آخر الأخبار

مناقشة أصولية عالية : حجية العقل (6)





مناقشة أصولية عالية : حجية العقل (6)

علي الأصولي


المقام الرابع :

الآراء في الملازمة بين الثبوت والنفي والتفصيل،

استدل المثبتين للملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ( مطلقا بوجوه ) منها العقل والنقل والإجماع،

وذهب جماعة إلى نفي الملازمة ( مطلقا ) واستدلوا بالعقل  والكتاب والسنة أيضا، واختار جماعة ثبوت الملازمة في أصول الدين دون فروعه ، واختار فريق رابع ثبوتها في الضروريات دون النظريات، وتفصيل الأدلة في مظانها،

ما يهمنا والمسايرة وما اختاره أساطين علماء الأصول إذ أفادوا بأن أحكام العقل العلمي مرجعيته للعقلاء وهو مختار الحكماء، وهذا الاختيار مبني على حفظ النظام وإبقاء النوع،

وأفاد الفقيه الأصولي الشهير الأصفهاني الكمباني في كتابه - نهاية الدراية في شرح الكفاية - /ج٣/ ان حكم العقل العملي من الأحكام العقلية الداخلة في القضايا المشهورة وأمثال هذه القضايا مما تطابقت عليها آراء العقلاء لعموم مصالحها وحفظ النظام وبقاء النوع- أنتهى بتصريف بسيط،

وإرجاع هذه هذا الحكم إلى القضايا المشهورة ليس محل وفاق على ما أفاد جملة من المتكلمين وتابعهم جماعة من الأصوليين، وعلى تقرير الأصفهاني محمد حسين، تم إخراج أحكام العقل العملي من دائرة البرهانيات تبعا للحكماء،

حيث صرح بأن قضايا العقل العملي ليست من القضايا البرهانية في نفسها وإنما هي في قبالها - نفس المصدر - القضايا البرهانية منحصرة في الضروريات وما نحن فيه آراء تطابقت عليها آراء العقلاء ولا يشترط وفق مبناه مطابقتها للواقع إذ أن آراء العقلاء لا واقع لها غير التوافق،

وعلى ضوء عدم الاشتراط بين حكم العقل العملي وإصابة الواقع أمكننا التفص من إشكالية كيف يمكن أنشاء أو تأسيس مبدأ ما ، وفق ما يراه العقلاء لاحتمال اختلفتم بالذوق وتفاوتهم ذهنيا ونفسيا وبيئيا ونحو ذلك،
ووجه التفص هو عدم اشتراط بين تطابق آراء العقلاء وإصابة الواقع فتأمل،

ولكن يبقى الأشكال قائم حول تمثيل الحكم بحفظ النظام والنوع ، إذ لا نزاع وهذه العمومات بل النزاع كل النزاع وتفصيلاتها أو قل لا مشكلة باتفاق العقلاء وكبريات الأحكام بل المشكلة في أحكام العقل التفصيلية؛ على ما بينا سابقا فراجع ،

وعلى مذهب الشيخ الأصفهاني سار تلميذه الشيخ المظفر في أصول الفقه، بعد تأكيده على أن المشهورات كقضايا لا واقع لها سوى تطابق آراء العقلاء عليها،

وأفاد بقوله: ومن هنا يتضح لكم جيدا ان العدلية إذ يقولون بالحسن والقبح العقليين يردون ان الحسن والقبح هي الآراء المحمودة و القضايا المشهورة المعدودة من التأديبيات الصلاحية وهي ما تطابقت عليها آراء العقلاء بما هم عقلاء، أنتهى ، وهذه الإفادة تعني أن أحكام العقل هي اعتبارية والاعتبار حسب ما أفاد العلامة الطباطبائي في كتابه - الميزان - /ج٨/ هي دعاوى اعتقادية ومخترعات ذهنية وضعها الإنسان ليتوسل بها إلى مقاصده الكمالية وسعادة حياته، وعلى هذا تم استعراض مختصر حول أحكام العقل العملي بناء على نظرية الاعتبار،

بعد أن تبنى الأصفهاني ومن جاء بعده مسلك الاعتبار في مسألة التقبيح والتحسين، وكون الأحكام العقلية اعتبارية؛

لم يوافق السيد الصدر الأول على هذه الرؤية، إذ قال في بحثه : فإن أريد إقامة البرهان على الخلاف فمن أين يعرف حال العاقل الأول، وأنه يدرك الحسن والقبح أو لا ؟

فلعل إحساسنا بهذا الوجدان من تأثير بناء العقلاء - بحوث في علم الأصول- للهاشمي ج٤/

وعلى ضوء هذا التساؤل اعتبر الشهيد الأول البرهان هو من قبيل المصادرة على المطلوب،

وحاول الشيخ الفياض التنصل والتفص من هذا الأشكال المزعزع للبرهان المقدم على أصحاب مسلك الاعتبار،

بمفاد: أن ما نحن فيه أمور فطرية وهذه الأمور غير قابلة للتبدل وللتأثر على طول التاريخ وما ذكر من إشكال فهو خلط واضح بين أحكام التكوين وأحكام السلوك ،

#وكيفما كان : يبدو بأن أس الخلاف هو في نفس الأحكام العقلية العملية، فهل أحكامه من سنخ الإنشاء أو من سنخ الإخبار ؟

والملحوظ ان منهم من ذهب على أنها من حصة وسنخية الإخباريات اعني هذه الأحكام، وعليه يصح أن توصف بالصدق والكذب غاية ما في الأمر وقعها في أفق العقلاء بما هم عقلاء تتطابق آرائهم،

ومع عدم القول بإخباريتها فهذا يعني أنها من حصة وسنخية الانشائيات التي لا واقع ورائها، والبحث في أدلة الطرفين طويل يطلب من مظانه .


مناقشة أصولية عالية : حجية العقل (5)

إرسال تعليق

0 تعليقات