آخر الأخبار

مُقاربة ٌ منهجيَّة في بيان مَدرك حُجيَّة قول الرجالي (الحلقة التاسعة)





مُقاربة ٌ منهجيَّة في بيان
مَدرك حُجيَّة قول الرجالي
(الحلقة التاسعة)



علي جميل الموزاني


      الرأي المختار

     والذّي يترجّح عنّدي من جميع هذه الأدلة أن القول المعتمد في حجية قول الرجالي هو بناء سيرة العقلاء على ذلك وهذه السيرة منعقدة في جميع الأزمنة والأمكنة وهي العمدة في قبول قول الرجالي، ولكننا في مقام العمل بها نتحرز في شمولها لمطلق الأخبار, وإنما تختص بإخبار الثقات وأهل الخبرة والدراية في قواعد هذا الفن, ومع حصول الاطمئنان والسكون إلى خبرهم في بعض الحالات, وقريب من ذلك ما قام به النجاشي والعلامة في كتابيهما الرجاليين من ترجيحات لأحوال الرواة المختلف فيهم, ففي ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد يقول النجاشي كان في أول أمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه ثم يقول رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا، ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه(1).

      فمع اعتراف الشيخ النجاشي بتضعيف الأصحاب له إلا انه يبحث عن واسطة بينه وبينه لكي يحصل له الاطمئنان والوثوق بالنقل عنه.

      وكذلك العلامة تكرر منه كثيراً في كتابه الخلاصة الترجيح بين الأقوال في قبول الراوي وعدمه ففي ترجمة علي بن ميمون، أبو الحسن، يقول بعد نقل الأقوال فيه والأقرب عندي قبول روايته، لعدم طعن الشيخ ابن الغضائري فيه صريحاً مع دعاء الصادق (عليه السلام) له(2).

      وفي ترجمة إدريس بن زياد الكفرثوثاني يقول فيه والأقرب عندي قبول روايته لتعديل النجاشي له، وقول ابن الغضائري لا يعارضه، لأنه لم يجرحه في نفسه ولا طعن في عدالته(3).

      وفي ترجمة أحمد بن حمزة فانه بعد نقله لما رواه الكشي في حقه يقول وهذا لا يثبت به عندي عدالته(4).

      وفي ترجمة جعفر بن عفان الطائي فانه بعد نقله لما رواه الكشي في حقه يقول ولم يثبت عندي غير ذلك، والوجه التوقف في روايته(5). وغيرها من التراجم.

      وفي مجال تطبيق ذلك نقول نحن أمام قسمين:

      الأول: ما يتعلق بالتوثيقات الخاصة ومعرفة أحوال الرواة فهذا موكول بالاعتماد على قول الأصحاب المتقدمين، لأنهم ثقة وأهل فن ونظر وتمحيص ونقلهم لتلك التوثيقات بدرجة كبيرة وكثيرة منها عن حس ومعاشرة, وأما إذا ضعفوا راوٍ وصرحوا بسببه وكان هذا السبب غير مقبول لدينا رفضنا ذلك التضعيف وأعملنا المرجحات الأخرى التي تساعد على الأخذ بقوله وإمكان توثيقه.




(يتبع)


هوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- رجال النجاشي, النجاشي, ص٣٩٦.
2-  الخلاصة الاقوال, للعلامة, ص180-181.
3- الخلاصة الاقوال, للعلامة, ص60.
4- الخلاصة الاقوال, للعلامة, ص69.
5-  الخلاصة الاقوال, للعلامة, ص89.

إرسال تعليق

0 تعليقات