة عن مراكز صنع القرار عند العرب واليهود، وعلى الأقل عند اليهود الذين تأخذهم النشوة بقوتهم وضعف العرب الحالى.

وهكذا يبدوا ان العرب واليهود مؤهلين تماما لعملية الإفناء القادمة التى سيكون وقودها العرب أولا، ولكن لن ينتهى الأمر حتى يتم إفناء اليهود أيضا لان الغرب لم يكن ليطرد اليهود من بلاد عاشوا فيها لقرونا ليعودوا أسيادا له فى دولة عنصرية صغيرة. ترى هل تغيب هذه الرؤية المستقبلية السوداء للعرب واليهود معا عن مراكز الأبحاث ومراكز صنع القرار لدى كليهما.

وهل يغيب عن اليهود ان قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها هو بمثابة حفر قبر لإسرائيل.

 اعتقد انه لا تغيب على الأقل لدى الدولة العبرية هذه الحقائق الصادمة عن مستقبل العرب واليهود ولكن الأخلاق التى تغيب عن أدبيات الغرب والتى أفنت من قبل أمم وشعوب وعلى رأسها الهنود الحمر كافية لحجب كل الحقائق.

إرسال تعليق

0 تعليقات