آخر الأخبار

مناقشة أصولية عالية : حجية العقل (7)





مناقشة أصولية عالية : حجية العقل (7)

علي الأصولى


المبحث الأول :

الاجزاء ، وهل الإتيان بالمأمور به على وجهه يقضي الاجزاء أو لا ؟
المراد من قولهم ( على وجهه ) المأخوذ قيدا في العنوان اعلاه، هو الاتيان بالمأمور على النهج الذي ينبغي أن يؤتى به شرعا وعقلا، على ما افاد صاحب العناية في شرح الكفاية ،

بعبارة ثانية الاتيان بالمأمور على نحو ما هو المعتبر شرعا كالاجزاء والشرائط وعقلا كقصد االقربة، ومن هنا تفهم بإن هذا العنوان اعم من التعبديات إذ أنه يشمل التوصليات أيضا،

ولا وجه لما قيل بأن المقصود به كقصد الوجوب ونحو ذلك وبالتالي انحصار الوجه في العبادات،

والمراد بالاقتضاء هو العلية والتأثير وهنا معقد البحث فهل العقل يحكم بأن الإتيان بالمأمور به على وجهه علة للاجزاء شرعا أداء وقضاء ام لا ؟

أو قل هل للعقل ان يلزم من اتيان المأمور به على وجهه سقوط التكليف شرعا ، فلا يحتاج المكلف إلى الإعادة في الوقت أو القضاء في خارجه أو لا  ؟

نعم على رأي أكثر المتأخرين هو إسناد اقتضاء الاجزاء إلى اتيان المأمور به لا إلى الأمر ، لأن امتثال المأمور به علة لحصول الفرض واذا حصل الفرض سقط الأمر،

إذن معنى الاقتضاء هو العلية والتأثير ولذا وضعوا هذه المسألة ضمن مباحث الألفاظ ولذا قال صاحب أجود التقريرات المحقق السيد الخوئي، ان الاقتضاء المبحوث عنه في المقام هو بمعنى العلية والسببية، ولذا نسبه المتاخرون من المحققين إلى الاتيان دون الأمر، خلافا للمتقدمين حيث نسبوه إلى نفس الأمر - أجود التقريرات ج١ –

وعليه تعرف ان المتقدمين بحثوا المسألة على أساس أن الاقتضاء عندهم يعني الكشف والدلالة لا العلية والسببية قال صاحب منتهى الأصول، ان اقتضاء الاجزاء من آثار الإتيان لا من آثار نفس الأمر، أنتهى

فأن كان الاقتضاء من الإتيان فهي علية سببية وأن كان من نفس الأمر كشفية دلالية،
الاجزاء للغة بمعنى الكفاية، والكفاية تتصور بوجهين:

الأول: إفادة الامتثال ،

الثاني: إسقاط التكليف ،

وتم تحرير الوجه الأول دون الثاني ،

إذ قالوا: لا شك في أن الإتيان بالمأمور به على وجهه لازم وها يوجب الاجزاء بمعنى سقوط القضاء - اي عدم التعبد به ثانيا إعادة أو قضاء ام لا ؟

واما الاجزاء بمعنى حصول الامتثال وصيرورته المأمور مطيعا فحصوله متفق عليه - انظر مناهج الأحكام-

ولابد من معرفة أن بحثنا ليس في مورد المرة والتكرار الذي يبحث في تعيين المأمور به اي العمل مرة أو أكثر من مرة ،

إذ أننا هنا نبحث في أصل الإتيان به هل يجزي عقلا عن الإعادة والقضاء ام لا  ؟ بعد تعيين المأمور به شرعا، على ما سوف تعرف؛

الخلاصة ، ان المسألة الأولى متكفلة لتشخيص المأمور به، وهذه المسألة- مسالتنا المبحوث عنها هنا - متكفلة لاجزاء الإتيان المأمور به وعدمه بعد الفراغ من تعيينه- أجود التقريرات بتصريف -
وكذا ينبغي أن تعرف بأن المسألة المبحوثة هنا غير مسألة تبعية القضاء للأداء، لأن مسألة تبحث في خصوص اجزاء الإتيان بالمأمور به وتلك المسألة تبحث في دلالة الصيغة على تبعية القضاء للأداء،
يبقى عندنا الأمر ونختم البحث المفرداتي،

الأمر على ثلاثة أقسام :

الأول: الأمر الواقعي الاولي ، وهو المتعلق بأفعال المكلفين بعناوينها الأولية، والأمر المتعلق بالعبادات صلاة وصوم ونحو ذلك، وهذه تسمى الأحكام الأولية ، أو الأحكام الاختيارية.

الثاني: الأمر الواقعي الثانوي ، وهو كالاول غايته وقع اضطرارا لا اختيارا كالامر بالتيمم ولمسح على الجبيرة والصلاة قاعدا ونحو ذلك ، ومع كونها أحكام ثابتة وواقعية إلا أنها وصفت بالثانوية بعد العجز عن الأحكام الأولية الاختيارية ، وكيف ما كان هي أحكام اضطرارية.

الثالث: الأمر الظاهري ، وهو أيضا متعلق بأفعال المكلفين ولا تصل إليه النوبة إلا بعد الجهل بالواقع وعدم العلم به .
وهنا تكون أفعال المكلفين مسرحا للإمارات والأصول العملية
على تفصيل مطول ذكر في مظانه .
وكيفما كان : بعد فقد الدليل الاجتهادي فما على المكلف إلا التوجه للدليل الفقاهتي أو قل يستعين بالأصول العملية لتعيين الوظيفة المجعولة للمكلف الشاك المتحير لإبراء الذمة من الواقع المجهول، وهنا قد تكون الأصول شرعية وهي المجعولة من قبل الشارع في مرحلة الشك والجهل كالبراءة الشرعية والاستصحاب والاحتياط وكذا أصالة الطهارة واصالة الصحة واصالة الحلية، وقد تكون الأصول عقلية وهي ما يحكم بها العقل في مرحلة الشك وفقدان الدليل والأصل الشرعي كالبراءة العقلية والتخيير والاحتياط ،

وهذه الأصول لا تتضمن جعل حكم ظاهري غايتها عقلية،

ولذا كان البحث عن الاجزاء ضمن الأصول الشرعية حصرا
عدا الاحتياط ، بل البحث يكون في أصل البراءة الشرعية والاستصحاب والاصالات الثلاثة، وجريانه في الأمر والنهي الواقعي الأولي والثانوي والظاهري ،

نعم وأن كان بحث الاجزاء يدخل في المباحث العقلية بلحاظ ثبوت الملازمة عقلا بين الإتيان بالمأمور به وبين الاكتفاء به عن الأمر مطلقا ، اي بغض النظر عن كونه واقعيا أو اضطراريا أو ظاهريا ،
إذن، لا بحث في الأصول العقلية لأنها وبحسب الفرض لا تتضمن أحكام ظاهرية ، حتى يمكن تصور فيها الاجزاء والاكتفاء بالمأتي به عن الواقع ولا بحث يجري أيضا في الاحتياط الشرعي ، لأن الاحتياط ناص على الإتيان بالمحتملات أو اجتنباها وما نحن فيه غير ذلك .


مناقشة أصولية عالية : حجية العقل (6)

إرسال تعليق

0 تعليقات