آخر الأخبار

مُقاربة ٌ منهجيَّة في بيان مَدرك حُجيَّة قول الرجالي (الحلقة الثامنة)





مُقاربة ٌ منهجيَّة في بيان
مَدرك حُجيَّة قول الرجالي
(الحلقة الثامنة)


علي جميل الموزاني

      وقريب من ذلك ما يراه الشيخ حب الله أيضاً حيث يقول (ونستنتج من تمام ما أسلفناه أنّ جميع النظريّات السابقة التي قدّمت لإثبات حجيّة قول الرجالي لم تسلم، والنظريّة الصحيحة في تخريج علم الرجال هي... أنّ قول الرجالي إنما يكون حجّةً من باب الوثوق وحصول الاطمئنان بمضمون قوله، فإذا شهد أو ذكر وثاقة فلان كانت وثاقته مطمئناً بها، وهكذا لو ضعّف أو حدّد الطبقة أو عيّن الاسم والنسبة، أو الكتب أو غير ذلك. والاطمئنان حجةٌ عقلائيّة، فإنّ العقلاء يرونه علماً، ويرتّبون عليه أثراً دون ردعٍ من الشارع، فيكون حجةً شرعاً أيضاً)(1). مُضيفاً بان (أشهر من ناصر ونافح عن هذه النظريّة هو المحقّق المامقاني، حيث رفض النظريّات المطروحة في هذا المضمار، معتبراً أنّ قيمة البحث الرجالي تكمن عندما يحصل منه الاطمئنان أو الظنّ الاطمئناني العقلائي الانتظامي الذي تقوم عليه بناءات العقلاء وحياتهم وأمورهم)(2).


      ويذهب الى أبعد من ذلك الملا علي كني حيث يقول بحجية قول الرجالي حتى وان كان قوله صادر عن اجتهاد أو غيره فيقول (أن الإجماع القولي والعملي على الرجوع إليهم مطلقاً هو المجوز للاكتفاء بالظن الحاصل من أقوالهم ولو كانت بالاجتهاد)(3).


      وهو مختار اُستاذه الشيخ صاحب الفصول الغروية الذي يكتفي بتزكية العدل الواحد او الظنون الاجتهادية لإثبات وثاقة الراوي (وبتزكية العدل الواحد على المشهور, وقيل بل يعتبر التعدد, ومرجع النزاع إلى أن تزكية الراوي هل هي من باب الشهادة أو من باب الرواية أو مبناها على الظنون الاجتهادية, فمن اعتبر فيها التعدد جعلها من القسم الأول, ومن لم يعتبر فيها التعدد جعلها من أحد القسمين الأخيرين)(4).

ويفتح الشيخ السند الباب واسعاً في قبول وثاقة الرواة ويتحرر من كل قيد وشرط ويتمسك حتى بالقرائن غير المعتبرة فيقول (يكفي في قرينة التوثيق كونها مولِّدة للظنّ ولو الضعيف غير المعتبر، غاية الأمر إنّه لا بدّ من انضمام قرائن أخرى تُصاعد من الاحتمال والظن إلى درجة الوثوق,... ومن ثمّ لا يقتصر في تجميع القرائن على الأصول الرجاليّة الخمسة القديمة، بل يُستفاد في تجميع القرائن على الكتب الرجاليّة المتأخّرة إلى يومنا هذا, لأنّ المدار العثور على القرينة وان كانت القرائن تختلف قوّة وضعفاً لا على قول الرجالي بما هو هو ، ولا يخفى أنّ هذا المبنى هو ما يُسمّى بتحصيل الاطمئنان والوثوق بوثاقة الراوي أو اعتبار خبره أو ما يُسمّى بمسلك تجميع القرائن أو ما يُسمّى حديثاً بنظريّة حساب الاحتمال الرياضي)(5).


      ويرى الشيخ الحرّ العاملي بان توثيقات أصحاب الفهارس الرجالية تفيد القطع لديه وليس الظن أو الاطمئنان وهي مرتبة عالية من التسليم والدفاع والحكم على صحة ما ينقله المصنفون (وأما توثيق الراوي الذي يوثقه بعض علماء الرجال الأجلاء الثقات الإثبات: فكثيراً ما يفيد القطع مع اتحاد المزكي، لانضمام القرائن التي يعرفها الماهر المتتبع فإن لكل عمل رجالاً)(5).



(يتبع)
هوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- منطق النقد السندي, حيدر حب الله, ج1, ص 152-161.
2-  تنقيح المقال, ج١, ص١٨٣, نقلاً عن كتاب منطق النقد السندي, حيدر حب الله, ج1, ص153.
3- توضيح المقال في علم الرجال, الملا على كني, ص٧٣. 
4- الفصول الغروية في الأصول الفقهية, الشيخ محمد حسين الحائري, ص٢٩٧.
5- بحوث في مباني علم الرجال, الشيخ محمد السند, ص86.
6- وسائل الشيعة, الحر العاملي, ج٣٠, ص٢٩٠.

إرسال تعليق

0 تعليقات